بقلم الكاتب / محمد رمضان
إن
الأنظمة الحاكمة وإن أختلفت فى طريقة إدارتها للدولة وتفاوتت درجة إعمال العدالة
والمساواة بين مواطنيها، وتعاملت بحكمة مع محيطها فى إطاراٍ من المصلحة النسبية
لشعبها ووطنها،وحافظت على السيادة الوطنية نسيجاً إجتماعياً وحدوداً جغرافيةً ، تكون
بهذا أقرب لتمثيلها لشرعية الدولة والوطن بغض النظر عن مستوى العدالة فى الدولة
والحقوق والمساواة ويمكن قبول هذه النظرية على إعوجاجها وقصورها بدول العالم
الثالث والمقصود بالشرعية هنا شرعية التعامل مع النظام الذى يُدير الدولة ، لكن
وعلى النقيض من ذلك حين يُفكك النظام مؤسسات الدولة ويُهجر سُكانها ويكون عامل عدم
إستقرار لدول الجوار بل ويكون محور مايبنى عليه النظام للبقاء فى السلطة هو خلق
الصراعات والبحث عنها وهو ما ينطبق على نظام الحُكم فى بلدنا أرتريا! فوفقاً لذلك تسقط
شرعية نظام الحُكم بأسمرا ويكون غير مؤهلاً ليكون مسؤولاً عن شعبٍ وأرض ومُمثلاً لدولة!
ونظام أسمرا سقطت شرعيته الثورية التى أكتسبها
الحزب الحاكم (الجبهة الشعبية ) بتحريره كامل التراب الوطنى يوم أن أعتقل أفورقى
(15) قيادياً مرة واحدة عام 2001م بينهم الرجل الثانى فى الدولة السيد(محمود
شريفو) ووزير خارجيته دكتور(هيلى ولدى تنساى) والسيد(بطرس سلمون ) الذى تقلد
وزارتى الدفاع والخارجية وقد تم إعتقالهم فقط حين طالبوا بتفعيل مؤسسات الحزب
وتفعيل الدستوروبناء مؤسسات الدولة! لم تُوجه لهم تُهمة ولم يتم تقديمهم لمحاكمات
بل لا يعرف أحد مصيرهم حتى اللحظة !!
وحتى
لايعتقد القارىء الكريم بأننا نُطلق التوصيفات جُذافاً نقول بأن ارتريا لايوجد بها
قانون ولاقضاء ولاميزانية ولابرلمان ولايعرف المواطن كلمة إنتخابات أو أحزاب!
فأرتريا بلدُ يفر منه الوزراء والسفراء ولاعبى كرة القدم والطيارون والقادة فضلاً
عن الجنود الذين يهربون يومياً زرافاتاً ووحدانا للسودان وأثيوبيا ! ويمكن للقارىء
التقصى من واقع البلد وحقيقة النظام الذى
لامثيل له فى البلطجة والهمجية والقمع!
وعبر
مقالى سأتناول الصراعات التى خلقها النظام مع دول الجوار والصراعات الأقليمية التى
يستدر منها الدعم والسند فقط ليستمر دون أية مراعاة لنتائج ممارساته تلك على
البلاد والعباد،
ويأتى
اللعب على التناقضات الإجتماعية والدينية فى قمة ممارسات النظام السالبة حيث يعمل
جاهداً لخلق فجوة بين التكوينات الأرترية كإستخدام العامل الجغرافى والدينى لتأجيج
الصراع بينهم وأخرها كانت توصيف النظام للمحاولة الإنقلابية التى قامت بها مجموعة
من قياداته العسكرية فى 21 يناير 2013 بالعمل الإرهابي وأن من قام بها مسلمون مع
أن المشاركين فيها والمخططين للإنقلاب من كل المكونات الأرترية وكانت حركة وطنية
مطلبية صرفة طالبت بتحسين وضع الجيش وتطبيق الدستورالمُجمد وبسط الحريات ، هذا وقام
النظام بتخويف المسيحيين من هيمنة وإضطهاد المسلمين الذين يشكلون الأغلبية فى حال
وصولهم للسلطة فى مسلكٍ يتسم بزرع الفتنة والشقاق بين أبناء وطنٍ واحد ناضلوا
لأربعة عقود فى خندق واحد وتشاركوا الهم الوطنى حتى تحرير كامل ترابه.
ثم
تأتى الصراعات الخارجية التى إفتعلها النظام لبقائه من ناحية وتثبيت أركان سلطته
من ناحيةٍ أخرى ويأتى الصراع مع أثيوبيا فى منطقة (بادمى) فى المقدمة، ثم الصراع
مع اليمن الشقيق حول جُزر حنيش ضمن الصراعات التى حاول النظام من خلالها تحويل
إهتمام المواطن من معالجة قضاياه المصيرية كالدستور ونظام الحُكم والعدالة
الإجتماعية إلى شغله بالصراع خاصة الصراع الأثيوبى الذى أضحى شماعة يتعلل بها النظام مثل
عدم تصريحه للجيش وإنعدام التنمية وتأجيل الديمقراطية وبناء الأحزب لأجلٍ غير مُسمى
!
صحيح
أن أية دولة حديثة التكوين تتعرض لإنتهاك وسطو على أراضيها من دول الجوار ولهذا
نؤكد بأرترية منطقة بادمى التى ثبتت أحقيتها لأرتريا محكمة الترسيم التى تم
تشكيلها لحل الصراع وماظالت مُحتلة من الدولة الأثيوبية ونطالب بردها لحظيرة الوطن
! فالمعارضة الوطنية قطعاً مع أى توجه مطلبى لإسترداد أى جزء من أراضى الدولة
الأرترية شريطة أن يتم ذلك بالطرق القانونية والمؤسسات الدولية ولو إستدعى تحقيق
تلك المطالب عشرات السنين لأن ذلك لا يعنى شيئاً من عمر الشعوب والأوطان، وتبقى
قضايا التنمية والبناء الوطنى وترتيب البيت الداخلى هى الخطوة الأولى لتأمين سيادة
أية دولة ومتى ما أختلت تلك الموازين أضحت الدولة عُرضة للإنتهاك والصُراع!!
وتأتى
الصراعات الخارجية كالصراع الإيرانى فى المنطقة ودعم وتدريب نظام أسمرا لمليشيات
الحوثين للإستفادة من الدعم الإيرانى دون أى إعتبار لدول الجوار كالسعودية أو
التغلغل الشيعى الذى سيكون خصماً على الشعوب السنية التى لا يعرف التُشيع إليها
سبيلاً فضلاً عن التغيير الخطير فى توازن القوى وقد أدت تلك التدخلات نتائج سلبية فى
اليمن، فالمتابع حين يطرح سؤالاً بسيطاً عن كيفية تلقى الحوثيين الدعم والتسليح المُتقدم
والتدريب الذى مكنهم من فرض همينتهم على اليمن تكون إجابته ببساطة نظام أسمرا وليس
بالطبع المملكة العربية السعودية .
وعن
الصراع السودانى السودانى فيكفى نظام أفورقى بتدريبه المعارضة السودانية فى فترة
التسعينيات من العقد الماضى وتكوين التجمع الوطنى المعارض بأسمرا ودعمه بقوة لجبهة
الشرق وزعزة إستقرار وأمن السودان فى شرق السودان ، بل صارأفورقى فى الأونة
الأخيرة يدخل ولايتى كسلا والبحر الأحمر
الحدودتين دون إخطارالحكومة السودانية فى المركز فى خروجٍ واضح عن العُرف
الدبلوماسى بدخول رئيس دولة لدولةٍ أخرى دون إخطاراٍ رسمى مما أحرج الحكومة
السودانية التى سعت لتعديل المادة (58) فى الدستور التى كانت تتيح إنتخاب الوالى من
ولايته بالإنتخاب ومنحته ذاتية الحُكم والسُلطة على ولايته، تم تعديلها هذه المادة
فى يناير 2015م ليتم تعيين الولاة من المركز
هذا القرار كان سببه الأول والرئيسى ولايتى البحر الأحمر وكسلا فى شرق السودان
المتاخمة لحدود أرتريا لتقليص نفوذ الولاة فيها الذين أداروا ظهرهم للمركز فى
تعاملهم مع أوفورقى! هذا وقد خلقت الولايتين علاقات مُتميزة مع أفورقى وجيرها نظام
الحُكم فى أسمرا لصالحه فى مجالات عدة إقتصادية وسياسية وأمنية فى تجاوزاٍ واضح
لحكومة السودان بالمركز.
ويأتى
الصراع على بناء دولة أثيوبيا لسد النهضة من أحدث الصراعات التى يحاول نظام أسمرا
اللعب على وترها وإستدرار الدعم لإطالة نظام حُكمه وتخفيف حدة الضغوط التى يتعرض
لها من سوء علاقته الدبلوماسية مع دول الجوار ومنظماته وشعبه بالداخل وإتساع رقعة
المعارضة والسخط على نظامه فضلاً عن قيام الأمم المتحدة لإجراء تحقيقات حول تعرض
حقوق الإنسان للإضطهاد والإنتهاك من قبل النظام...
وأن
أرتريا اليوم فى ظل أفورقى أضحت بلداً خارجاً عن صياغ الدول فى نمط إدارتها وسُلوكها
الإجرامى الصرف تجاه مواطنيها وجيرانها فى خروجٍ واضح عن الأعراف والقوانين مما
يتطلب من القوى الدولية ومنظمات الأمم المتحدة والدول العربية أن تعتبره نظاماً
غير شرعى لايمثل الشعب والدولة فى أرتريا، وبالتالى أن تتعامل مع القوى الوطنية
المعارضة التى تنادى ببناء الوطن وتثبيت العدالة والحريات فيه وخلق علاقات متميزة
مع دول الجوار ومراعاة مصالح شعوب المنطقة وأنظمتها ! وأن يعمل الجميع على تقوية
القوى الوطنية وتعزيز قدراتها وإمكانياتها لتكون البديل المناسب للنظام الذى يحسب
أنفاسه الأخيرة ، فإما أن يتدارك المجتمع الدولى ذلك ويتفهمه ويدعم توجه القوى الوطنية أو
فليستعد لميلاد صومالاً أخر ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق