بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
الحراك الشعبي:
لا شك أن الحراك الشعبي هو حراك جماهيري جاء كرد فعل مباشر على الظلم والإنتهاكات التي مارَسَهَا نظام أسمرا على مدى عقود ، والتي تضمَّنت الإعتقالات وممارسات الإخفاء القسري للعلماء والمشايخ والسياسيين وأصحاب الرأي والفنانين . وكان آخرُ المعتقلين الشيخ آدم شعبان الذي اعتُقِل وأُخفِي قسريًا ، وأُغلق معهد قندع لتحفيظ القرآن الكريم الذي كان يديره.
إنطلقت الإحتجاجات من لندن لتشمل لاحقًا العديد من الدول الغربية ومختلف القارات ، حيث تسودُ أجواء الحريات التي تضمن حقّ التظاهر السلمي والتعبير عن الغضب.
تهديد إثيوبيا لإريتريا :
مع إنطلاق الحراك الشعبي الإريتري، الذي عبَّر عن رفض المساس بالرموز الدينية والمؤسسات الدينية ، تفاقمت الأزمة القائمة بين اثيوبيا واريتريا بشأن جملة من القضايا الخلافية وإشتعلت الحرب الكلامية ، وتلوح في الأفق ، نذر حرب بين البلدين.
السؤال المطروح: هو كيف تُبنى علاقات الدول مع بعضها البعض ، ومع ألأفراد ، ومع الكيانات المعارضة؟
علاقة الدول ببعضها البعض :
العلاقات بين الدول تقوم عادةً على المصالح المشتركة ومبدأ الإحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين. أما الحالة الإرتيرية-الإثيوبية فتختلف: كل طرف يسعى لتكوين كيانات موالية لها بهدف تُقوِّيض الآخر من الداخل.
النظام الإريتري له خبرة في هذا التكتيك، ومن ثمّ يخشى الناس التعامل مع إثيوبيا . لاسيما إن الأنظمة الحاكمة في إثيوبيا تنظر إلى إريتريا بعين الأطماع أكثر منها بمنطق المصالح المشتركة أو التعاون التنموي.
علاقة الدول بالمعارضة السياسية :
حين ينشب صراع بين دولتين ، قد ترعى كل دولة منهما معارضة الدولة الاخرى ، بغرض إضعافها او تقديم التنازلات أو الإطاحة بها. تتفاوت هذه الرعاية بحسب الأطماع والأهداف: فبعض الدول تخلق كياناتٍ هزيلة موالية لها لتسهيل إبتلاعها لاحقًا بعد استنزافها او بعد استنفاد أغراضها . فإذا كانت العلاقة غير متوازنة بين الدولة المضيفة والمعارضة ، تصبح المعارضة طيعةً بيد الدولة الراعية لتنفيذ مشاريع مشبوهة.
ومن هنا ينبع التخوّف من إثيوبيا خاصة بالنظر إلى تصريحات بعض قادتها العلنية والتي تكشف عن أطماعها صراحة و التوسع على حساب ارتريا . ان هذا التخوف لم ينبع من فراغ بل هو حقيقي ويهدد وجود الكيان الارترى ومستقبل الوطن .
علاقة الدول بالشعوب والأفراد :
تلعب الشعوب دورًا مهمًا أحيانًا في رأب صدع العلاقات وإصلاح ما أفسده الحكام عبر النشاط الثقافي او الرياضي او الاجتماعي — وهذا ما يطلق عليه ب «الدبلوماسية الشعبية».
أما عن علاقة الدول بالأفراد فغالبًا ما تكون تتسم بالإنتهازية وإستغلال الفرص: حيث يُستخدمُ الأفراد مقابل حاجتهم للمال أو طموحهم المفرط ، وقد يُستغلّون كأدوات لتمرير أجنداتٍ خفية. لذلك لا يستبعدَ إمكانَية إستخدام إثيوبيا لبعض الأفراد والكياناتٍ لتمرير أجندتها.
المسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه شعبنا ووطننا تفرض علينا الحذر في التعامل مع الجانب الإثيوبي — سواء كنا جماعاتٍ أو أفرادًا.
اما بخصوص زيارة بعض الشباب إلى إثيوبيا مؤخرا.
قبل اللجوء إلى الاتهامات المتبادلة، من حقِّ الناس أن يتساءلوا عن مغزى الزيارة، وهل صدرَ عن الزائرين أيُّ تصريحٍ يوضح هدفهم ونتائج زيارتهم؟ هذا سؤال مشروع ولا يعني اتهامًا مسبقًا؛ ومن غير العدل إدانة أحدٍ دون دليل او اثبات . وينبغي على الذين قاموا بالزيارة ، التوضيح عن غرض الزيارة ونتائجها، خاصة بعد اللغط الذي ساد في وسائل التواصل الإجتماعي. كما أن الحراك لم يتشكَّل بعد رسميًا ولم تُعَيَّن جهةٌ تمثِّله حتى الآن ، فلا ينبغي الحكم على الحراك بالنهاية قبل ولادته .
هل الحراك بحاجةٍ لعلاقات مع دول الجوار — مِن ضمنها إثيوبيا — الآن أو مستقبلًا؟ وما طبيعة الحراك الذي نحاول بناؤه لضمان إستمراريته ؟ هل نسعى لحراك ذي بعد شعبي محض ؟، هل لمصلة الحراك أدلجته وتحويله الى إطار سياسي ؟ أم أنه جسم مدني مفتوح لكل من أعضاء الأحزاب السياسيه والمستقلين؟
أعتقد أننا بحاجة إلى نقاشٍ عميق حول أهداف الحراك وآلياته، والوقوف على طريقة التأطير والتنظيم ، ومعرفة وجهته والدور المنتَظَر منه.
...... لا ضاع حق وراءه مطالب ....

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق