23‏/04‏/2016

المعارضة الارترية والخيار الصعب ( 1 )

بقلم محمد امان ابراهيم انجبا
             فان الخوض فى موضوع المعارضة بات مملا ومنفرا لما فيه من تعقيد وارتباك .. هناك تغلبات وتحولات وتحالفات لانكاد نفهمها والساحة فى حاجة الى تفكيك وقراءة متأنية من اجل محاولة الخروج من حالة الركود الى رحاب الحراك والعمل الجاد .
اذا نظرنا الى المعارضة الارترية وتقلباتها وتنقلاتها من لقاء الى مؤتمر نجدها تدور حول نفسها ولا تتجاوز مربع الصراع والخلاف ، وكل مؤتمر ولقاء يقام لم يقام بشكل مدروس ولم يتم عبر تقييما موضوعى لما سبقه من مؤتمر او لقاء حتى يساهم فى نتائج افضل وللاسف لنتائج تاتى متواضعه وغير ذى جدوى وبالتاكيد هذا يؤدى الى تخبط وعدم وضوح فى الرؤيه مما يحدث ارباكا فى الساحة السياسية ويزيد حالة الاحباط والياس ..

ساحاول عبر هذا البوست اقف على حال المعارضة الارترية وخيارها الصعب ربما اكون مخطئ فى قرأتى هذه بالطبع يرجع ذلك لشح المعلومات وعدم تنوع المصادر .. وللاسف كل المصادر صارت تسرب المعلومات على حسب مصالحها وميولها السياسية والحزبية ..
المحطة الاولى :
اثيوبيا : لا شك ان اثيوبيا كدولة جوار لها الفضل الكبير على احتضان المعارضة الارترية وقياداتها الذين تم استبعادهم والتضييق عليهم من قبل السلطات السودانية فان ااتاحة الفرصة لهم لممارسة العمل السياسي فى الوقت الراهن وان كان محدودا تشكر عليه ..
الا ان ذلك لا يعفيها من المسؤولية المباشرة فى حالة اخفاق ونجاح المعارضة الارترية وكلنا يدرك التدخل الاثيوبي ومدى تاثيره على اداءا لمعارضة الارترية وتاجيج الصراعات البينية وممارسة المحاباة والمفاضلة والتقريب بين القوة السياسية الارترية ..
ان اثيوبيا طيلة الفترة السابقة كانت تجتهد و تسعى من اجل خلق كيانات سياسية تراعى مصالحها كدولة مضيفة ولها حدود مشتركة مع ارتريا والمحاولات كانت كثيرة ولاسميا ان اثيوبيا لها اطماع فى ارتريا فى حال سقوط الدكتاتور ، وبالفعل استطاعت خلق تنظيمات قومية مواليه لها وجلعت منها قوة ضاربة فى جسم المعارضة . ووظفة تلك القوة داخل المعارضة وجعلت منها عينا راعيا وساهرا لمصالحها وتنقل لها ما يدور فى الغرفة المغلقة ..
لا شك ان اثيوبيا كدولة مضيفة تكرمت بتمويل نشاط المعارضة وسمحت لها بممارسة نشاطها السياسي بالتاكيد لم يكون ذلك حبا فيها وسخاءا منها.. وبالرغم من ادعائها باحتضان المعارضة الا انها لم تسمح بممارسة اى عمل حقيقي يزعج النظام الارترى بل قامت بتفريخ القوة الوطنية مما جعلت المعارضة الارترية يصل تعدادها مايفوق الثلاثين تنظيم وحزب ..
كدولة مضيفة لم تكون يوما اداة ضاغطة على المعارضة لتجاوز العقبات التى تواجهها حتى يستقيم عودها ويشتد بأسها وتدفعها لتؤرق مضاجع النظام ، وللاسف لم تسمح للتنظيمات المسلحة ان تخترق الحدود الاثيوبية الارترية حتى توجه ضربات عسكرية وقامت بحجب الاعلام العالمى عن كل مناشط المعارضة ا .
فان المعارضة الارترية التى تقييم فى اديس ابابا لم نرى لها دور يذكر طيلة الفترة السابقة سوى بيانات ، وتحالفات واجتماعات متكررة وعلى الصعيد الاخر اذ نجد حماسا جماهيريا وحراكا سياسيا خارج اديس ابابا يغطى القارات الاربعة باقامة المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات مما ادى الى عكس القضية فى المنابر الحقوقية والانسانية وتدويلها لدى الرأى العام العالمى ، فكان هذا النشاط المتعدد محفزا لتلك المؤسسات الحقوقية العالمية من اجل تحريك الملف الارتري ومن ثم التضييق على النظام بشكل او اخر .. بالطبع لم يهدأ بال اثيوبيا وهى ترى ان الحراك خارج اراضيها صار قويا ويتسم بالجدية ويتجاوز كل الزخم السياسي الذى تحتضنه ، فقامت بدفع المعارضة لاحتوى المد الشعبي بدعوة شراكة سياسية باقامة سمينارات مختلفة ومتنوعة كخطوة اولى عبرها تستقطب الناشطين السياسيين وبالفعل اقامة ملتقى وطنى وشارك فيه عدد من المثقفين والناشطين السياسيين والاعلاميين المتواجدين خارج اديس ، وكانت الفكرة رائعه فى حد ذاتها وخطوة متقدمة فى الفهم الا ان تلك الخطوة على حسب المخطط الاثيوبي محطة تهدف لمصادرة اى حراك خارج اراضيها. وتحاول اثيوبيا تمسك بالملف الارتري عبر جهود مختلفة حتى لا يتم تجاوزها فى المستقبل لرسم وتحديد ملامح الخارطة السياسية لدولة ارتريا ما بعد زوال اسياس افورقى اى التفاف على المشروع الوطنى الارترى !!؟؟ بالتاكيد ان امساك اثيوبيا بملف المعارضة الارترية له ثمنه وربما يكون ورقة رابحة فى حالة تسوية الملف السياسي بينها وبين النظام الارتري وكل شيء وارد فى عالم السياسية وهناك سوابق مثيلة ( صفقة ملف المعارضة السودانية والارموا وغيرهم ....
وبناءا على تلك المساعى اقيم ملتقى الحوار الوطنى فى العام 2010 وتم الاقرار فيه باقامة مؤتمر جامع ويتم التحضير له خلال عام عبر اختيار مفوضية وطنية وكان تعدادها حوالى ثلاثة وخمسين عضو منتشرين فى بقاع العالم وكانت لهم لجان مساعدة على مستوى الاقطار والقارات وعبر هذه اللجنة التحضيرية استطاعت اثيوبيا ان تضع يدها على الحراك الشعبي وكل ما يتصل بارتريا خارج اثيوبيا وللاسف تلك المفوضية قامت ببعض التجاوزات التى كانت خصما من رصيدها و كانت الجماهير يقظة لكل تلك التجاوزات ووضحت الخيوط الاثيوبية عبر اداءها وممارساتها اثناء التحضير.
ففى العام 2011 تم عقد المؤتمر الجامع التى حضرت له المفوضية خلال عام كامل وشارك فيه حوالى ستمائة عضو و فى اول جلسات المؤتمر انكشفت اللعبة الاثيوبية وذلك من خلال تثبيت عضوية المؤتمر كخطوة اجرائية فى الجلسة الافتتاحية فظهرت قائمة من (مائة وستين) عضو تمت دعوتهم الى المؤتمر بطريقة غير شرعية بداعى التوازن الثقافى والدينى ، وما زاد الطينة بلة تبرير المفوضية بان الاقتراح اتى من قبل الدولة المضيفة ( اثيوبيا ) لتحقيق التوازن الثقافى والدينى وبالفعل كان الرد صادما وصاعقا من الجماهير وتعرض المؤتمر فى جلساته الاولى الى اهتزاز كبير وبصعوبة بالغة تم تجاوز الموقف، ولكن الجماهير احتفظت بحق الرد وصفعت الدولة المضيفة صفعة قوية بعدم ترشيح اعضاء المفوضية فى قائمة المجلس الوطنى اى تم لفظ رئيس المفوضية وكامل اعضاءها الكرم من قائمة المرشحين ، مما جعل اثيوبيا غير راضية عن المجلس الوطنى وادارته الجديدة برغم انها احتفظت بوجودها فى المجلس عبر التنظيمات التى تراعى مصالحها من خلال المحاصصة السياسية التى ادت الى تقاسم القوة السياسية الارترية لما يزيد عن نصف مقاعد المجلس .
وللاسف استمرت الجهود الاثيوبية فى تقزيم المجلس الذى اتت مخرجاته بعيدا عن هوى الدولة المضيفة وعكس توقعاتها وتصوراتها ، ثم قامت بضخ الروح في التحالف ودفعه للقيام بناشط موازى للمجلس مما ادى الى ارباك الساحة وخلق حالة من الصراع ، ولم تتوقف اثيوبيا بذلك بل قامت ايضا بدعوة الشباب الارترى الى ملتقى شبابي دبر زيت فى العام 2012 وحضره مئتين من الشباب الارترى من مختلف العالم وكانت هذه الميزانية كفيلة بنهضة المجلس الوليد ودفعه للعمل الجاد ، وللاسف عبر هذه الخطوة تسببت فى اهتزاز الثقة بين الحراك الشبابي والقوة السياسية واجبرت المجلس والتحالف ليشهدا زورا بشرعية هذا الكيان الوليد والاقرار بمخرجاته ..
بالطبع صار الكيان الشبابي الوليد ذو مخالب قوية ويرعاه مكتب الجنزال مباشر ويعمل بعيدا عن القوة السياسية الارترية المنضوية تحت مظلة المجلس الوطن ، شيئا فشيئا بدأت تتضح معالم هذا الكيان الشبابي الوليد فتعرض لبعض الهزات ولانشقاقات الا انها لم تضعفه وبالرغم من ذلك اقام هذا الكيان مؤتمرا خاص به بعيدا عن انظار المجلس والتحالف وبرعاية اثيوبية خالصة وبانفضاض اعمال المؤتمر اعلن عن تدشين كيان سياسي ويترأسه ذات الشخص المدعوا " ود اسفهى " وللاسف صار هذا الكيان الوليد ملك خاص لابناء االتقرنيجه ابناء اقليم بعينه . ولم تتوقف المحاولات الاثيوبية فقامت بشق وتمزيق احد التنظيمات الوطنية بعد ان افرخت عدد من التنظيمات السياسية ، وساعدت الطرف المنشق لاقامة تحالف ثقافى دينى مع عدد من التنظيمات المماثلة التى توالى اثيوبيا وبذلك تشكل معسكر جديد يحتضن المدعوا "قنريليوس" ويدافعون عنه ويتمسكون به بينما هو يسيئ للرمز الوطنى الشهيد حامد ادريس عواتى وبذلك تثبت هذه القوة انها اداة تخدم مصالح المستعمر الجديد وينفذ اجندتها دون تردد وفى وضح النهار ويتحرك وفقا لاوامر الجنرال . وبذلك اثيوبيا استغنت عن خدمات التنظيمات القومية ولجأت الى التجمع الجديد بكل ثقلها والذى جعلت منه قوة ضاربة واستطاعت عبر هذه المجموعة ان تمرر كثيرا من سياسياتها وتفرض رؤيتها كدولة مضيفة على القوة السياسية ، بالتاكيد التحالف الجديد له خصائصه الثقافية والدينية وهو اقرب للنظام الحاكم فى اثيوبيا وبينهما مشتركات قوية ، وبالطبع هذا الفرز السياسي يعيدنا الى الخلف قليلا ويجعلنا نصطحب التاريخ ونقوص فيه ونقرأ بين صفحاته فنجد ان هناك وجه الشبة بين اليوم والامس ، ففى فترة الاستعمار كان هناك دور شبيه لهذه القوة بحزب الانتدنت الذى كان ينفذ المخطط الاستعمارى لاثيوبي ويمثل اداته التوسعيه ، وفى الوقت الحاضر النظام الاثيوبي يمارس نفس الدور ويخلق كيان شبيه بالانتدنيت عبر الحلف الجديد ذات البعد الثقافى والدينى !!!! وهذا لا يعنى ان اثيوبيا عيونها تتشكل من ابناء التقرنيجه فقط بل بالعكس من كان يلعب هذا الدوار ويحتل موقعا مقربا من النظام الحاكم فى الوقت القريب كان من ابناء المسلمين ويحسب علينا ثقافيا ، ومازلت هناك بعض الشخصيات التاريخية تلعب هذا الدور وبالتاكيد سيكون ذلك خصما من تاريخها النضالى الطويل ، طبعا ظروف كل شخص تختلف عن الاخر والولاء والتقرب له دوافعه التنظيمية ومنافعه الشخصية وللاسف كثير من اجتماعات المعارضة يتم تسريب محاضرها الى مكتب الجنرال الذى يقوم بدوره بتوبيخ المتحدثين فى اجتماعات المعارضة الارترية المغلقة ويتناول دور اثيوبيا سلبا مما جعل كثير من القيادات تحتفظ بإرءاها فى اجتماعات المعارضة التى تقام باديس ابابا ( بالعربي صارت اثيوبيا لها عيون تسهر لخدمة مصالحها داخل اروقة المعارضة من كل االاطراف ) ..
.... ان مدى الله فى الاعمار سوف اكمل قرأتى حول المعارضة والخيار الصعب ....
................... لا ضاع حق وراءه مطالب .............

ليست هناك تعليقات: