بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
لقد تناولت فى المقال السابق واقع المعارضة الارتريه وموقف البعض من القوة
الحديثه التى تحسب على تجربة الجبهة الشعبيه. لقد تلقيت عدد من التعليقات على
الفيس بوك وايضا فى أسفل المقال بموقع فرجت ، فكانت الأراء ما بين متفقٍ ومختلف ولا
بأس فى ذلك . للأسف بعض التعليقات ذهبت الى شخصنة
الموضوع أكثر من كونه حواراً موضوعياً. فالشكر موصول لموقع فرجت الذي أتاح لنا مساحه للتواصل. لنرتقى عند ممارسة حقوقنا فى إطار الرأى والرأى الأخر .
الموضوع أكثر من كونه حواراً موضوعياً. فالشكر موصول لموقع فرجت الذي أتاح لنا مساحه للتواصل. لنرتقى عند ممارسة حقوقنا فى إطار الرأى والرأى الأخر .
كما أوعدتكم
فى المقال السابق سأتناول فى هذا الجزء القوة السياسيه الحديثه التى تحسب على
تجربة الجبهة الشعبيه وعن جولاتهم التى أحدثت ضجيجاً فى الساحه ، ومازلنا نترقب مايصدر
منهم بشكل رسمى حتى نطلع على رؤيتهم ووجهتهم السياسيه ومن ثم نحكم عليهم
سلباً أم إيجاباً ولابأس الى حين يصدر ذلك نتحاور معاً حول منطلقاتهم السياسيه وعن
صدى تلك الجولات .
لقد أطلقت هذه القوة على نفسها مسمى ( منتدى للحوار الوطنى ). وطرحت نفسها كجهة سياسيه تتخذ من
الحوار مبدءاً ومنطلقا لها وذلك بناءاً لما
رشح من معلومات حتى الآن ، فطالما جعلوا الحوار منطلقا لهم فإنها خطوة إيجابيه ، وبالرغم
من ذلك نحتاج الى مزيد من الوضوح
والشفافيه ، لأن ما ورد فى الوثيقة أكبر من كونه منتدى للحوار . لقد تعمق الطرح فى
تفاصيل إدارة البلاد والترتيبات السياسيه أى ما بعد إسقاط النظام وحول تشكيل
حكومة تكنوقراط للفترة الإنتقاليه فهنا يتضح
التناقض مابين المسمى (منتدى للحوار) والطرح .
فإذا كان
الغرض من هذه الخطوة إعادة إنتاج النظام عبر دعوة الأطراف المحسوبه على تلك التجربة ومن ثم إستقطاب الأخرين بشكل فردى من
أجل الإحتواء ، ستقودنا هذه الخطوة الى الوراء وستكون الطامة الكبرى ، وحتما سيكتب
لها الفشل وعدم النجاح ، لأن الوقت
والأدوات لم تعد كما كانت فى السابق ، فمازال الوطن ينزف دماً جراء حكم الدكتاتور
الذى ولد من رحم الجبهة الشعبيه ، فلن يتجرع الشعب الارترى من كأس هذا النظام مرتين مهما كانت الظروف.
أما إذا
كانت هذه القوة تريد أن تعمل وتساهم مع الأخرين للخروج من الأزمة السياسيه التى
تمر بها البلاد؟؟ فيجب عليهم عدم الإنكفاء على الذات فى إطار التجربة السابقة ويجب
عليهم تقديم أنفسهم وفقاً لمتطلبات المرحلة برؤيه سياسيه واضحه .
فإن الهواجس
والشكوك التى تسود الساحه حول هذه القوة الحديثه نتاج طبيعى نظراً للخلفية السياسيه
القديمه (النظام القائم) الذى أفرز حكماً إستبدادياً ودكتاتوريا من الطراز الأول
، فظل الحزب مرتعاً وحصنا حصيناً للدكتاتور أسياس أفورقى الأب الروحى لهذا التنظيم
. وايضاً عدم الإقتراب من المعارضة السياسيه التى حققت بعض المكاسب لمصلحة التغييرأدى الى
هذا الإرتياب . وإنحصار الإستقطاب فى إطار التجربة السابقه ساهم ايضاً فى ارتباك الساحه .
فإن هذه
القوة تتشكل من بعض الشخصيات التى لها رصيد نضالى بتنظيم الجبهة الشعبيه من سياسين
ودبلوماسين وعسكريين والجامع بينهما التجربة السابقة لا غير .
فإن تنظيم
الجبهة الشعبيه كان يمثل ثنائى مع جبهة
التحرير أبان الكفاح المسلح فى فترة ما ، وتحقق
على يده الإستقلال ومازال قابض بالسلطة ,
وتعد هذه أول تجربة سياسيه ارتريه فى ظل الإستقلال ومازال يتجرع منها الشعب الارترى الإستبداد والإستعباد والقهر .
وبالرغم
من هذه الهواجس والمخاوف فمن الخطأ أن نضع هذه القوة فى سلة واحدة مع النظام القائم . فإن إنسلاخهم
من النظام تعد خطوة إيجابيه وحراكهم السياسي ايضاً خطوة فى الإتجاه الصحيح .أليس من الأفضل
أن نشجعهم ونحتضنهم بمعسكر المعارضة بدلاً من محاربتهم؟. فان
اى شخص يتولى منصباً وزراياً أو امنيا فى ظل
النظام القائم وينسلخ منه ومن ثم يقوم بحراكٍ سياسيا ما، فانه مكسباً للمعارضة
الارتريه ويعزز من موقفها . بالتاكيد حراكهم السياسي ضد النظام أفضل من جلوسهم فى موقف المتفرج!!. (أن تأتى متأخر خير من أن لا تأتى ) . نحن فى حاجه الى مساهمة جميع أفراد الشعب الارتري من أجل تحقيق التغيير المنشود
. ولاسيما من فى الداخل يمثلون لبنة التغيير. فإن النظام يمر بظرفٍ حرج ويعانى من
أزمة حادة لا يكاد يخرج منها وحتما ستكون نهايته ، فعليه يجب أن نحتضن ونستوعب كل
فرد ينسلخ منه حتى لا تحصل ردة عن عملية التغيير ومن ثم يستثمرها النظام لصالحه ونفقد
الأمل .
فاذا أردنا
التغيير حقاً يجب علينا أن نتحلى بروح المسؤلية الوطنيه ونساهم فى إعادة الثقة بين
كل القوة السياسيه وأن نزيل الشكوك والهواجس التى قد تكون سباباً أحياناً فى إستمرار
النظام ، فنحن فى حاجه لكل القوة السياسيه فى الوقت الراهن من أجل إسقاط النظام
القائم ، بدلاً من المحاكمات المسبقه
والقوالب الجاهزة والتصنيف الأعمى والشحن
الزائد الذى نمارسه ، فيجب علينا أن نوجه سهامنا نحو النظام وأدواته القمعيه
التى مازالت تفتك بشعبنا فى الداخل ، لا بأس ان يعمل كلا بطريقته من أجل إسقاط النظام . ولم يطلب من
احد ترك الساحه للاخر . ويجب على الجميع البحث عن المشتركات من أجل الإلتقاء فى منتصف الطريق .
وأيضا على
القوة السياسيه الحديثه المحسوبه على التجربة السابقه أن تبعد من محاولة إنتاج النظام الإقصائي
الذى نتج عنه الدكتاتور اسياس افورقى ويجب عليهم ان يسعوا لطمئنة الشارع السياسي الارترى عبر الخطوات التاليه :
@ اى شخص
كان مسؤلاً فى النظام وإنسلخ منه يجب أن يحدد موقفه ويعتذر للشعب الارتري. كما
فعلها رجل الأعمال (ودى فكاروا ) عن دعمه للنظام سابقاً .
@ بعض
الشخصيات يجب أن تخرج من حالة الصمت. وأن تساهم فى تعرية وفضح النظام
@ ان يتم
فتح قنوات تواصل مع كل القوة السياسيه الإرتريه دون إستثناء وان يتم الحوار
معهم بشكل بناء وشفاف من أجل تجاوز التحديات
التى تواجه الشعب الارتري ..
@ يجب على القوة الحديثه تحديد الإيطار السياسي .
فان الوثيقه لم تعد واضحة المعالم . ما إن كانت تنظيماً سياسياً أم منظمة مجتمع
مدنى ..
@ يجب الإبتعاد من الإنكفاء على الذات وعدم حصر الإستقطاب وفقاً
للتجربة السابقه حتى لا تتم إنتاج النظام القائم مرة اخرى ويتأزم الموقف أكثر مما كان عليه ..
@ يجب عدم
تكرار سياسات الجبهة الشعبيه السابقه
باللعب على التناقضات .
@ يجب
المساهمة بشكل إيجابي والعمل مع كل الأطراف للخروج من الأزمة الحاليه الى برى الأمان . ويجب الإستفادة من الحراك الشعبي الواسع وعدم تبديد الفرص بالإنصرافات فى القضايا
الثانويه.. فيجب علينا أن نتحلى بمفاهيم و قيم الحوار. فإن الحوار ممارسة ونهج
وسلوك ..
وفى الختام :
فى الايام السابقه فقدنا عدد
من مناضلى جبهة التحرير الارتريه إذ أتقدم بخالص التعازى لجميع أسر وذوى من رحلوا من دنيانا الفانيه الذين أفنوا
شبابهم من اجل تحرير التراب الارترى . ونسال الله ان يتغمدهم بواسع رحمته انا لله وانا
اليه راجعون ..
لم ينحصر الحزن لدى الشعب الارتري وانما طال القارة السمراء برحيل احد رجالها
العظماء الزعيم نيلسون منديلا الذى نحت اسمه فى سجل التاريخ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق