22‏/11‏/2025

الحراك الشعبي… فورة وتنتهي؟ أم ثورة ضمير؟

بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا

عندما خرجنا من منازلنا لم نخرج إرضاءً لشخص ما أو قبيلة أو قومية أو منطقة ، بل خرجنا

لنصرة الحق . إن الطريق الذي نسلكه من اجل إعادة الحقوق شاقّ ومتعب ، ولابد من مواصلته مهما كانت التحديات والعقبات .

فهل حراكنا الشعبي الحالي مجرّد فورة عابرة كما يدّعي البعض، أم أنه ثورة ضمير؟
من يبحث عن الظهور والبريق فليبحث عن طريق آخر ، فهو في المكان الخطأ ، فحراكنا صوتُ لمن لا صوت لهم ، صوتُ أولئك المغيبون الذين يقبعون في الزنازين تحت الأرض لعشرات السنين وينتظرون نصرتنا.

إن الحراك الشعبي ليس مجرد حركة سياسية نحاول عبرها الوصول الى السلطة ، أو تجمع إثني نفرض من خلاله ثقافتنا أو تراثنا ، ولم يكن يومًا حراكًا سطحيًا لتسلق الغوغائية والشعبوية . إنه حراك نابع من وعي بالقيم الإنسانية ، أساسه الأخلاق والمسؤولية التى يحركها الضمير الحى . كن إنسانًا ذا مبدأ قبل أن تكون سياسيًا.

إن كنتم تنتظرون التغيير في إرتريا دون القيام بأي دور في أماكن إقامتكم ، فأنتم واهمون . فإذا كان أنصار النظام يدعمونه في المهجر عبر المهرجانات والحفلات ، فكيف نطالب المعارضة بالإنجاز ونحن غير مستعدين لدعمها ولو بالحد الأدنى؟
علينا أن نستوعب المشهد: النظام بكل إمكانياته يحتاج إلى دعم ، فكيف حال المعارضة التي تفتقد إلى السند الشعبي وتفتقر الى الدعم الإقليمي؟
 لا ينبغي أن ننتظر الآخرين ليؤدوا واجبنا . نحن مَن يصنع الفرص ، ونحن مَن يجب أن يساهم إيجابًا في عملية التغيير. أما الجلوس والتذمر وإلقاء اللوم فلن يغيّر شيئًا من الواقع .

يرى بعضنا أن هذا الحراك مجرد "فورة عابرة" ستنتهي . نعم ان التفكير بهذا الشكل سلبي للغاية . ما الذي يجعلك تتمنّى نهاية الحراك ؟ وهل تستفيد من موته او تلاشيه ؟
إذا كنت قادرًا على إنقاذه فلا تتردد ، افعل ما تستطيع، واعتبر نفسك أنت المسؤول الأول عن حمايته واستمراره . كن مبادرًا، حريصًا ، وأمينًا على هذا الحراك مهما كانت الصعوبات والتحديات .

يعوّل النظام وأنصاره على موت هذا الحراك ليصبح كغيره من المحاولات السابقة . يفعلون كل ما بوسعهم لقتل الحماس لدى الجماهير ، ويراهنون على عامل الوقت .

ويدفع النظام ببعض الأشخاص لزرع الفرقة بين المكوّنات الإجتماعية وإشعال النعرات القبلية والمناطقية لصرف الناس عن هذا الحراك ، ويوظف بعض اللغات المحلية في الحوار لوضع الحواجز النفسية وقطع التواصل بين المجتمعات . 
فى الفترة الأخيرة ظهرت تكتلات داخل بعض التنسيقيات بهدف السيطرة على الحراك وفرض أجندات خاصة عليه من اجل تحييد هذا الحراك ، وهناك مساعى لفصل الشباب عن المعارضة السياسية بطرق مختلفة وملتوية ، فى بعض الاقطار يتم إقصاء بعض الأفراد بسبب لونهم السياسي .

ماهية الحراك الشعبي:
الحراك الشعبي هو حشد جماهيري مدني سلمي يهدف إلى إحداث التغيير فى ارتريا من خلال الضغط الجماهيرى ، اعتمادًا على المظاهرات والإحتجاجات والاعتصامات والمسيرات.

الحراك ليس حكرًا على جهة أو فئة ، وليس من مصلحة الحراك أن يكون ذا بعد ثقافي أو اجتماعي محدد . يجب أن تشارك فيه جميع شرائح المجتمع بمختلف أفكارهم وانتماءاتهم .

إن التنسيقيات التى تم انشاؤها من اجل تنظيم الحراك وتطويره وليس من اجل التسلق والوصول الى السلطة . من يبحث عن منصب أو ظهور عبر الحراك فليبحث عن إطار سياسي آخر .

كل من يسعى لإقصاء المعارضة من الحراك ، بالتأكيد انه يقدم خدمة جليلة للنظام. 

يجب علينا الإستمرار في تقوية الحراك والإلتفاف حوله ، علينا ان نهتم بالنوع لا العدد . حتى لو لم يبقَ في كل بلد سوى "عشرة أشخاص" فعليهم الإستمرار .

عندما نعود إلى منازلنا ونلتقي بأسرنا ، علينا أن نتذكّر أن هناك امرأة تنتظر زوجًا إختفى منذ عشرات السنين حتى جفّت عيناها ، وأن هناك آباءً وأبناءً تحت الأرض لا يستطيعون العودة لأهلهم ولا رؤية أحبتهم .

إن حراكنا هذا ثورة ضمير ، لا فورة عابرة وهى ليس ثورة لتحقيق الرغبات الشخصية ، ولا مجال فيه للتسلية أو العبث .
إن مات هذا الحراك فسنصنع ألف حراك غيره.

… فما ضاع حق وراءه مطالب …

ليست هناك تعليقات: