لقد اشار الاستاذ
االمناضل ابراهيم قدم الصحوة المبكرة للمسلمين الارتريين ترجع الى اللغة العربيه
ودروها الكبير وذلك كان يتمثل فى متابعة اخبار الثورات عبر المحطات الإذاعيه ، وايضاً
الحدود التى تربط ارتريا بالسودان ومتابعة لما يجري فى الساحه السودانيه من
حركة الخريجين ومطالبتهم بالاستقلال, وبالمثل كنا نتابع ما يحدث فى مصر وثورة 23
يوليو 1952 والاجواء الايجايبه التى خلقتها فى افريقيا وكانت بمثابة نبراس يهتدي
بها الثوار الافارقه ودفعتهم الى نيل
الاستقلال فى بداية الستينايات. برغم من اختلافنا واتفاقنا مع مخرجات نتائج ثورة
23 يوليو ولكن الاهداف كانت تعبر عن وضع عام مثلا ازالة الملكيه وتوزيع الاراضى .
وبالعودة الى اللغة
العربيه ودورها فكان الشارع الارتري يتابع صوت العرب عبر المحطات الاذاعيه حتى كان
يتعرف على اشهر الاذاعيين ومقدمى البرامج ومنهم احمد سعيد ، واى خبر من هذه المحطات ينتشر بسرعه وتتناقله
الناس فى الاسواق . وهذا يؤكد على ان الوعى المبكر للمسلمين يعود للغة العربيه ومدى صلتهم بها ولم ياتى من
فراغ ، وبينما الاخوان التقرنيجه لم تكون هناك محطات اذاعيه بهذا المستوى يستمعون اليها
، واردف قائلا: فى وقت متاخر عندما كنا فى الثانويه اتذكر بما قامت به السلطات الاثيوبيه اى بتوزيع مكبرات صوت احداهما فى سوق اسمرا والثانى
امام البرلمان الارتري شارع الملك وكانت تعمل فى يوم السبت او الاحد وكان يتعلق
بالفنانيين الاثيوبيين فقط ، وبالتاكيد هذا لايتيح لكى يوسع الانسان مداركه .
وبعد ان تم ربطنا
فدراليا مع اثيوبيا دون رغبتنا كان هناك مخطط لتقسيم ارتريا الى شقين شق من يبتدأ
من علا برعد وما فوق اى المرتفعات والساحل واقليم دنكاليا حتى تكون الموانئ
البحريه تبعا لاثيوبيا والشق الاخر يبتدأ
من عيلا برعد وما تحتها اى الجزء الغربي لارتريا ودمج جزء من شرق السودان وتسمي دولة البجه ،
فعلا كانت تحاك مؤامرت رهيبه ولكن القوى الوطنيه الارتريه تصدت لهذه المخطاطات
وعلى راسهم القائد ابراهيم سلطان ، وكانوا البريطانيين يفكرون فى عدم استقرار
المنطقه وان تعيش فى صراع ابدي وذلك بتكوين
دولة البجه. وفى العام 1947 عقد اجتماع مع العمد والمشايخ وزعماء القبائل فى مدينة
أروما وكان جزء من المخطط وبرفض القوى الوطنيه فشل ذلك.
وعلى الصعيد الاخر
حزب الانتدنت كان يطبل للانضمام مع اثيوبيا وذهبوا على حسب التقسيم المخطط اى
لتكون المرتفعات الشرقيه حماسين وسراي واكلى قوزاى ودنكاليه وجزء من الساحل وسمهر
ينضم الى اثيوبيا .. وكان هناك استفتاء بهذا الخصوص ووقف على هذا الاستفتاء حزب
الانتدنت وكان يجوب كل مناطق ارتريا اى ريفها ومدنها وطوع النتيجه لصالح الانضمام
، وربما كانت الاصوات تتساوى اذا كان هناك انصاف
ولكن يظل ذلك مجرد شعور وإحساس فقط .
وللاسف كان الصوت
الطاغى هو صوت مطالبي الاستقلال ولكن تطويع النتيجه من قبل الدولة التى لها اطماع
فى ارتريا وعلى راسها امريكا ذهب الامر على عكس رغبة الارتريين ، و تتمثل مصلحة
امريكا بان لها قاعدة جويه فى اسمرا ( كانيواستيشن
)اكبر قاعدة استخبارية ولمتابعة المنطقة وادارة الحرب الباردة منها برغم انها كانت
تشعر بالانتصارعلى النازيه والفاشيه اى اليابانيين ، ولهذه الاسباب تم دمج ارتريا
باثيوبيا قسرا. وما هو مستغرب ان دولة قبعت تحت الاستعمار لمدة ستون عام تحت
الايطاليين ومن ثم عشرة سنوات تحت الانجليز وذلك شكل نوع من الوعي ويتم دمج ذلك
الشعب مع شعب يرجع الى القرون الوسطي ، وبما ان هذا الوعي كان يمثل هاجس
للاثيوبيين حتى لا ينتقل هذا الوعي الى داخل اثيوبيا. وبدأ النظام الاثيوبي يفهم
ان هذا الشعب يستطيع ان يرفض وجودهم فى ارتريا ويثورعلى هيلى سلاس وبينما كان
الاثيوبيين لا يستطيعون رؤية وجهه ناهيك بان يثور عليه . وثم انتقل هذا الوعى الى
داخل اثيوبيا وتمثل فى حركة الوعى فى جامعه اديس و( إي بي ار بي) وجبهة تحرير
تقراي ومن ثم الجبهة الشعبيه لتحرير تقراي
( الويانى ) اى النظام الحاكم .
وفى عام 1958 م قام الاثيوبيين بإستبدال العلم الارتري
بالعلم الاثيوبي حتى يشيروا الى ان هذه
الدولة تتبع لهم وصولا الى العام 1962 م لدمج ارتريا وإلحاقها باثيوبيا رسميا ، كنت
فى حينها بالابتدئيه والوسطى وفى نهاية هذه الاحداث كنت بالصف العاشر باسمرا .
وحينها قامت اثيوبيا
بجمع البرلمان قسرا لكى يتم التصويت لصالح الاندماج وفرضت عليهم الحصار واجبرتهم
على التصويت ( تلى عقوبيت ) وفى الاخر سقوه من نفس الكأس. وكانت نهاية الفدراليه فى
العام 1958 م ولم يكون الشعب الارتري مستعدا لهذه النهاية . وفى14نوفممر 1962 كان
اليوم الاسود للارتريين بإنضمام ارتريا الى اثيوبيا . ولكن القوى الوطنيه التى
كانت تتابع تلك الاحداث كانت تري ان الامور لم تكون على مايرام ونتيجه الاستفتاء الفاصل والمحك كان ام الاندماج وام الانفصال عن اثيوبيا.
ومن كان يطالب
بالاندماج 1952 احسوا بالخطا لما كانوا يعتقدونه سينالون كل الامتيازات بالاندماج وبرغم
انهم كانوا اصحاب النصيب الاكبر فى العهد الفدرالي .. لقد ذكرت انفاً كان( نقا )
منسق بين القصر وحزب الانتدنت ووفقاً للاتفاق الفدرالي كان كان ممثلا للامبرطور ويترأس
الحاكم فى اسمرا .
وفيما بعد انتهى عهد ( دنكاقوى ماساي ) و( ابي ابيبي )
لكى ياتى عهد السيد سيئ الصيت ( اتكاسه ) الذى قتل وحرق الشعب الارتري وكان حاقد
عليه . لما كان يعتقده ان الارتريين المجندين مع ايطاليا قتلوا اباه بينما كان اباه
احد الرؤساء فى قوجام وقتلته ايطاليا.
هذه الصورة الغاتمة أدت
الى ميلاد حركة تحرير ارتريا ، صحيح
ميلادها كان فى بورتسودان بقيادة المرحوم المناضل محمد سعيد نادو ، ولكن سريعا الشارع
الارتري إلتف حولها وشريحة المعلمين والاساتذة كما اسلفت هم اول من التحقوا بها ،.
لقد مرت الساحه
الارتري بمرحلة سيئه وكان ذلك نتيجه الانقسام بين الكتله الاستقلاليه وحزب
الانتدنت ، وهذا الانقسام ترك اثار سيئ
وغرس عدم الثقه بين الطرفين ، وكان هناك اتهام للطرف المسيحي للانضمام الى اثيوبيا
. بينما هذا الاتهام عاري من الصحه اذ نجد
كثر من المسيحيين كانوا جزء من الكتل الاستقلاليه . وممثلين فى رأس تسما
وبعض من الاحزاب الصغيره مع الرابطه
الاسلاميه بينما كانت الرابطه اكبر الكتل الاستقلاليه . طوال العشرة سنوات التى
كانت تقبع ارتريا تحت الفدراليه كان المستفيد الاكبر حزب الانتدنت وقد خلق حالة توتر وخوف للاخر
، وايضا الكنيسه الارثذوكسيه كان لها اثر
كبير فى تسميم الاجواء لانها كانت امتداد للكنيسه الاثيويبيه وكانت تهدد الافراد
بخروج من الدين وعدم التواصل معهم فى كل مناحى الحياة اذا ثبت اتصالهم بالكتل الاستقلاليه.
، ألا ا ن حركة تحرير
ارتريا ساهمت فى انتزاع فتيل التوتر فيما بعد والتحق بها الارتريين بمختلف
انتمائتهم الفكريه والسياسيه والدينيه وانهت
حالة الانقسام فى الساحه .
ومن الايجابيات التى
حققتها حركة تحرير ارتريا استطاعت ان تخترق الحدود الوهميه التى كانت بين
الارتريين وجذبت كل الاطراف للعمل فى اطار واحد وتجاوزت المشاحنات والتراكمات التى
خلقها الامبرطور وحزب الانتدنت . وبرغم من
ذلك التكتيتك والوسيلة التى نهجتها كانت خاطئه اى كان التفكير فى الانقلاب من
الداخل لذلك قاموا بتجنيد البوليس والاداريين
ولكن هذه الوسيله تظل قاصرة مع وضعنا فى ارتريا مع وجود الجيش الاثيوبي فى ارتريا.
بالتاكيد اذا كنا انتظرنا لكي تقوم الحركة بالتحرير لما كان الامر هكذا.
لقد تاسست حركة تحرير
ارتريا فى 1958 م وفى خلال سنوات محدودة وصلت
الحركة لكل اراضى ارتريا من صنعفى وعدي
قيح الى ام حجر ومن قرورة الى عصب برغم من
التحديات التى واجهتها ، فى تلك الحقبة كانت القاهرة ملجئ للارتريين السياسيين وعلى
رأسهم الشيخ ابراهيم سلطان والشيخ ادريس محمد ادم والسيد ولدآب ولد ماريم والاستاذ محمد صالح محمود الصحفى الذى كان يعمل
بجريدة إيطاليه والشيخ ادم ادريس نور والسيد سقاي كحساي. كما اسلفت مصر حينها كانت
بؤرة ثوريه فى المنطقه ، فى تلك الفترة الطلاب الارتريين نظموا انفسهم واتصلوا بالقيادات السياسيه وفيما بعد اسسوا جبهة
التحرير الارتريه وأوائل الذين تنادوا لتاسيس الجبهة المرحوم محمد صالح همد والمرحوم
طه محمد نور والمرحوم ادريس عثمان قلايدوس والاخ ادم محمد على أكتى والاخ محمد عمر عنطته والاخ عبد الحميد سعيد ناصر والاخ الشهيد ابراهيم ادريس الملقب بي
بليناي والاخ الشهيد سعيد حسين . فان الشهيد
سعيد حسين يستحق مساحه اكبر ووقت اكثر لقد كان مقاتلا فى حرب السويس 1956 قبل
تاسيس جبهة التحرير وكذلك ساهم فى تاسيس الجبهة وقد قام بعملية فدائيه فى مطار اسمرا
1962م وفى تلك العمليه تم القبض عليه وطالت اقامته فى السجون الاثيوبيه .
ثم فيما بعد تم
الاتصال بالشيح ادريس محمد ادم واسسوا برئاسته جبهة التحرير الارتريه .. ومعظم المؤسسيين
كانوا اعضاء فى حركة تحرير ارتريا . وفى اعتقادى تكتيكات حركة التحرير لم تكون
مقبوله لدي مؤسسسي جبهة التحرير وكان هناك اصرار على الكفاح المسلح والمواجه وترسخت
لديهم قناعات بان اثيوبيا لاتفهم سوي لغة السلاح والعنف وايضا الارتريين الذين
كانوا بالجيش السودانى متابعين للحراك فى ارتريا وهم أول من لبي نداء الثورة
وكانوا دعامة للجبهة التحرير وإلتحاقوا بالشهيد حامد ادريس عواتى ، وقد صادف
انطلاق جبهة التحرير الثورة الجزائريه
التى كانت فى قمة اداءها وبريقها فى
مواجهة الامبراطوريه الفرنسيه التى استعمرت الجزائر لمائه وخمسون عام وكانت قوة
دفع لحمل السلاح ومواجهة المستعمر الى ان
ادى اعلان ميلاد العمل المسلح بقيادة الشيهد حامد ادريس عواتى برغم من محدودية
الامكانيات ثقتهم فى الله وفى تماسكهم
وإلتفافهم بالشهيد حامد ادريس عواتى تم
اطلاق الشرارة الاولى فى جبل ادال التاريخي وكان ميلاد جبهة التحرير الارتريه .
لطول المقال نتوقف
هنا ونحاول ان نكمل ماتبقى عبر مقال اخر اذا مد الله فى الاعمار
فريق المنبر الارتري
للحوار الحر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق