24‏/04‏/2016

المعارضة الارترية والخيار الصعب ( 3 )

بقلم محمد امان ابراهيم انجبا
المحطة الثانية :
المعارضة الارترية ( ذات الاغلبية ):
عندما نسمع بالمعارضة الارترية يتبادر الى ذهننا ان هذا المسمي يطلق على كائن فضائ لايرى بالعين المجردة ، ربما يرى البعض ان هذا الوصف مبالغ فيه ولكنها الحقيقية المرة التى لا تعجب المنتسبين الى التنظيمات السياسية الارترية ، فاذا قمنا باجراء مسح ميدانى بسيط بطرح بعض الاسئلة للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعى : كم عدد التنظيمات الارترية ومن تعرف منهم وماهو دور المعارضة؟ حقا ستكون الإجابة صادمة، للاسف من يمثلون المعارضة الارترية قد أسقطوا من اجندتهم عملية المحاسبة والنقد بشتى انواعه ويضجرون بمجرد ان يسمعوا تلك المصطلحات ويرون ان هذا الحق غير مكفول للرأى العام ويعللون انهم يعملون فى ظروف استثانئية وفى غاية التعقيد، بينما هذا الحق مكفول للدولة المضيفة التى تمتلك الادوات الحقيقية للمحاسبة والتوبيخ وتستطيع ان تفعل الكثير اذ تم الخروج عن طاعتها !!..
ان المعارضة الارترية ما ان خرجت من سمينار ومؤتمر ولقاء تسعى لاقامة اخر دون ان تقف وتقييم السابق مما يجعل المخرجات التى توصلت اليها مجرد حبر على الورق ولا قيمة له من الناحية العملية، اقامة المعارضة الارترية فى الآونة الاخيرة محطات سياسية كثيرة وقبل ان نصل الى تقييم واضح لمسار كل محطة ونقف على الاخفاقات والانجازات التى تحققت، فنجدها تقفز لمحطة اخرى دون سابق انذار وتتهافت لكل دعوة تقدم لها .
ان المعارضة الارترية تعانى من ازمة مزمنة وحادة ، وللاسف لم تفسح المجال للكفاءات العلمية والاكاديمية من اجل الغوص فى جذور المشكلة ونتعرف على مسبباتها لتقديم حلول ناجعة بطرق منهجية علمية ، وان التشخيص الدقيق للازمة حتما سيساعدنا فى ايجاد الحلول الناجعة ، ولاسيما ان الازمة الارترية ازمة مركبة ومعقدة وتحتاج لتقديم درسات وابحاث تتناول كل الجوانب الاجتماعية والثقافية والنفسية وهذه الملفات تعد مدخلا سليما للازمة السياسية الراهنة..
وللاسف المعارضة تقوم بحجب المعلومة واحتكارها ولاتكترث للرأي العام، وليس لها استعداد للتعاطى مع اى مبادرة من شأنها تساعد فى الحلول والخروج من الازمة الراهنة ، فانها لا تتعامل بواقع المسؤولية السياسية والاخلاقية التى يقع على عاتقها ، لقد فقدت البعد الشعبي بسبب سلوكها الطائش وممارساتها الغير سوية ، لا ادرى اين درسوا السياسية وعلومها من يقود تلك المعارضة هل ينتمون لكوكب اخر ام لديهم ارتريا اخرى يعملون لاجلها ؟!!! هل هؤلاء حقا يستطيعون حكم اقليم ناهيك عن دولة مزق اواصلها النظام الدكتاتورى وجعلها مقاطعات منفصلة عن بعضها البعض ثقافيا وسياسيا؟؟!!.
نعود مرة اخرى ونقف على وضع المعارضة الارترية ومكوناتها السياسية حتى نصل معا لتشخيص الازمة التى تمر بها المعارضة ومن ثم نذهب معا الى الخيار الصعب ( الكي بالرغم انه مؤلم الا انه علاج فى بعض الاحيان) لقد انقسمت المعارضة الارترية الى فريقين اى تم تشكيل تحالفات على ارضية الخلافات الاخيرة التى طرأت داخل المجلس الوطنى .
فى المحطة الاولى كنت قد توقفت على المحور الاثيوبي وتناولته بالتفصيل ، ففى هذه المحطة ساتناول الفريق الثانى ذات الاغلبية التى تمثل تيارات سياسية مختلفة .
الفريق الاول:
يمثل (5+1) جناح يوهنس اسملاش وعقبا دبوس الذى انفصل عن جبهة الانقاذ وتنظيم الكنوما وجناح السيد هنجما (تصدقى ) وتنظيم الساهو وتنظيم الوحدة (سمرت) الذى يقوده ود اسفها بالاضافة الى رئيس اللجنة التنفيذية للمجلس الوطنى وهؤلاء يمثلون المحور الاثيوبي وتعتمد عليهم اعتمادا كليا فى مخططاتها الرامية لتفتيت ارتريا وتمزيقها بالاضافة الى التنظيم الديمقراطي لعفر البحر، ويكفى ان هذه المجموعة قاطعت نيروبي بناءا على الرغبة الاثيوبية التى كان لها تحفز واعتراض لقيامه خارج اراضيها وبعيدا عن رعايتها، فتلك الجبهة ترجمة الموقف عبر بيان يحمل توقيعهم بالمقاطعة ، بينما سمحت اثيوبيا لتلك المجموعة بالمشاركة فى سمينار فرانكفورت الذى اتت مخرجاته وفقا للهوى الاثيوبي . واضف الى هذه المجموعة رابطة المنخفضات التى تخدم التوجه الاثيوبي ولكنها ولدت خارج اديس ابابا .
الغريب فى الامر من كانوا يمثلون حلفا سياسيا ويتأمرون على يوسف برهانو بالأمس اصبحوا اليوم خصوما سياسيا وكل واحد منهم يقف على رأس فريق.
الفريق الثانى :
يتألف هذا المحور من الحزب الاسلامى والمؤتمر الاسلامى وحركة الاصلاح الاسلامى والحركة الفدرالية وجبهة التحرير الارترية وحزب النهضة "الجبرتة" وجبهة الانقاذ الوطنى الارترية وتنظيم ساقم وجبهة الثوابت الوطنية وحزب المؤتمر الارتري بالاضافة الى رئيس التحالف ورئيس المجلس الوطنى.
ان ممثلى هذه الجهات البعض منهم يقيم اقامة دائمة فى اديس ابابا والقليل يغادر اديس وياتى فقط لحضور الفعاليات ، فان ظروف الاقامة تختلف من شخص لاخر فهناك من يقيم لدواعى امنية والبعض فى إطار التكليف السياسي والبعض لملئ الفراغ وهناك من انخرط فى مجال التجارة ، وهذه الظروف كفيلة بتعقيد شأن المعارضة ، فاحيانا تتقاطع المصالح الشخصية مع التكليف السياسي، فى بعض الاوقات يتم الانحنى للمطالب الاثيوبية فى اطار الحفاظ على الإمتيازات الشخصية الممنوحة ، فيحدث اختلال وإنفصال ما بين مواقف التنظيم وممثله فى اديس ابابا.
* التيارات الاسلامية :
ان تركيبة الحركات الاسلامية الارترية وطبيعتها التنظيمية لا تختلف عن بقية القوة السياسية الارترية فهى تنتمى لتلك البيئة التى نشأت فيها بقية التيارات السياسية الارترية وان اخذت هذه الحركات المسمى الاسلامى ، فان التركيبة الاجتماعية لهذه التنظيمات اشبة واقرب بالانتماء القبلي وان الحركات الاسلامية الارترية لا تمثل تيارا فكريا واحدا وتتعدد مدارسها الفكرية والبعض منها افتقد للصبغة الفكرية والمنهج السياسي ذات اللون الواحد ، وهذا مؤشر حقيقي لنضج تلك الحركات واكتسابها بعض المرونة ، وان هذا التحول والإنفتاح كان له ثمنه وضريبته الحزبية ، ومازالت هذه الحركات تواجه بعض الاشكالات الداخلية وانها لم تستطيع ان تتجاوز مرحلة التأسيس ولم تستطيع ان تستقطب وتكتسب لصفوفها اعضاء جدد . وبعض الممارسات الخاطئة والسالبة من قياداتها افقدتها عددا مقدرا من كوادرها السياسية والشبابية ويصعب عليها تعويض ذلك ..
ان الاسلام السياسي فى المنطقة ككل يواجه ازمة حادة وان الحركات الاسلامية الارترية تمثل جزء من هذا المحور الذى يتعرض للتضييق والخناق، فان الصراع فى المنطقة انعكس على الحركات الاسلامية الارترية بشكل خاص وبات ذلك واضحا مما حد من قدراتها التنظيميه وحجم من دورها السياسي ، وان الحركات الاسلامية الارترية تمر بمرحلة عصيبة وللاسف لم تستطيع ان تسوق نفسها وقضيتها بعيدا عن الصرعات فى المنطقة ، مما جعلها خارج دائرة الاهتمام والرعاية العربية وإنعكس الامر على المعارضة الارترية ككل التى لم تجد نصيرا وحليفا فى المنطقة ، بالمقابل قام النظام الارتري بإغتنام الفرصة وخرج من العزلة التى فرضها على نفسه والتقط انفاسه مجددا واستفادة من الصراع الدائر فى المنطقة ، فان عجز المعارضة الارترية فى تحقيق اختراق دبلوماسي فتح شهيه الجارة اثيوبيا وقامت باحتكار الملف الارترى وابتزاز المعارضة التى تقيم على اراضيها فى تحدى واضح وصريح ولم تجد المعارضة خيار اخر تذهب اليه .
فان التيارات الاسلامية الارترية لم تستطيع ان تتكييف مع الظروف السياسية التى تطرأ فى المنطقة ولم تستطيع ان تحقق وتلبي تطلعات الانسان المسلم الارترى الذى يواجه كل صنوف الإقصاء والظلم والتهميش فى ارتريا، فان المطلوب من تلك الحركات ان تقف وتتصالح مع الذات وتتجاوز المرارات السابقة وتعمل من اجل توحيد رؤاها وتحدد اولوياتها فى هذه المرحلة، فمن الضرورة الملحة فى الوقت الراهن ان تقوم بتجديد خطابها السياسي وفقا للمعطيات فى المنطقة مع الحفاظ على خصوصيتها السياسية ، فان ثبات وجمود الحركات الاسلامية الارترية وعدم تكييفها مع الواقع السياسي فى المنطقة سيجعل دورها باهتا وغير واضح المعالم وايضا ستفقد التعاطف الذى اكتسبته فى بداية الانطلاقة ، لابأس ان تقوم بتغيير المسمى السياسي دون ان يتأثر نهجها الفكرى وذلك تماشيا مع ظروف المرحلة ولابد من العمل بفقة الضرورة .
ففى الفترة الاخيرة لاحظنا ان التيارات الاسلامية الارترية توجهت صوب تركيا فى محاولة منها للبحث عن حليف جديد فى ظل الغياب العربي، فهى محاولة جيدة ولكنها لن تحقق تطلعات المعارضة الارترية ولن تستطيع تركيا ان تكون البديل الذى يحتضن المعارضة الارترية وذلك لظروف مختلفة ولاسميا بعدها الجغرافي والاختلاف الثقافى له دور كبير، ولابد من الاخذ فى الاعتبار ان تركيا يحكمها الاسلامى السياسي وتتعرض لبعض المضايقات وتمر بظرف سياسي حرج وعليها اعبئ سياسية كثيرة لا تستطيع ان تضيف الى عبئها عبئا اضافيا بتحمل القضية الارترية ، فلاباس ان يتم البحث عن حليف عربي من خلال الدور التركى فى المنطقة وان هناك نوعا ما تقارب عربي تركي وتحالف سياسي جديد على اثر الازمة اليمينة والسورية (سعودي تركي ) ...
ان الحركات الاسلامية الارترية فى حاجة الى مراجعات فكرية وتطوير هيكلها التنظيمي، وبناء قدراتها الذاتيه ونتمنى ان تجرى مرجعات تصب فى مصلحة الوحدة الاسلامية الارترية وتنتج عبره نهجا فكريا سياسيا ذات نكهة ارترية خالصة ويميزها عن بقية التيارات الاسلامية فى المنطقة ، ان يتسم التيار الاسلامى السياسي الارترى بطرحه الخاص بتبنى الدولة المدنية وتقديم حلول واقعية للازمة التى تواجه المكون الارتري المسلم وغير المسلم. وان تساهم تلك التيارات فى دفع عملية التغيير بطريقة ديناميكية، فان غياب دور الحركات الاسلامية الارترية فى الساحة ادى الى ظهور تيارات مناطقية وقبلية.
فلا احد يستطيع ان يتجاوز التيار السياسي الاسلامى فى ارتريا وهو يمثل عنصر توازن سياسي فى المستقبل شريطة ان يتم استثماره بشكل جيد وتصحيح مساره السياسي والفكرى حتى يحافظ على مصالح المسلمين ككل ويخلق التوازن الحقيقي..
فان وجود التيار الاسلامى السياسي فى ارتريا المستقبل حقا سيعيد الحقوق المسلوبة لاهلها وسيكون اداة ضغط على الخصم السياسي الذى يتنكر لحقوق المسلمين فى ارتريا ويتعاظم شيئا فشيئ...
رفقا بالقارئ ساتوقف هنا على امل ان التقيكم فى قراءة اخرى اتناول عبرها بقية المكونات السياسية ان مد الله فى الاعمار ..
...... ما ضاع حق وراءه مطالب .......

ليست هناك تعليقات: