بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
يعيش الوطن حالة من التشتت والتمزق فى وحدته وهنالك مهددات خطيرة تظهر مؤشراتها فى الافق الإرترى ، كما أن هنالك قضايا ليست وليدة اليوم لكنها كانت موجودة بالفعل ، وبتوفر العوامل المعززة للثقة والتعايش كانت هى الغالبة فلم يكن لها سبيل للخروج بها للعلن لكنها كانت تحت الضوء...
اليوم وبكل وضوح بفعل النظام الحالي وممارساته الغير أخلاقيه التي لاتنم عن ضمير ومسؤليه وبالاضافه للمعارضه التي لم تلبي طموح الجميع ، أضحت قضايا إقتنع بها البعض وأصبح يتم تناولها بالمكشوف ومن هذه القضايا التى تحتاج الى مزيد من الدراسة والنقاش والموضوعية نتناول قضيتان مهمتان وهى قضية الحكم الذاتى وحق تقرير المصير وهنا أود ان شرح بقدر المستطاع وجاهة قبولهما فى وضعنا الإريترى أو إستحالته ، والمسببات التي جعلت الناس تصل الي هذه الرؤي ، وهى فى النهاية وجهة نظر نتمنى أن تجد طريقها للنشر من باب حرية النشر فقط اي من باب ( الرأي والرأي الاخر ) ...
*الدعوة الي الفدراليه :
نجد البعض يخلط بين المفاهيم ولا يفرق بين الدعوة الي الفدراليه والدعوة الي حق تقرير المصير، فبينهما فرق كبير جدا، لأن الأولى تعني كل مجموعه ثقافيه أو قوميه فى الإقليم المحدد تمتلك بعض الصلاحيات لحكم كيانها الجغرافي فى إطار الدولة الواحدة التي تحكم بدستور عام يتوافق عليه الجميع وتمنح فيه السلطات والصلاحيات بقدر معلوم متفق عليه مسبقاً ويراعى المصالح العليا للأقاليم وسكانه ويضع فى أولوياته مراعاة سيادة الدولة ونظامها ! وتنتفى المركزية والسيطرة الأحادية من إقليم محدد أو إثنيه معينه او حزبٍ معين حيث تتوزع الصلاحيات على مستوى المحليات والدوائر التى تكون على اساس المكون الاجتماعى الثقافى اي القوميه وتكون قادرة على سن قوانين محلية تتفق مع توجهات السكان وخياراتهم وكل ذلك فى سياق الدولة الواحده.
فهو شبه حكم ذاتى بصلاحيات وسلطات محددة تكون فيه معايير معروفة فى مايتعلق بموارد الدولة المختلفة من ثروة وغيرها... لكن هنالك صلاحيات سيادية فى ظل الدولة كالأمن والدفاع والسياسه الخارجية للدولة هذه صلاحيات الدولة فى المركز. وهذه الوضعية تكفل كل الحقوق من حرية التعبير وحرية الحركة وحقوق الأرض وكل الحقوق التى ترتبط بحقوق المواطن والمواطنه.وهنالك نماذج لدول متحضرة طبقت مثل هذا النوع من الأنظمة وهى (سويسرا) : وهى دولة عبارة عن كنتونات تحكم نفسها بنفسها وترجع فى شؤون السياديه للمركز، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية وهى معروفة بولايتها ال51 ولاية .
وفى الدول العربية هنالك أنموذج دولة الأمارات التى تتكون من عدة إمارات تتمتع بحكم ذاتى لكنها جميعاً تكوّن الدولة المعروفة وهى الإمارات المتحدة ...
*حق تقرير المصير :
وحق تقرير المصير يعنى حرية الشعب فى رقعة جغرافية محددة حرية الإنفصال عن الدولة الأم أو البقاء . وقد تكون الاسباب منطقية ومعقولة كإنفصال وتحرر عدة دول تختلف إثنياً وثقافة وهوية ودينا عن الدولة المركز ولا توجد قواسم مشتركة مما تجعل الوحدة متعثره وتتسبب في حروبات ونزاعات نتيجة الإختلاف .
أو فى حالات التوافق التام ، لكن تحدث حالات سيطرة تامة على مقاليد السلطة وتستحوذ السلطة على الثروة من فئه واحدة دون مراعاة حقوق الأخريين مما يسعى البعض لفك الإرتباط عن طريق التحرر الثورى أو السياسى .
وبعض هذه الإطلاله على النموذجين الحكم الذاتى وحق تقرير المصير هل نحن فى إرتريا يمكننا تطبيق الحكم الذاتى على الإقاليم الإرترية أو وَهَب حق تقرير المصير لمن طلبها من الأقاليم او في اطار المناطق؟ التى بدأت قواها المعارضة بصورة ما وهى الأن فى طور التلميح ، لكنها مع الأيام والسنين ستتحول مطالب تلك القوى السياسية الى المطالبة الرسمية وسوف تضعها ضمن الأهداف الأساسية لها ، لما تفتقده من إستراتيجيه نحو الوحده الوطنيه...
فإذا نظرنا الي إرتريا من حيث المساحة تبلغ مساحتها "124.000" كلم2 ونسبة السكان خمسه مليون نسمه والقوميات تمثل تسعه قوميه ونجد هذه القوميات بينهما تواصل وترابط , ونجد هناك ديانتان ، فهذا الواقع يجعل إرتريا بلداً للتعايش والتواصل بين مكوناتها الإثنيه والدينيه و نسبة السكان ليست كبيره ، والمساحه تتناسب مع هذه النسبه ، بالرغم من صغرها فهى تكفى لشعب بهذا التعداد المتواضع ....
فهذه المقومات المتواضعة تجعل فى تقديرى إستحالة تحقيق خيار الحكم الذاتى أو تقرير المصير لما هو علي الارض من واقع في التواصل والإرتباط بين مكونات الشعب الإرتري ، نعم هناك ظلم مرير من طرف واحد وهو متحكم في كل شيء وتعتبر الحكومة الحاليه حكومة إثنوقراطيا.. ولكن هذا لايجعلنا أن نميل الي الخيارات الصعبه بقدر ما نسعي لمعالجة الامر وإزالة النظام ومن ثم بعد ذلك بناء المؤسسات وإعادة هيكلتها بحيث تضمن لكل الاطراف حقوقها من أجل إقامة دوله حره مستقله وتبسط فيها الحريات العامه بالتساوي ويأتي ذلك عبر النضال والتضحيات لأن الأنظمه الدكتاتوريه لاتستجيب للدعوات السلميه والحوار وغير ذلك إنما طريقنا للخلاص منها هو النضال والعمل المسلح ...
وما علينا هو أن نَعدِ أجيالاً بالوعى والعلم وسلاح المعرفه لكى نحقق التوزان والتعايش مع كل المكونات الإرتريه ونغرس مفهوم الوحده الوطنيه والتعايش السلمي ونأسس لدولة المؤسسات...
أما إذا نظرنا الي الوضع الحالي في إرتريا و التنظيمات التي ترفع شعار القوميه وتدعوا الي تقرير المصير اوالمطالبه بالحكم الذاتي مثل قومية الكنامه والعفر ، فنجد مما ادي ظهور هذه المطالب يرجع لسببين :ـــــ
السبب الاول : فنجد هذه القوميات تحملت كل تبيعات التحرير وتقرير المصير لإرتريا مع كل القوميات الاخرى وناضلت معها جنبا الي جنب . وللأسف بعد الاستقلال هذه القوميات وجددت التهميش والاستهداف من قبل النظام ووصلت الي حد الإباده والتطهير العرقي ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم وإهمال التنميه في مناطقهم وغير ذلك . السبب الثاني : وهو المعارضة لما كان لها الدور السلبي مثل النظام بالتساوي في إقصى هذه القوميات من العمل السياسي وجعلت هذه القوميات تبحث عن كيان يحقق طموحها ويرفع مطالبها وجعلت هذه القوميات تشكل كيانها الخاص لان تنظيمات المعارضة لم تستوعبهم ولم تترك لهم المساحه الكافيه لكي يعبرو عن مطالبهم ولم يجدو الجاذبيه والترغيب للوحده وعواملها حتي خرجت هذه التنظيمات بهذا الثوب القبلي وكانت السبب في ابعادهم واخريين مثل (الجبرتا) وغيرهم ، واغلب المعارضه تمثل ثقافه معينه اي لايمكن ان يستبدلوا ثقافه بثقافه اخري ، نجد المعارضه منقسمه الي فريقين أو ثقافتين بالاصح ويتنافسون لفرض وجود علي بقية الإرتريين ولذلك ظهرت ظاهرة القوميات والتنظيمات التي تمثل قوميات بعينها ، وهذا كله يرجع للقيادات التي هي علي الساحه وما تحمله من سلبيات الماضي وتبعاته وعدم إتفاق فيما بينهم ونجد التجاذبات والخلافات في أشياء ثانويه ، وهذه المعارضه لا تلامس تتطلعات المواطن الارتري البسيط ولا تحقق سقف مطالبنا كشعب ارتريا يعاني الويلات والقهر من قبل النظام الحاكم الذي يمارس الاقصاء لكل الارتريين بكل مكوناتهم .
نعم هذه الحركات لها الحق في ما تُريد ان تطالب به وهي في نهاية الامر لم ترفع شعار الإنفصال الي هذا الحد ، بل تتطالب بالحكم الفدرالي اي الحكم الذاتي الذي يضمن لهم حق الحياه في وطن ضحوا فيه مثل الأخريين وهذه المطالب في نظري عادله مقابل ما يتعرضون له .
اما المعارضه وما يدور في فلكها يجب ان توحد الجهود وتعمل بإسراع زوال النظام وذلك بعدة طرق ان تخرج من عباءة الماضي وتبعاته وتترك الأشياء التي عفا عليها الزمن من ترسبات وشخصنة التنظيمات اي ان يتصف التنظيم بقرارات وتصريحات شخص معين ويلحق الضرر علي بقية الشعب بسبب مواقف شخصيه من هنا وهناك ولا نستثني احد من ذلك ، ويتم التخندق في معسكرات وجبهات كما كان في الماضي في اواخر الثمانينيات من القرن الماضي في عهد الثوره ، المفقود اليوم هو القياده الرشيده التي تجمع بين ابناء الوطن الواحد .
فنقول لهم نحن أبناء اليوم وليس أبناء الأمس ومن كان يعتقد انه مازال في عهد الإستعمار الاثيوبي ، فنقول لهم ذلك العهد انتهي وولي ولارجع لذلك ، فقد تحقق الاستقلال بفضل الرجال الذين استشهدو من اجل الحريه وتركوا القضيه حيه بين ابنائهم واحفادهم جيل اليوم . أصحوا من نومكم العميق ايها القيادة وادركوا انكم امام دكتاتور لايرحم .
نحن أبناء اليوم تجرعنا الظلم علي يد الدكتاتور الذي يمثل إثنيه واحده فقط وعلي يد السفاح الذي لايرحم أحد ولانريد إعادة الحكم بهذا الشكل . جيلنا تذوق الموت في الصحاري والبحار وترك الوطن حرصا علي البقاء من الموت في السجون والمعتقلات ووو،،،
نطالب بالوحدة التي ترسم لنا طريق المستقبل بكل مكونات الشعب الإرتري والتخلص من هذا المريض الذي يحكم البلاد والعباد ونريد الوطن ان يزخر بالسلام والامان ولانريد التقسيم لوطننا الحبيب الذي ضحينا من أجله، وان تخرج سفينة الوطن الي بري الامان بكل القوميات الإرتريه.
وكما سردت سابقا الاسباب التي تكونت علي اساسها هذه التنظيمات الإثنيه فهذا لا يجعل الأخريين يطالبون بمطالب تهدد ارتريا كوطن واحد وتهدم البناء الذي شيدهُ الاباء والاجداد ، واذا كانت الديمقراطيه (الراي والراي الاخر) تتيح لداعاة الانفصال ان يدلوا بدلوهم فلنا الحق كذلك في توضيح أراءنا وسرد الحقائق والشواهد لكي نقول وجهة نظرنا في كل ماهو مطروح وذو صله بالوضع الحالي والتنبؤ بالمستقبل ، والوطن يسع الجميع ، ولا نريد ان تتكرر دعوة (دنباي قطين) التي كانت في عهد الثوره والكل يعلم بدعوته والتاريخ لايرحم ، ولاداعي للتحجر لابد من وضع الحقائق علي الطاوله ولو كانت غير مرغوبه ومرفوضه من قبل الأخريين ولابد من كشف العواقب الوخيمه التي تاتي بالكارثه للشعب والوطن ككل ، نُشخّص الداء لكي نبحث عن العلاج والدواء المناسب ، نريد التعايش في وطن تتعدد فيه الثقافات وهذا يثري الساحه ولا يجعلنا نتخوف ونتقوقع علي انفسنا ونرفض الاخريين ونبحث عن حلول جزئيه .
ولدي رساله خاصة لكل المسلمين الارتريين بكل مكوناتهم القبيليه:ــــ
الديمقراطيه سلاح ذو حدين نعم اليوم نطالب بها ولكن يجب ان نعمل لها ونعد انفسنا ونستعد لممارستها بالطريقه الصحيحه وهي ليس ببعيد ، يجب ان نتوحد لكي نكوّن أغلبيه وفقا للواقع من مكونات إرتريا وما نمثله امام الطرف الاخر،،، اما إذا كل واحد منا يتمسك بزاويته ويتقوقع ولايوجد بيننا التقاء في المصالح العليا سوف نكون أقليه ، والديمقراطيه تكون علينا ليست لنا ولا يمكننا نأخذ حقوقنا ، سوف تسرق وتسلب حقوقنا بطريقه اخري وعبر صناديق الاقتراع التي نطالب بها الان ، لذلك يجب ان نعمل من اليوم لكي نحقق ذلك الحلم ، لكي لانبكي مرة اخري علي حقوقنا . ويجب ان نصطف في صف واحد ونجعل الهم واحد ونسعي لتحقيق الهدف وإعادة الحق . فاليوم نستبشروا خيراً عندما نسمع بالروابط الأُسريه والإجتماعيه التي تجمع بين أبناء القوميات في اطار المائده الواحده في ارض المهجر شرقا وغربا ، ويعود كل شخص الي قوميته ويناقش قضياهو علي مبدأ الحقوق وهذا ليس مغلق بتاتا ،إنما يجعل كل القوميات تتناول الحقوق بجديه ومصداقيه ، ودعوتنا هنا لكل الروابط ان تُرّسخ مبدأ المصالح العاليا والتلاقي بين المجتمعات المسلمه ويكون إتصال فيما بينهم ،ونراعي الترابط الذي بيننا ونغذي هذه الروابط ونجعلها تكون جسر للتواصل بيننا جميعا ويجب علينا ان نلعب الدور الإجابي من خلال مجتمعاتنا وروابطنا الاسريه ونغرس ذلك الهدف النبيل ، ويجب ان نبحث علي كل القواسم المشتركه التي بيننا جميعا كمسلمين يجمعنا الدين والجوار والنسب ونسعي عبر هذه الروابط الي تحقيق العدل ونسترد حقوقنا من الطرف الاخر الذي لايميز احد . فلذلك لابد من لملمت الصفوف وجعمها وعدم تشتيت الجهود والسعي لبناء الثقه بيننا كمسلمين وتكون اللغه العربيه حلقة الوصل بيننا جميعا في الوطن ومن ثم بعد ذلك نستعيد الثقه مع الطرف الاخر ونبني وطن سليم ومعافه ونستطيع نحقق كل احلامنا اذا خلصت النوايا وتصافت القلوب وتضافرت الجهود ونصل الي شاطئ الامان بالوطن ...
مع خالص الاحترام والتقدير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق