02.08.2024
وصلنى خبر مفجع اليوم في  31 يوليو 2024  كأنه صاعقة  اخترقت قلبي  , وذاكرتي ,  و 
أعادتني الى سنوات طفولتى في القضارف الخضراء , والى زمن قَدِمت فيه , أسرتنا من اريتريا عام 1967 م هرباً من بطش الاستعمار الإثيوبي .
أعادتني الى سنوات طفولتى في القضارف الخضراء , والى زمن قَدِمت فيه , أسرتنا من اريتريا عام 1967 م هرباً من بطش الاستعمار الإثيوبي .
جئنا الى القضارف وكان في انتظارنا العم احمدين سليمان رحمه الله , الرجل العصامى , والشجاع  , والتاجر الماهر , الذى حقق ثروة  لا يستهان بها من تربة  القضارف الزراعية , نعم هذا الرجل كان قبلة الاساورتا الهاربين من مجازر الكوماندوس  في منتصف , ونهايات ستينيات القرن التاسع عشر  حتى يوم وفاته . لن استطيع سرد مواقفه في هذا المقال , ولكن ستكون لى جولات في  عالم الكتابة لاحكى بإسهاب عنه ,  وعن أسرته الكريمة.
قصة اساورتا المرتفعات , وساحل البحر الأحمر الاريتري  قديمة جداً مع  السودان ,  اى قبل ان يكون للسودان  دولة  معروفة ذات سيادة , لها حدود سياسية محددة فلذلك وجودهم كأفراد وجماعات لعب  أدوار إنسانية واقتصادية , في القضارف الجميلة , التي ما زلت اتنفس هواها الممزوج بذكريات ,  لن تبارح خيالي , بل ستدفن معي  في قبري .
القضارف جاءت إليها جدتى جمعة قاضى على , وجدي صالح ابو فقيه ابن مصوع ,  والعمدة ناصر  جندى أورطة  العرب الشرقية نواة الجيش السوداني ,  وسائق الفريق عبود رحمه الله , وعلى شوم محمد موسى والخ …..رحمهم الله. جميعاً .
سكن فى القضارف عمنا محمد حجى ابو امين  , صديق والدي ابراهيم انجابا , ورائد من رواد حركة التحرير الاريترية في كرن .  الصديقين لم يعودا إلى وطنهما الغالى , وكلاهما دفنا في السودان الحبيب.
 الشخصيات الاساورتاوية  , التي  عاشت في قضروف سعد , تركت بصماتها  في التربة الطينية السوداء ,  وكانت نموذج للكفاح ,  ورموز الاعتماد على النفس . 
في غضون السنوات الأخيرة رحل معظمهم ,  بعد أن تركوا إرث تاريخي ستتذكره الأجيال القادمة . وفى اليومين السابقين , التحق بهم العم سليمان زيرع  رحمه الله  الرجل المثابر ,  والمكافح من الطراز الاول  .
 المرحوم من ضمن الشخصيات الاساورتاوية , التي  تركت مكانة في قلب القضارف . نعم هذا الإنسان النبيل ,  الذي علم أبناءه ,  حتى وصلوا أرفع المناصب , وقدم عرق جبينه الذى روى تربة القضارف الاقتصادية , والاجتماعية  , والإنسانية  التحق بركب ابائنا  بعد عُمر طويل حافل بالانجازات . 
العم سليمان زيرع كوكب من كواكب الاساورتا ,  التي ستضئ  ذاكرتنا وتُعبِّد  دروب لأجيال المستقبلية  . بالرغم من أن آباءنا قد  رحلوا  عننا ,  سأعود إلى اغردات السودان ( القضارف) للتحدث مع أرواحهم الهائمة في فضائها  الفسيح  , واشتم روائحهم في الأماكن , التي عاشوا فيها , والطرق التي ساروا فيها .
الالم يعتصرني ووجه الهادئ  ما زال يتراءى أمامي ,  وحتى منزله وقهوته , التي كان يلتقي فيها أهلنا ,  والقريبة من محطة الكتيبة  في حي الثورة  , ما زالت  تبرق في جمجمتي . 
 ياله من خبر زلزل كيانى  , وبعثر افكارى , واعادني لسنوات زاهية تتحدث عن تلاحم أسرنا  , وأهلنا الذين كانوا منارات القضارف الغالية على قلبى. 
الاحزان لم تقف على وفاة سليمان زيرع لوحده  , بل الموت  غيب والد ابن اختى العم صالح  عبد الله الحاج سليمان   في مدينة اسمرا في نفس اليوم .
تاريخ وفاة العم سليمان زيرع  , سنذكره دائماً لأنه تزامن مع استشهاد القائد المجاهد اسماعيل هنية ايقونة الجهاد الفلسطينى رحمه الله. 
 اوعدكم سأكتب عن  اعمامنا الذين تركونا,  لكى تظل ذكراهم  لامعة في جوانحنا وفى تاريخنا .
اللهم اغفر لعمنا سليمان زيرع  , وصالح الحاج عبدالله سليمان  والد ابن اختى . اللهم ابعثهما في جنة الفردوس والهم الأهل ,  والأقارب , والاسرتين الصبر والسلوان.
يا أرحم الراحمين، ارزق أمواتنا وجميع موتى المسلمين ظلًا يستظلون به من أهوال الحر الشديد يوم القيامة، واجعل مثواهم جنات الخلد , إنك ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم اجعل آلامهم في الدنيا آخر الآلام.
اللهم أرحم من توسدت أجسادهم الأكفان ,واجعل قبورهم خير مسكن , حتى تقوم الساعة .
القضارف ,  ومعسكرات سمسم السابقة التي برزت فيها قامات  اساورتاوية شامخة , مثل  الرجل الهمام والشجاع  منذ نعومة أظافره  المرحوم باذن الله عثمان اللولا ,  والشيخ عرفة القائد  والرجل الصالح رحمه الله   , تعتبر مراتع سطر فيها آبائنا  ذكريات يجب أن نوثقها  لتلهم من سيسير على ركبهم .
معسكرات سمسم  , وما أدراك معسكرات  سمسم  , التي كانت ملاعب لأحداث تاريخية  صنعها الاساورتا , ستكون مجال واسع  للغوص في حيثياتها لكي تكون حاضرة في ذواكر  أبناء المستقبل . 
نحن لن ننسى ماضينا , ولن نتوقف عن تسليط الضوء عليه من أجل مستقبل مشرق  , ولن نتوقف عن ذكر كل فرد اساورتاوى كانت له جولات في السودان , وخارج السودان .
 

 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق