24‏/09‏/2022

إعادة التوازن المفقود وتصحيح المسار

 24/09/2022
 
بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا

بالعودة الى معطيات الساحة نجد أن القوى الشعبية المؤثرة فى الساحة التى تقارع النظام تنتمى الى مكون التغرنيجة بينما الطرف الاخر من يقع عليه الظلم اكثر فى حالة غياب تام .
قد نتحدث عن إقتراب نهاية الحرب ، بالطبع النتائج ستكون مؤلمة لكل طرف .
ما يجب أن نضعه فى الحسبان التحالف والتضامن الذى تم مع الويانى من جهة ومن جهة إنخرط النظام فى هذه الحرب خارج التراب الارترى ، ستكون إنعكاساته قويه داخل ارتريا أكثر من إقليم تقراى ما بعد الحرب .
ومن إيجابيات هذه الحرب أنها ميزت بين الصفوف وكشفت وعرت الكثيرين واظهرت المواقف الحقيقية سوا من تضامن مع الويانى او من إصطفى بجوار النظام بداعى السيادة الوطنية .
ما أود التحدث عنه فى هذا البوست الوقوف على اسباب الهزيمة النفسية والإحباط السائد وثم البحث عن كيفية إستعادة التوازن المفقود فى الساحة وذلك فى بوست منفصل.
فى الفترة السابقة جربنا مسار القبيلة والقومية وإنقسمنا على اساس المناطق منخفضات مرتفعات وايضا جربنا التكتلات السياسية والتحالفات التنظيمية ولم نجنى من كل هذه التجارب سوى الإنقسام والتشظى الإجتماعى واضفنا الى الثقة المفقودة اصلا المزيد وحصدنا المرارات وكانت النتيجة صفرية .
وفى وجهة نظرى ان غياب العنصر المسلم من الحراك الشعبي فى كل مراحل التغيير له أسباب كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
١/ منذ خروج جبهة التحرير من الميدان والتى كانت بمثابة الخلفية السياسية للمسلمين . أصاب الشارع المسلم بالهزيمة النفسية الداخلية ، ولم يستطيع قادة الجبهة إخراجنا من هذا المأزق حتى هذه اللحظة بالرغم من وجودهم فى المنفى وتم التنكر لنضالاتهم جميعا من قبل النظام .
٢ / انقسام قيادات الجبهة وإنشاء لأكثر من خمس فصيل وكل مجموعة اثنية تلتف حول القائد الذى ينتمى اليهم ، ويستمر الحال لأكثر من ربع قرن دون اى مراجعات او حوارات عميقة تتناول اسباب الهزيمة والخروج من الميدان بعيدا عن رمى الإتهام للاخر والتنصل من المسؤولية من أصحاب التجربة الواحدة فى سبيل العودة للميدان ، ساهم فى بقاء الناس تحت تاثير الهزيمة النفسية لفترة طويلة.
٣/ حركة الجهاد ورفع سقف المطالب :
خرجت حركة الجهاد وخاطبت وجدان الاغلبية وجعلت من نفسها الصوت القوى لمطالب المسلمين فى ارتريا ، وحاولت ملئ الفراغ الذى تركته الجبهة . مما دفع المسلمين للانخرط فى صفوفها بقوة ، وكان يعتقد الكثيرين انها اتت لكى تعوضهم عن الجبهة ، ووضعوا عليها آمال كبيرة ولم تستمر التجربة طويلا ، وإنقسمت الى اكثر من ثلاثة فصيل واخذت بعض الخلافات طابع من العنف ، وتركت جراحات عميقة ولم يستطيع القادة الاسلاميون تجاوز تلك المرارات ولم يستطيعوا ترميم الحركة وإعادة البريق اليها الى هذه اللحظة وكل فصيل صار يعمل بمعزله بعيد عن الاخر وقد فقد الناس فيهم الامل .
مما زادت هذه التجربة الإحباط السائد لجيل لم يكن جزء من تجربة الثورة.
٤/ محطة التحالف الديمقراطي :
عملت بعض القوى السياسية من مختلف التوجهات على انشاء مظلة سياسية وكانت هذه القوى تمثل كيانات ذات خلفيات فكرية وتنظيمية متباينة ، بالرغم من ذلك نجحت فى إقامة التحالف الوطنى الا ان هذه المظلة لم تخلوا من الصراعات والمشاكسات وكان المسلمين يمثلون فيها الاغلبية .
وان عدم تحقيق اى انجاز لمدة تتجاوز ال 13 عام فى مقارعة النظام ، جعل الجماهير تفقد فيها الأمل ، وتفقد الثقة فى تلك القوى ، وشيء فشيء صار التعاطى معها بشيء من الفتور وعدم الإهتمام وانتهت التجربة بالإنتقال الى تجربة اخرى دون الوقوف عليها بشكل جيدا من حيث التقييم والدراسة .
٥/ محطة المجلس الوطنى :
كانت هناك نقلة نوعية لتصعيد المقاومة ضد النظام واخذت طابع جماهيرى وبعد شعبي وذلك عقب خروج أعداد غفيرة من حظيرة الوطن الى المهجر وانخرطت فى صفوف المعارضة ، مما جعل القوى السياسية تنفتح أكثر من أجل استيعاب الفئات التى كان لها تأثير قوى فى الغرب عبر المظاهرات والإحتجاجات .
وتم طرح الشراكة بين التنظيمات السياسية والمنظمات المدنية وعبر هذه الشراكة تم تدشين المجلس الوطنى ، وكانت الفكرة متقدمة ومتطورة ، وللأسف أن هذا الإنفتاح كان من أجل الاحتواء وليس من أجل الشراكة الحقيقية ، وفى اول تجربة للمجلس إنتهت الشراكة بين التنظيمات والشخصيات المحسوبة على المنظمات المدنية بسبب المحاصصة . ودخل المجلس فى حالة جمود وركود لأكثر من خمسة أعوام ولم تستطيع قوى المعارضة ان تتجاوز محطة التأسيس.
٦/ الرهان الخاسر :
للاسف ان العنصر المسلم فى كل المراحل يرهان على القوى السياسية المؤطرة ويعطى قادة تلك القوى الصلاحية المطلقة للحديث حول عملية التغيير دون أن يحرك ساكنا وكأن عملية التغيير لاتعنى له شيء بينما صاحب المصلحة العليا من عملية التغيير هو الانسان الارترى قبل التنظيمات السياسية .
ان التنصل من مسؤولية التغيير ووضع كل البيض فى سلة التنظيمات السياسية ، يجعلنا فى حالة ترقب وانتظار النتائج دون اى عمل يصدر منا ، وان اى تراجع او إخفاق او تعثر لتلك القوى ينعكس علينا سلبا ويصيبنا بالإحباط ونقوم بالسخط ونعود الى الخلف كثيرا وثم يصعب علينا النهوض ومواكبة المتغيرات .
للاسف لم نرى اى مبادرة ذات طابع شعبي من قبل المسلمين تاخذ الطابع الجدي وتتجاوز القوى السياسية . بينما الطرف الآخر صوت معارضته المؤطرة خافضة وخجولة ومتأخرة للغاية ، بينما الصوت الشعبي مرتفع وذات طابع جدى فى كل المراحل ومتقدم ولهم حضور قوى فى الساحة .
٧/ المثقف ودوره الانتهازى :
اذا قارن بين نخب التغرنيجه ودور المثقفين من هذا المجتمع وبين نظائرهم من المسلمين نجد هناك فرق كبير وشاسع .
الاول بالرغم من انهم قلة يعملون من أجل نهوض وتقدم مجتمعهم بكل جد وعزم وتواضع وينخرطون فى الصفوف دون حواجز ويحفزون الشباب والنساء على العطاء ويذللون لهم كل التحديات والعقبات التى تواجههم بكل تواضع ونكران ذات بل يسعون لانجاح اى مبادرة تخرج هنا او هناك تصب فى مصلحتهم .
بينما المثقف المسلم بالرغم من كثرتهم وتنوعهم فى كافة المجالات يضع ذاته فى الاول ثم مصالح مجتمعه فى المقام الاخير بل تجده يطرح قضايا إنصرافية ويهتم بقضايا دول آخرى ويطرح نفسه كمحلل عالمى ، ويبحث عن الظهور واللمعان اكثر من العطاء والبذل ، ويفقد الى التواضع ، بل تجده يدور حول الأنا ، فإن لم تدعوه وتخاطبه بصفة الجماعة وتطلب منه المشاركة وتعطيه ما لا يستحق فلن يستمع إليك ناهيك عن الدعم والمؤازرة او وضع الآمال لانجاح المبادرات ..
فى وجهة نظرى ان هذه الاسباب وغيرها جعلتنا خارج دائرة العطاء والعمل وفى حالة انتظار وترقب لما ستؤل اليه الأوضاع ان كانت ارتريا فى حالة حرب مع دول الجوار او عن مشاركتنا فى عملية التغيير وغياب صوتنا داخل الحراك الشعبي .
فى وجهة نظرى ان إعادة التوازن المفقود وتصحيح المسار لن يكون امر سهلا .
أكاد اجزم اذا استمر الحال هكذا ولم نتدارك الامر على المستوى الشعبي ، سنكون خارج دائرة الصراع والتأثير وان الخطر قادم لا محالة .
يا اخوة علينا ان ندرك هذه الحقيقة ان هذه الحرب أتت لخدمتنا بل من محاسنها جعلت أعدائنا ينشغلون بانفسهم ويتقاتلون ..
وعبر هذا البوست اوجه نداء صادق لكل الاخوة :
نحن يجب أن نفعل شيء فى سبيل العودة والمشاركة فى عملية التغيير بشكل قوى وعلينا ان نقوم باستلام زمام المبادرة ونتحمل مسؤولياتنا ، قبل ان يستفيق الاعداء بعد انتهاء المعركة ، ويجب أن نرتب صفوفنا ونترك المهاترات ونخرج من دائرة الخلاف وان نتسامى ونعفوا وان نتجاوز عن الهنات والزلات التى تصدر من البعض ، ويجب أن نتوقف حالا من طرح القضايا الإنصرافيه التى تعمق من الخلاف بيننا .
اذا اردنا ان نتمتع بحقوقنا كمواطنين ارتريين فى المستقبل بزوال هذا النظام او من النظام القادم الذى يأتى على انقاضه يجب علينا خلق التوازن المفقود ونسعى من اجل عودة ارتريا كوطن لجميع الارتريين بالتساواى ليس فيها ظالم ولا مظلوم ..
وان لم نظهر التعاضد والتعاون والعمل فى تمتين القواسم المشتركة سوف نجد أنفسنا خارج الخارطة الارترية اشبه لحالة البدون فى دول الخليج .

ليست هناك تعليقات: