بقلم / ابراهيم
عبد الله محمد
لقد انطلق الكفاح
المسلح فى
الفاتح من سبتمبر عام 1961م وكانت الانطلاقه العمليه للثورة الارتريه بإطلاق الشرارة الاولى من فاه بندقيه ابو عشرة
فى جبل ادال ضد المستعمر البغيض بقيادة
البطل الاسطورة حامد ادريس عواتى ، فقد كانت ثورة تحرر وثورة تطالب برحيل وطرد
المغتصب الاجنبي الذى قدم للبلاد لكى
يستعبد اصحابها ويسلب مقدراتها فكان القائد الفذ حامد ادريس عواتى النواة الاولى
للثوار الارتريين الاحرار برغم ان الثورة الارتريه أقدم من هذا التاريخ ولكن كانت
اضافة ونقله نوعيه من القائد البطل حامد
ادريس عواتى باداخله العمل المسلح والانطلاقه الميدانيه وجسد النضال الفعلى على
الارض . وكان ذلك ايمانا منه بان العدو
لايفهم سوي هذه اللغه وهذه اللهجه العكسريه ، فقد صدق وتحقق الحلم عبر الابناء وما اشبه اليوم بالبارحه فنحن فى امس الحاجه اليك ايها القائد العظيم ونحن نبحث عن من يخلصنا من هذا الكابوس الذى حل بنا .
لايفهم سوي هذه اللغه وهذه اللهجه العكسريه ، فقد صدق وتحقق الحلم عبر الابناء وما اشبه اليوم بالبارحه فنحن فى امس الحاجه اليك ايها القائد العظيم ونحن نبحث عن من يخلصنا من هذا الكابوس الذى حل بنا .
بعد خمسون عاما تمر علينا هذه الذكرى الغاليه
لنفوسنا وهى محطة من المحطات التى نقف عليها كثيرا لما تحمله من معانى وطنيه وتجسد
السياده الحقيقه للشعب الارتري فنحن الارتريون اذ نعتز ونفتخر
بهؤلاء النفر الذين
كانوا وقود الثورة وقدموا كل ما يملكون من امكانيات وقدموا ارواحهم قربانا لتحرير
التراب الارتري من الوجود الاجنبي ، برغم من شحة الامكانيات فانهم صمدوا امام اقوى
وآله عسكريه مجهزة باحدث التقنيات فى ذلك العصر
مدعومه من الغرب والشرق وعلى راسهم روسيا وامريكا . فاذا كان التاريخ ينصف الاحرار فليسجل هذا
البطل ضمن القائمة لتى كتب عليها جيفارا ومنديلا وغاندى فللاسف لم نجد من يوثق لتلك
الاحداث ويسطر لها لكى يعرف العالم نحن نملك اسطورة اخرى وهو حامد ادريس عواتى ، هذا
القائد الذى يعتبر نواة التحرر وثائر ببندقيه متواضعه ويملك ايمانا منقطع النظير
بعدالة قضيته فهذا الذى جعل ثورته تتسع فى ربوع ارتريا ويكون لها صدى لدى كل
الارتريين حتى تدافعوا ليلتحقوا بهذا الركب المبارك من كل مناطق ارتريا من ريفها
وحضرها وجبالها وسهولها فإمتدت لثلاثون
عاما من النضال والكفاح المسلح المتواصل حتى خرج المستعمر من ارتريا وهو يجر ازيال
الهزيمة والتقهقهر من ابناء عواتى .
لقد كتب لجبهة
التحرير الارتريه ان تولد فى الفاتح من سبتمبر وامتد المولود عبر محطات قاسيه وعصيبه
ولكن بايمان الرجال الذين تحملوا تربيه هذا المولود حتى صار ابن راشد وثم كان الاب
الشرعى
للثورة والنضال . وبمجهود هؤلاء النفر عبر هذه الثورة قلد اعادوا ارتريا
وجعلوها وطن لنا حين كادت ان تمحوا وتزول
من الخارطه لولا وجود هذا المولود الذى انجبه الابطال الاوائل وهذا الحقيقه تظل محفورة فى اذهاننا مهما حاول
السارقون الجدد من محوها والسطو علي هذا الارث العظيم فهى تظل حقيقه فى محطات البشريه ، ولم يصيب
ذاكرتنا النسيان ولم يصيبنا الزهايمر فنحن نظل امتداد لهؤلاء النفر وسوف ياتى
اليوم الذى نكرمهم فيه على ارض الصدق وفوق التراب الذى رووهم بدمائهم واشلائهم .. بعد هذه المجاهدات والتضحيات التى امتدت لنصف
قرن من الزمان فإلتحق الانتهازيون والمتسلقون فى منتصف الطريق وفى احدى محطات الثورة
الارتريه فانحرفوا بالاهداف والمبادئ التى
رسموها الابطال . فاخفوا الحقيقه وادعوها زورا وحرفوا التاريخ فى قفلة الابناء
الذين كانوا يقاسمونهم النضال ويتركون لهم مساحه المشاركة برغم الصفحة السواد التى
سجلوها فى التاريخ الارتري ابتداءً من الكوماندوس والى اسياس افورقى الذي يعتبر
امتداد لذلك التاريخ .
بعد ان سرقوا
مجهودات الاخريين وحرفوا وشوهوا صورتهم عبر امكانيات الدولة ولم يتوقف الامر على
ذلك بل قدموا الينا بنظام غير شرعي سلبنا وحرمنا الابوة فجعلنا ايتام نهيم ونجول
فى العالم ونبحث عن هوية وعن وطن . ولسان حالهم يقول انتم غير شرعيين ويجب عليكم
مغادرة التراب والرحيل من الارض التى خضبها اباءكم بدماءهم الطاهرة وبهذا يريدوا
ان يقتلوا فينا الانتماء وحب الوطن ، ولكن هيهات هيهات لن ينالوا ما يريدون فنحن
نظل فى تلك الارض طالما هناك طفل رضيع من فخذتنا ، فارتريا الوطن الذى نفخر به وننتمى اليه فلايمكن نتنازل عن دماء
ابائنا الذين جادوا بالغالي والنفيس من اجل ان تعشعش ارتريا فى قلوبنا ويجرى حبها فى دمائنا فالتخلى عن
ارتريا هو الخيانة لدمائهم وتضحياتهم فنحن ماضون فى طريقهم .
وبعد خمسون عام
من انطلاقه الكفاح المسلح ماذا حصدنا واين
نحن ؟؟ فحصدنا الهشيم فنحن نحترق ونكتوى ونتيه بين اروقة الامم المتحدة ومنظمات
الاغاثة . والبقيه ترزخ تحت سياط الدكتاتور المستبد فوق التراب الارتري . نظام جائر كله حقد وطغيان جعل الوطن سجن لايطاق
العيش فيه والكل يبحث عن مخرج ويختار ركوب الصعاب والخطر ونتزاحم فى بطاقة اللجؤ
..
عواتى ورفاقه
سطروا التاريخ بسواعدهم واشلائهم ومضوا بعد ان جعلوا التاريخ يذكرهم ويذكر مواقفهم
والملاحم والبطولات التى كتبوها بدماءهم الطاهرة فى لوحة التاريخ واستشهدوا
من اجل غايه اقتنعوا بها وتركوا بصماتهم على صفحة التاريخ ، وحققوا ما كانوا يطمحوا له يكفى انهم طرقوا
باب التحرير والاستقلال . وللاسف بعد هذه المجهودات يظل الوطن اسير لمجموعه من
الشفته واللصوص خرج المستعمر وحل محله بنى اعمامه مغتصبون جدد . سرقوا وتنكروا لكل
الابطال الذين مضوا من اجل ان تظل ارتريا وطن للجميع .
عندما نفتح
صفحة التاريخ الارتري فلابد من الوقوف فى مدرسة عواتى ومحطة سبتمبر وادال وتقوروبا
فهذه المدرسة العريقه صنعها الاباء بشموخ وكبرياء فلن تمحوا من الذاكرة الوطنيه .
السارقون الذين
سطوا على ارتريا بالامس القريب كانوا
يذبحون ابناء وطنهم وتحالفوا مع العدوا فلايمكن لاحد ان ينسي تلك المذابح والدماء
التى سالت والاشلاء التى كانت ملقيه على جنبات الطرق والشوارع لم تجد من يسترها وتاكلها
الحيونات من فعل الكوماندوس وبرغم من الاحداث الجسام تناسينا وعفى الله عما سلف
وقمنا باحتضانهم وثم علمناهم وسلمناهم القيادة فقاموا بطعننا فى الظهر وثم سلبونا
حقوقنا ، وهذا يؤكد على ان السارق لا يمكن ان يتوب ويتخلى عن عادته . وبرغم من ذلك
نستطيع ان نعفوا ونغفر فهذه اصالتنا التى ورثناها من الاباء ولكن لن
نغفل ولن نتنازل عن حقنا مهما كان التحدي والصعاب .
الان بعد مرور
خمسون عاما من انطلاق الكفاح المسلح فكان الحصاد مرارات . فرفاق عواتى رفاتهم خارج
التراب والارض التى رووها بدمائهم وعرق جبينهم هل هذا ما يستحقونه هؤلاء الرجال
وهؤلاء الاسود منا ؟؟؟ فماذا يجب ان نفعله نحن الاحفاد لهؤلاء الرجال فماذا اعدنا
اليوم لمن سطروا هذا الارث العظيم وتركوا لنا وطن نحتمى به ونعتز به والى متى
الهروب والابتعاد وعدم تحمل المسؤليه ؟؟؟ فهل نترك الرايه التى صنعها الاباء
وتركها امانه فى عنقنا ؟.
فهنا يجب ان
نتوقف مع انفسنا وندرس التاريخ وكيفية اعادة امجاد الاباء وشموخهم هل وصل بنا الامر الى الاستسلام والخضوع التام
لدكتاتورالذى حرق اليابس والاخضر وجعل من المواطن الارتري مادة دسمه للبحار
والصحارى وعصابات التهريب .
هل توقفت
المرأة الارتريه التى أنجبت عواتى ورفاقه من الإنجاب وهل انقطع النسل لذلك العقد الفريد ؟؟ هل نحن فى انتظار وترقب
الفاتح من سبتمبر وعواتى اخر !!! بينما المنطقه العربيه تقلي وتخلع ثوبها القديم
وتلفظ دكتاتورياتها فهى فى مخاض من اجل ان
تضع جنين يعبر عن امالها ويحقق طموحها .. فنحن الارتريون فى امس الحاجه لهذا الربيع
حتى نحفظ ماء وجهنا امام الاجيال القادم..
نحن نحتفى بهذه
الذكرى فى المهجر وبعيدا عن الديار هل هذا التكريم يليق بهؤلاء الابطال وبهذه
الكيفيه ؟؟ فاذا كنا منصفين لتاريخهم وحقهم النضالى فيجب ان نحفتى بهم فى الارض
والتراب الذى قاموا بتطهيره من دنس المستعمر البغيض ونحمل الشعلة ونطهر الارض من
هؤلاء الحفنة الذين اغتصبوا ارضنا وعرضنا.
صدق المثل الذى
يقول : النار تلد رماد .. اذا وضعنا مقارنة بيننا كاجيال وبين ذلك العقد الفريد
فنجد هناك مفارقات كبيره جدا فعندما خرج هؤلاء النفر الى الميدان كانوا لا يملكون
دولارا ولا درهم وكان سلاحهم ابو عشرة وسيوف وسكاكيين والعدوا كان يتسلح باحدث ما
ينتجه الغرب والشرق . ولكن كان ايمانهم
يعانق السماء ويناطخ السحاب لذلك انتصروا لانهم يملكون من العزيمه ما تكفى افريقيا
وليس ارتريا فحسب .. اما نحن الاحفاد والابناء الذين ننتسب لذلك الجيل فاضعنا حقنا
واستسلمنا لهؤلاء الحفنة ونملك كل المقومات التى تؤهلنا لاستعادة حقوقنا حقا لم
نستطيع ان نكون امتداد لذلك العقد الفريد
اين نحن فى هذه
الذكرى هل استسلمنا للواقع المرير ورضينا لحياة اللجؤ والبؤس والتى نتجرعها مع كل
صباح تشرق فيه الشمس كل يوم حتى تحجرت قلوبنا وكاننا لم ننتمى لهذا الشعب الذى صنع
المعجزات والانتصارات يكفى انه صنع ثورة صمدت لثلاثون عام من اجل انتزاع الاستقلال
وقهرت اقدم امبرطوريه واقوى نظام فى افريقيا وتفككت تحت نيران الثوار الارتريين
وحتى هرب منقستو هيلي مريام وترك قصره
ورثي هيلي سلاسل .
اما الان فنحن
سرنا كالقطيع على ايدي جنرلات هوايتهم القتل والتعذيب فالانسان عندهم اقل شأنا من
الذبابه ولم نحرك ساكن بل ننشطر وننقسم الى اجزء ونتقاتل على المعانة والبؤس .
فماذا بعد هذا !!! هل نذهب الى قبر عواتى ونخبره بالذى جري لنا لعله يفيدنا ويشير
الى خليفته الذى يستعيد لنا حقوقنا ؟؟..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق