31‏/07‏/2010

ملتقي الحوار الوطني والحذر من المُزايدات


محمد امان ابراهيم انجابا

في البدء نؤكد نحن مع هذا الملتقي ومع كل لقاء يجمع بين الإريتريين ، وملتقي الحوار الوطني هو لقاء هام لوضع أول لبني لبناء عمل وطني مشترك ، وعبره يتم التفاهم في القضايا العالقة والشائكه بين كل ألوان الطيف السياسي الإريتري المعارض .
وبقدر ما نحن سعداء بهذا الملتقي والأجواء السائدة ، ينتابنا شيء من الحزن والأسف لعدم مشاركة حزب الشعب الديمقراطي الإريتري في هذا الملتقي ، ومهما كان موقف هذا الحزب فهو كيان إريتري له إسهاماته في الساحة السياسيه الإريتريه .
فكل اللقاءات والحوارات تتم بالتنازل من جميع الأطراف وعدم تمسك كل طرف برأيه مهما كان الموقف حتي يصل الكل الي نقاط تفاهم مشتركة .
فمجرد الفكرة أن تجمع بين جميع القوي السياسية الإريتريه علي طاولة واحدة ليس بالأمر السهل فربما تكون من المستحيل ، ناهيك أن تطبقها ، فهذه حقيقية ، ومع ذلك كان يجب علي اللجنة التحضيرية أو الجهة القائمة علي أمر الملتقي أن تتحمل المسؤلية الوطنيه وتجعل من حزب الشعب مشارك وصاحب مسؤلية وليس خصم وطرف ثالث ، وكان من الممكن تمديد الملتقي لفترة زمنية أخري أو معالجة مشاركة الحزب ودراسة ورقته المقدمة بإنفتاح .
وبنفس القدر تقع علي حزب الشعب مسؤلية عدم حضورالملتقي والإمتناع في المساهمة لبناء حوار وطني ، ليس هناك خصومة أو عداء في الحوار بل هو نقطة البداية لبناء ارضية صلبة ننطلق منها للتغيير وتحقيق العدالة والمساوة والتداول السلمي للسلطة ، فكيف لنا نبني دولة المؤسسات إن لم نتحاور ونلتقي ونناقش القضايا الشائكة التي تستدعي أن نسمع من بعضنا البعض بإنفتاح وأريحية ، نعم المظالم تتفاوت ، فيجب أن نترك خلافاتنا الفرعيه ونتجه الي الخلاف الرئيسي وهو مع النظام وسوء إدارته للدولة وإقصائه والتنكر للجميع ، ويجب أن نذهب في التفكير بجدية في كيفية التغيير وثم بعد ذلك كيفية إعادة بناء هيكلية مؤسسات الدولة وترتيب البيت الداخلي حتي نظفر بالوطن وتكون إريتريا ضمن الدول المتقدمة ونخرج من هذا الوحل والواقع المؤلم .
فإذا نظرنا الي ملتقي الحوار الوطني وأصدائه فهذا يجعلنا نقف علي كل شيء يصدر في هذا الشأن ونحسب الخطوات التي نخطوها قبل أن نتحسر علي الردود العكسية أو بالأصح النتائج العكسيه ، فهذا الملتقي هو ليس الغاية في حد ذاته ، بقدر ما هو لقاء بين الوان الطيف السياسي الإريتري حتي نصل الي حلول وتفاهمات في القضايا الرئيسيه الشائكة وتتضافر الجهود في ذلك الي أن نزيل الغشاء والضبابية ، ونواجه الحقائق وندرس الخيارات الصعبة معاً حتي نحقق التوافق الوطني بين فصائل المعارضة وثم نتوجه الي الخطوة العملية في تطبيق وتنفيذ ما يمكن تطبيقه مما أتفقنا عليه ، وبذل كل الجهد في تغيير النظام الدكتاتوري الغاشم وتحقيق الديمقراطية والعدالة والمساوي المفقودة بين كل مكونات الشعب الارتري .
فنجد بعض الأفراد ينفخون في هذا اللقاء ويحملونه أكثر مما يتحمل ، ويعلقون الأحلام والأماني علي الملتقي وكأنه الطريق الذي يؤدي الي أسمرا ، ثم بعد ذلك يعصب مواجهة الحقيقية ، فهذا الملتقي مجرد لقاء وبناء حوار وطني بين كل القوي الإريتريه المعارضة للنظام ، نعم الملتقي مهم جدا في هذه المرحلة بلا شك ، ولكن لايجب أن نجعل البسطاء يعلقون أمالهم وأمانيهم بأنه هو المخلص والسبيل الوحيد لتغيير النظام ، أو كأن هذا الملتقي هو الأخير والأول وهوعصى موسي السحرية لحلحلة القضايا الشائكة ، وهناك من يجعل من هذا الملتقي كأنه يوازي التحرير أو الإستقلال فيجب أن لا نستعجل علي أمرنا فنحن في بداية الطريق ، والمشوار طويل فمحتاجين لكل الجهود ولكل القوي الإريتريه بمختلف تكويناتها ومشاربها ، فلنا تجربة تجعلنا أكثر دراية للواقع الإريتري ويجب أن نخطو بخطى ثابتة ومتأنيه وليس أن نجعل أمرنا علي عجل ، ويجب أن ننظر الي الأمور بكل واقعية حتي نحقق الحلم الذي يراودنا جميعا وهو التغيير ، نعم الحماس مطلوب والواقعية مطلوبة بنفس القدر والتوازن مطلوب فبالتئني تأتي السلامة.
ونتمني من هذا اللقاء أن يكون منه الهدف سامي ونبيل وهذا الملتقي هو جزء من العمل النضالي ، وأن شاء الله يكون أداءة تغيير لكل المفاهيم الحزبية والتنظيمية والفئوية الضيقة للمعارضة والسلطة في المستقبل ، وأن يسود روح الحوار والتفاهم في كل مؤسساتنا الوطنية في المستقبل ، وهذا الملتقي ليس محل ننسب فيه الإنجاز الي جهة ما أو شخص ما، أو الهدف منه المدح والشخصنة والكيديه التي تعيدنا الي الوراء ،لاتفيد القضية الارتريه في شيء ويكفينا عشرون عاما كنا نعيش في تلك الأوهام فيجب أن نتحرر من الأشياء التي تُسئ الينا كإريتريين وتُسئ الي قضيتنا.
لانريد أن نبسط من أهمية هذا الملتقي ولكن نقول هو بداية تفاهمات وحوار لبناء وطن يسع الجميع وتتساوي فيه الحقوق ، وهذا الحلم يكتمل بعدة لقاءات وحوارات وهذه نقطة البداية والمحطة الأولي لقطار العمل الوطني المشترك وليس النهاية .
نعم مشكورين من قاموا علي هذا العمل وبذلوا كل الجهد حتي يجمعوا بين كل هذه الفصائل والتنظيمات الارترية والشخصيات المستقلة ومنظمات المجتمع المدني نكنُ لهم كل الإحترام والتقدير وكذلك التحية لكل شخص ساهم وسعي في إنجاح هذا الملتقي .
والنقطة التي يجب أن ننتبه اليها لا يمكن لمؤتمر واحد أو لقاء في أيام معدودة أن نحلحل فيها حزمة ملفات وقضايا ظلت لعشرون عاما عالقة وشائكة وربما أكثر ، فالمهم أن يتم هذا اللقاء ونكمل ما تبقي في لقاءات أخري دون إنقطاع ، ويلحق بالركب من تخلّف في هذا الملتقي ونتمني أن يكون حزب الشعب ضمن المشاركيين في اللقاء القادم ، ونكون بذلك فتحنا أفاق أخري للقضية الارترية .
ونكون أيضاً وضعنا حجر الأساس لعمل وطني مشترك نتمكن عبره في حلحلة كل القضايا ، ويمكن أن نُقسم الملفات ونترك بعض الملفات للقاءات القادمة علي حسب أولوياتها لحلحلتها بمشاركة كل القوي السياسية الارترية الأخري وترك المساحة الكافيه لهم حتي يساهموا في صياغة البنود والنقاط التي يتفاهم ويتفق عليها الجميع ، وثم بعد ذلك تكون ملزمة علي التحالف الديمقراطي الإريتري ، وأن تعمل هذه التنظيمات في التعبئة والإستنفار لتحقيق وتطبيق كل ما يتمخض منه في هذا الملتقي وفي اللقاءات الأخري القادمة ، فالجميع ملتزمون بكل ورقة يقرها وتخرج من المؤتمر ، فلا يجب أن يكون الملتقي مثل المؤتمرات الاخرى وجهة السياحة ومتعة السفر أو حبر علي ورق وينتهي الأمر بالتصفيق والتقبيل والتنصيب والتتويج وثم بعد ذلك نعود الي مواقعنا وأماكننا كأن لم يكن شيء سوى حدث جمع بين الناس وتذهب كل هذه الأوراق الي سلة المهملات .
فحلمنا نبني وطني سليم ونخرج من عمق الزجاجة التي نحن فيها ، وكذلك هذه الخطوة تعزز من إمكانية التعايش وتحقيق العدالة الإجتماعية .
فكرة ملتقي الحوار الوطني وثم السير في ذلك الإتجاه وتطبيق الفكرة عملياً يعتبر نجاح في حد ذاتوا ولو لم تُحقق كل الأهداف ، فهذا ما كان تفقتده الساحة الارترية وبهذا نكون أسسنا أرضية تنطلق منها الأجيال القادمة ويكون المبدء السائد الجلوس والإستماع والحوار والتفاهم في القضايا الرئيسية والتحرر من عباءة التسلط وقرار الفرد والأنانية وإحتكار السلطة التي نعاني منها لعقود ، ونكون بذلك جعلنا العمل الوطني المشترك هي مجموعة تفاهمات بين مختلف القوي الوطنية السياسية التي تسعي لتحقيق العدالة والديمقراطية علي أرض الوطن .

ليست هناك تعليقات: