27‏/04‏/2016

المعارضة الارترية والخيار الصعب (4)

بقلم محمد امان ابراهيم انجبا
 المعارضة ذات الاغلبية:
فى المقال "3" كنت قد تناولت التيار الإسلامى السياسي الارتري وتوقفت عليه وفى هذا المقال ساحاول اتوقف على تيار اخر يمثل جزء من هذا المحور الا وهو :
الحركة الفدرالية ، جبهة التحرير الإرترية ، جبهة الإنقاذ الوطنى الإرترية ، الثوابت الوطنية ، تنظيم ساقم ، حزب المؤتمر الوطنى .
وهذه الكتلة تمثل جزء اساسي من المجموعة التى تدعى إنها تمثل الأغلبية وطرفا من الصراع الدائر بالمجلس الوطنى للتغيير الديمقراطي.
ان المعارضة الإرترية فى وضعها الراهن تفتقد الى البعد الوطنى والتنوع الحقيقي فكل تنظيم او حزب أخذ شكلا وطابعا إجتماعيا محددا وفشلت كل محاولات الإستقطاب للعنصر الأخر، ان هذا الفرز الاجتماعى فى قالبه السياسي ستكون مألآته خطيرة على الوطن
فى المستقبل ، وها نحن اليوم نشهد اصطفافات طائفية ومناطقية وقبلية وهذا مؤشر خطير سيؤدى الى تآكل اللحمة الوطنية ، فى الماضى القريب كنا نتباهى ببعض الكيانات السياسية بانها تمثل اوعية وطنية جامعة وللاسف مع مرور الوقت تلك الكيانات فقدت الصبغة التى كانت تتصف بها. ان التنظيمات السياسية افتقدت الى التوزان الإجتماعى والمحتوى الفكرى والسياسي.
فهذه التنظيمات ضعف تاثيرها على الشارع الارترى، وليس هناك شيء محفز يدفع الجماهير للتضحية من خلالها ، ان القيادة السياسيه التى تتصدر المشهد لم تستطيع ترجمة تطلعات قاعدتها التنظيمية ناهيك عن تطلعات الجماهير الارترية، قيادة لا تمتلك الارادة الحقيقية وتعانى من عجز فكرى وسياسي اقعدها من ابتكارادوات تقارع بها العدو. فلم تستطيع ان تحدث إختراقا خارجيا ولم تستطيع ان تنأي بقرارها السياسي الوطنى .
* الحركة الفدرالية :
اذا حاولنا ان نلقى النظرة على هذه الحركة ودورها واداءها السياسي نستطيع ان نقول انها تراجعت لحد كبير مما كانت عليه سابقا ، فقدت العمق الجماهيرى والشعبي ، وقد اصابها ما أصاب التنظيمات السياسية الارترية وتعرضت الى إهتزاز داخلى كبير، ومازالت هناك قاعدة جماهيرية خارج الإطار التنظيمي وتنتظر الفصل ، ان الأسباب والعوامل كثيرة ولا نستطيع حصرها الا ان العامل الأكبر الذى تسبب فى هذا الشرخ رئيسها الذى يتربع على راس الحركة لسنين عجاف ويرفض التنازل من مقدمة الحركة والتخلى عن موقعه مهما كلفه الثمن ، فعدم النزول لرغبة البعض حفاظا على الوحدة غالبا ما يتسبب فى شرخ الجسم والكيان المعنى ، وغياب الهيئات التشريعية والتنفيذية من دورها المنوط فى حسم المشكلة عبر اللوائح والنظم الادارية الداخلية ايضا يؤدى الى ذات النتيجة.
اذا كانت الحركة الفدرالية تعانى من ازمة داخلية مركبة فكيف لها ان تساهم فى تجاوز ازمة المجلس الوطنى وكيف لها ان تساهم فى عملية التغيير ككل؟، بل بالعكس ان رئاسة الحركة الفدرالية نقلت ازمتها الداخلية الى المعارضة ككل ، فعجزت قيادة المعارضة مجتمعة فى تجاوز قيادة الحركة الفدرالية التى تدفعا المعارضة الى الهاوية لاسباب منها المجاملات السياسية والإعتبارات الشخصية والاجتماعية .
ولاسيما معارضتنا السياسية صارت اسيرة لقرار الفراد من خلال التأثير والتكتل الاجتماعى والمجاملات الشخصية على حساب المصلحة العامة .
بالتاكيد ان خروج الحركة الفدرالية من ازمتها الداخلية سيساهم فى تجاوز المعارضة للازمة المزمنة التى تعانى منها وعبر هذا المقال اتوجه بالنداء الخاص الى قيادات الحركة الفدرالية ان تقوم بمسؤولياتها فى معالجة الازمة الداخلية التى تواجهها وتتقدم بمبادرة ترضي عبرها جميع الاطراف وتصلح ذات البين حتى تساهم الحركة بشكل فعال فى عملية التغيير فى المرحلة القادمة ، بل تذهب اكثر للتقارب مع الكيانات التى تتقاسم معها الطرح والتوجه من اجل الدخول فى وحدة سياسية تحقق عبرها انجاز تاريخي .
* جبهة التحرير الارترية :
هذا التنظيم الذى يمثل وعاءا وطنيا ويحمل ارثا تاريخيا كبيرا اصابه الوهن والعجز ويفتقد للتنوعى الاجتماعى ويعانى من الفقر الفكرى والترهل التنظيمى، بالرغم من تميزه عن بقية التنظيمات السياسية بوجود فى صفوفه عدد من المناضلين الذين ساهموا فى ارساء دعائم الثورة ووضع لبناتها و بالمثل ساهموا فى عملية التغيير وبجوارهم عدد من الكوادر الشبابية ، الا ان القيادة التاريخية تستحوذ على مفاصل التنظيم وتصادر قراره السياسي ودوما ما تميل الى الموازانات الاجتماعية الداخلية للتنظيم ، وحقا التنظيم افتقد الى كاريزمية القائد الشهيد/عبد الله ادريس الذى استطاع ان يساهم فى تطوير وتفعيل المعارضة الارترية عبر التاثير الايجابي خلافا لما نحن عليه اليوم .
فان القيادات التاريخية التى كانت تمثل رمح الثورة فى فترة الكفاح المسلح قد فقدت الى حيويتها وتاثيرها السياسي فى الوقت الراهن وهذه القيادات صارت خصما على عملية التغيير وشكلت مصدرا من مصادر ضعف المعارضة الارترية ، فان قيمة تلك القيادات تاريخيا ، لقد تعرضت تجربتهم للفشل ابان الكفاح المسلح فكيف لهم ان يحققوا النجاح فى عهد التغيير وشتان بين هذا وذاك ؟؟ لاباس ان نستقى منهم الدورس والعبر التاريخية وان ندعمهم من اجل نقل تجاربهم للاجيال القادمة، فان عملية تغيير واسقاط الانظمة الدكتاتورية تحتاج الى دماء شبابية تستخدم كل الادوات المعاصرة والوسائل المتاحة ، لابد ان تتيح تلك القيادة الفرصة لشباب التنظيم وان يقفوا من خلفهم بافكارهم واراءهم عبر المجالس التشريعية والثورية..
نناشد القيادات السياسية فى جبهة التحرير ان تقوم بنقل التجارب التاريخية للشباب حتى لا تضيع البوصلة ويتم تكرار تلك التجارب السابقة ، يجب ان تتيح هذه القيادة الفرصة الكاملة للشباب من اجل تولى المناصب الادارية والسياسية ويساهموا فى تطوير وترقية هذا الكيان الوطنى الذى يحتضر ، فان جبهة التحرير الارترية تمثل ارثا ثوريا وتاريخيا وهى ملك لكافة ابناء الشعب الارتري.
* جبهة الإنقاذ الوطنى الارترية :
ان هذا الكيان الوطنى الذى يمثل جزء من تجربة جبهة التحرير الارترية الأم وبه عدد مقدر من مناضلين افنوا شبابهم بالثورة الارترية ، وقد ساهم هذا الوعاء السياسي فى ارساء دعائم الوحدة الوطنية ولعب دورا كبير فى عملية التغيير فى الفترة السابقة وكان له تاثير على نطاق الوطن ، الا انه افتقد لتلك الخاصية وصار ينحصر شيئا فشيء ، وصار مثل التنظيمات الاخر يعانى من تحديات سياسية وتنظيمية وافتقد الى التنوع الاجتماعى الذى يعكس وجه الوطن الحقيقي ، لقد تعرض التنظيم لعدة هزات سياسية داخلية الا ان الهزة الاخيرة كانت قوية وكادت ان تؤدى به الى تلاشى والاندثار ، الا ان قيادته بحنكة سياسية قامت بتجاوز الازمة وبعملية انعاش سياسي باقامة سمينارات لفروعه المختلفة فى مناطق عدة مما ساهمت فى استعادة الروح فيه وعاد التنظيم الى الواجهة مرة اخرى ، لقد تم تجاوز الازمة باقل الخسائر الا ان التنظيم مازال يعانى من ترهل هيكله التنظيمى وعدم قدرته فى لعب دور سياسي محورى فى الساحه كما كان فى السابق ، وان قيادته تواجه تحدي داخلى حقيقي ويتمثل فى تطوير اداء التنظيم سياسيا وتاثيره على الساحه حتى تعيد السيرة السابقة للتنظيم التى افتقدها جراء الانشقاق الاخير ، فان قيادة هذا التنظيم تواجه تحدي حقيقي فى تحديد اولويات التنظيم : هل ستقوم ببناء القدرات الداخلية وتطوير التنظيم ام ستبحث عن دور سياسي بين الكيانات الارترية؟؟ هل ستعود الى اثيوبيا مرة اخرى وتكون جزء من الصراع القائم نكاية بالطرف المنشق ام تظل خارج اديس ابابا تغازل حزب الشعب الذى يعد خصما على تجربتها السابقة ؟؟. .
مناشدا قيادة التنظيم عبر هذا المقال ان لا تنجرف كثير خلف الدعوات المبهة التى ستفقدها تعاطف الكثيرين وتضعفها داخليا، ونتمنى ان تلتفت القيادة لبناء وتطوير وتحديث التنظيم فكريا وسياسيا حتى يكون هذا الكيان احد ركائز التغيير .
* جبهة الثوابت الوطنية وتنظيم ساقم وحزب المؤتمر الوطنى :
ان هذه التنظيمات تحمل الطرح الوطنى الا انها تفتقد للعمق الجماهيري وهى اشبه بتنظيمات النخب والمثقفين وتحتاج هذه التنظيمات الى اعادة هيكله وان تبحث فى صنع القرار بشكل جماعى بعيدا عن تاثير الاشخاص من اجل ان نستطيع وصفها بالكيانات والمؤسسات السياسية ذات تاثير حقيقي على الواقع ( فاقد الشيء لا يعطيه ) كيف لهذه الكيانات ان تساهم فى عملية تغيير نظام حكم الفرد وهى تفتقد لقرار الجماعى ؟؟؟.
ان وجود هذه القوة بالمجموعة التى تمثل الاغلبية فانها مجرد اضافة رقم ليس له اى تاثير يذكر، بإستثناء تنظيم ساقم ويعد التنظيم الوحيد الذى لديه تاثير داخل الاغلبية وذلك عبر من يترأسه وهو يعد من الشخصيات التى لها ثقل سياسي بالتحالف الديمقراطي .
فى الختام نتمنى من جبهة الانقاذ الوطنى والحركة الفدرالية وجبهة التحرير وساقم وحزب المؤتمر ان يجروا حوارات سياسية عميقة فيما بينهم على ارضية الثوابت الوطنية وان يحددوا اليات العمل المشترك تساهم فى الانخرط فى جسم سياسي موحد تدريجيا .
فان عامل الوقت ليس فى مصلحة هذه القوة وان بقاء هذه القوة بات مرهون بالعطاء والعمل والتضحية وليس الاسماء الرنانة .

ليست هناك تعليقات: