بقلم/ محمد امان ابراهيم انجبا
لقد كنت حاولت الابتعاد عن كتابة المقالات التى تتناول المعارضة الارترية لفترة ليست بالقصيرة ، امتثالا للمثل القائل " الضرب على الميت حرام " وللاسف ظللنا نتحدث بحرقة عن التغيير واحيانا يساورنا الامل ونعقد الامانى على التنظيمات السياسية التى تشكل المجلس الوطنى والتحالف الديمقراطي في كل يوم تشرق فيه الشمس ، فصرنا اشبه كالذى ينتظر سحب الصيف الداكنة لكى تمطر، واعتقد الحديث عن المعارضة الارترية لا يجدى نفعا ولا يعدو سوى البكاء على اطلال وجهات سياسيه انطفأ بريقها ولم يبقى منها سوى المسميات وتشرف عليها قيادات كان لها اصداء طيبة فى الماضى ، ولم نعد نتذكر منها شيء سوى تلك الاحداث التى نقلت الي مسامعنا ، واذا اردنا حقا ان نصنع المستقبل يجب علينا ان لا نلتفت للماضى كثيرا الا اذا اردنا منه استخلاص الدروس والعبر فتلك القيادات تتمثل قيمتهم فى ما ضيهم وليس فى حاضرهم .
فان غياب الرؤية وضياع البوصلة وتوهان المسار السياسي ظل يلازم قيادتنا السياسية وواجهتنا التى تتخذ من اديس ابابا مقرا واقامة دائمة لها ، فتهدر الوقت فى خلافات وصرعات لا تتصل بالواقع بشيء وتعمل دون نتائج تذكر ، اضاعت اربعة سنوات من عمر المجلس الوطنى فى قضايا لا ترتقى ان نطلق عليها مسمى التغيير وكانت كفيلة باسقاط انظمة وليس نظام متهالك كالذى يتقلد الحكم فى اسمرا ، للاسف الجماهير الارترية تتوقع منها فعلا ما ، بينما هى تتوغل فى وحل الخلافات ذات الطابع الشخصى !!!!..وتفقد ما بيدها من اجل ان تكسب عصفور فى رحم الغيب ؟؟؟ وتنتهى من حيث بدأت وتظل تدور فى حلقة مفرغة لا انتاج ولا عمل ولا حصاد سوى انتظار الاقدار دون عمل او حركة تذكر !!!
فما الفرق بين تلك القيادة التى تتربع فى مقر الاقامة باديس ابابا والاخريين الذين يقبعون فى المنازل والبيوت ؟؟ .
ما هى الاسباب التى جعلت المجلس الوطنى يتعطل ويصل الى مرحلة الجمود ويعجز القائمين عليه من الوصول الى المؤتمر الثانى ؟ ، هل قيادتنا السياسية التى تقف على راس المجلس الوطنى واللجنة التحضيرية تمتلك الجراة وتتنحى عن مسؤولياتها لانها فشلت فى مهمتها للوصول الى مؤتمر وطنى جامع دعك عن تغيير النظام وجلب الديمقراطية ايا كانت الاسباب والمبررات هل تستطيع فعل ذلك ؟؟ فان عدم الوصول الى توافق سياسي واضح المعالم ويلبي رغبات الجماهير الارترية حول المؤتمر الوطنى الجامع بعيدا عن المحاصصة السياسية وتوزيع النسب وخلق صراع من اجل ضمان حضور فى النسخة القادمة للمجلس الوطنى ، فان لم تستطيع ان تفعل ذلك فهذا يعد فشلا سياسيا ذريعا ويستحق الاعتذار والتنحى والابتعاد عن الشأن العام ؟. فكيف لقيادة سياسية تتحدث عن التغيير وهى لا تستطيع ان تجد مخرجا لازمة تختلقها بنفسها وتتوغل فيها وتعجز عن تحقيق الاتيان بحلول تتخطي بها الازمة الحالية ؟؟!!! . لم نعد نحلم بالتغيير والديمقراطية التى يتغنون بها فقط نتسائل هل يستطيعون ان يوصلونا الى مؤتمر جامع ويحافظون على تلك المظلة من الاندثار والزوال والتى من صنع ايديهم ؟؟؟!!! ..
بالله تخيلوا معارضة تدعى عمرها ثلاثون عام تنتظر الدعوة من جهة وليدة حديثا وغير واضحة المعالم ان كانت حزبا سياسيا ام منظمة مدنية اقطابها خرجوا من رحم النظام قريبا عهدهم فى الديمقراطية كالمبتدئ اى تلميذ فى الصف الاول اعدادى الا انهم صاروا الان عرابي الساحة دون منازع ومهندسي التغيير الديمقراطي ويقدمون وصفات سياسية دسمة لمشايخ واساتذة المعارضة الارترية عجبا لقيادة لم تتعظ من ماضيها ولم تستطيع ان تقراء حاضرها وتعد لمستقبلها ، بالامس استفادت الجبهة الشعبية من اخطاء جبهة التحرير الارترية وهاهم اليوم صقورها يتمثلون فى المدرخ يهندسون ويرسمون ملامح وايطار جديد للمعارضة الارترية ويستفيدون من صراعاتها التى اقعجتها فى المربع الاول لعشرون عام وما يزيد ، وللاسف تنتظر اقطاب المدرخ الذين كانوا يشكلون رمح النظام وادواته القمعية بان ياتوا لهم بالحلول السحرية وان يخرجوهم من مأزقهم السياسي !!!! فصارت الصورة مقلوبة !!! قيادة تتهافت لحضور سمينار وتتباكى على عدم الدعوة وتعجز لاقامة سمينار مثيل ، والطرف الاخر ينطلق من محطة الى محطة ويرتب وينظم سمينارات ويقوم بالدعوة لهذا وذاك ولاسيما لتلك التى كانت تدعى انها صاحبة القدح المعلى ؟؟؟ بالامس القريب كانت هناك اصوات تدعو للمحاسبة والقصاص واليوم تبحث عن دفئ وحضن من كانوا يصفونهم بالمجرمين من اقطاب المدرخ المملؤ بالدولارات وتتمايل معها اينما حلقت وطارت من فرانكفوت الى نيروبي وثم تنتظر ماذا عساهم ياتوا من اديس ابابا !!! .
اعتقد المشكلة التى تواجه معارضتنا السياسية لا تعلم نقاط الضعف والقوة لديها ، مما يجعلها لا تستطيع بان تاتى بالحلول الناجعة لتلك التحديات التى تواجهها بين الفين والاخرى !! للاسف العقبات التى تواجه معارضتنا الارترية لم تكون وليدة اليوم او حديثة عليها وانما هى ازمات قديمة متجددة ومتكررة وتعيد انتجاها ذاتيا بشكل مستمر مما يجعلها اسيرة لافة الاتكال والاعتماد على الغير ؟ ...
على سبيل المثال تشتكى من عدم الدعم وشح التمويل !! هل قامت بتأطير الجماهير وخلق جسور بينها وبين الجماهير الارترية التى تمثل السواد الاعظم لمقاومة النظام الدكتاتورى ؟ هل لديها استراتيجية واضحة فى هذا الاتجاه لكى تعتمد على الدعم الذاتى وتبتعد عن الدعم المشروط وتطلب من الدولة المضيفة اتاحة اراضيها فقط لا غير ولا تريد اكثر من ذلك ؟؟ .
لقد تابعنا عن سمينار فرانكفور وما صاحبه من ضجيج وهتافات واتهامات واصدار بيانات داعمة واخرى معترضة فشهدنا ثورة قوية عبر الاقلام التى جفت احبارها من البكاء والانين وانطوت فرانكفورت ولم نرى لها اى اثر سوى تعليقات وبوستات عابرة ، وما ان مكثنا اياما معدودة تابعنا ملتقى نيروبي والدعوة اتت من قبل السيدة مدرخ حديثة الولادة التى شقت لنفسها طريقا وسط ركام معارضتنا المحترمة ومجلسها المؤقر !!! فصارت الساحة تمجد وتهلل وتسبح وتحمد السيدة مدرخ ، فمعارضتنا صارت كالفلاح الذى ترك مزرعته واشترى دجاجة ايمانا منه انها تبيض ذهبا !! حقا سيطول انتظار الفلاح حتى تبيض له الدجاجة مجلسا اثيوبيا او تحالفا نيروبيا !!! .
واثيوبيا تنظر من النوافذ الخلفية لنيروبي وتطلب من الدجاجة التى داخل قفصها بان تعلن المقاطعة وتتخذ موقفا صريحا من ذلك الملتقى ، ودجاجتنا الحبسية التى لا تملك لا حولة ولا قوة ما عليها الا ان تبصم بالعشرة وتؤكد ما يطلبه الراعى والممول وتخرج ببيانا ممهور باسماء تلك القوة وتعلن المقاطعة .
والسيدة مدرخ الطفلة النجيبة الطالبة بالصف الاول بعد ان خلصت من الحصة السياسية فى نيروبي تنطلق الى اديس ابابا وبيدا ملفات تميل الكفة وترجحها وولم تتوقف على ذلك بل تسحب البساط وتحقق انتصار باعتراف شرعى من قبل الجميع دون دفع اي ثمن !!!! وفرضت نفسها ووجودها كلاعب اساسي فى الساحة ، لقد كانت خطوة المناورة فى نيروبي مثمرة و كافية للجلوس مع اثيوبيا فى طاولة تنتزع عبرها الاعتراف وتمنح الاهتمام السياسي الزائد وتستمع لها ماما اثيوبيا بانصات وان كان حديث السيدة يندرج فى خانة المزايدة السياسية والكسب الاعلامي وليس الا ، طرح قضايا لا تعد من اولويات التغيير ، مما يجعل اثيوبيا تنحنى لهذا الوليد الذى فطمت من اجله المعارضة الارترية التى لم تعد قادرة على الحبي ولم تصل لمرحلة المشي بالرجلين بعد ، فحقا من يحترم ذاته ويعرف مدى قدراته ويتسلح برصيد كافى من الارادة ويستطيع ان يقراء الواقع ويستفيد من دروس التاريخ ولا ينتظر الرحمة والشفقة من احد ، فيشق لنفسه طريقا معبدا بالكبرياء والشموخ ويجعل الاخريين ينزلون لرغبته وان قل حجمه وتعداده ..........
وثم ماذا بعد لقاء مدرخ مع المضيف وصاحب الدار الذى قام بتفطيم المعارضة مبكرا لدواعى غير واضحة ؟؟ فانها مهزلة سياسيه بامتياز حقا انا اكتب هذه الاسطر واشعر بالغثيان واتألم من وضع المعارضة والموقف المحزنة والمخزية التى تستدعى الشفقة . فان المعارضة الارترية صارت مجردة من قواعدها وبعيدة عن المدى الشعبي وفقيرة سياسيا لا تمتلك الغطاء الذى تسوق نفسها عبره مما يجعلها تتعرض للابتزاز وتتخذ من قبل الاخريين جسرا ومعبرا ...
فالى متى تظل المعارضة الارترية يدها سفلى وتنتظر الرحمة من ماما اثيوبيا وتطلب السخاء السياسي من مدرخ حتى يقيها من جمودها وتهروب باشلاء وركام المجلس عبر حقائب الزكريات المريرة والاليمة التى تطادرها وتنتقل بها من فرانكفورت الى نيروبي وثم تنتظر ما يتمخض من لقاء مدرخ بالقيادة الاثيوبية حتى تتخلص من الم المخاض فى احد المحطات القادمة وترمى بحملها وراء ظهرها !!!!!!!!!!!!!!!!!!..
فى الختام التحية لثورة 21 يناير والمجد والخلود للشهيد سعيد على حجاى الذى كان مثالا للتضحية والفداء ونحت اسمه فى سجل التاريخ ....
............ لا ضاع حق وراءه مطالب ................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق