27‏/08‏/2015

هذا ما جادت به ذاكرتى بينما الحزن يطغى عليها

بقلم / محمد امان ابراهيم انجبا

لقد التقيت بالمرحوم عبد الرحمن عثمان الشهير ب ( عبودى ) بغرفة البالتوك وكثير ما كنا نتناقش ونتحاور حول القضايا العامه وهموم الوطن بشكل عام ، وكثير ما كنت اختلف معه فى تناوله للمعارضة الارتريه ، ولم استطيع اتفهم وجهة نظرته فى غرفة البالتوك امام العامه ، فكنت احاول الانفرد به حتى افهم قصده وفهمه للقضيه ، فكنت احس انه بعيدا عن الواقع وغير ملم بظروف المعارضة السياسيه الارترى وما تمر به الساحه فى تلك المرحلة ، وكنت احاول ان املكه بعض  المعلومات والحقائق التى
امتلكها حتى لا يتسبب فى احباط الشباب وتسريب اليأس اليهم ولاسيما المعارضة الارتريه فى حينها قد كانت اكملت التحضير لمؤتمر اواسا  وخرجت من المؤتمر  بانشاء المجلس الوطنى الديمقراطى الارترى وكنا نتوقع الكثير من هذا المجلس ، وكانت بداية المشوار  له ، ولاسيما شخصيا كنت مشاركا فى هذا المؤتمر ... ومن ناحيه اخرى كان الفقيد يستفز الشباب من اجل العمل بدلا من الصمت والثرثرة وكثرة الحديث وانتظار القيادات السياسيه لتحقق لهم التغيير وكان ذلك يعجبنى فيه لاننا كنا حقا نفتقد لهذا الدور ومن يقوم به ..
وبعد الانتهاء من الامسية ووداع الاخوان فى الغرفة كنا نلتقى على الخاص ونعيد نقاش تلك العناووين التى ناقشناها فى العام وكنت اخصه بالحرف ان يفتح الحوار السابق هنا فى الخاص مرة اخرى حتى افهم مقاصده و كنت اسعى لافهم ما مدى جدية الرجل فى تلك الحوارات واحيانا اصل معه لدرجة اتهامه بانه يعمل لصالح النظام وانه مزروع ويسعى لخدمته ، فلم يغضب منى ولم يغلق السماعه فى وجهى بينما صوته كان يرتفع ويعلو فى بعض االاحيان الا انه يظل معى على اتصال حتى نكمل الحوار بشكل جيد ونصل الى نقطة النهايه وفى بعض الاحيان نترك بقية الحوار لوقت اخر .. . طبعا الشبكة العنكبويته لن تتيح  التعرف باى شخص بشكل جيد ما لم تتم المواجهة على الطبيعة مهما كان التواصل قويا ...
واثناء تلك الحوارات واللقاءات الخاصه تعرفنا على بعضنا البعض وتوطدة العلاقة بيننا  وعرفت عنه الكثير والكثير وكان يظهر خلافا ما يبطن وكان يحترق بداخله من الم فقدان والده الذى اختطفته الجبهة الشعبيه فى وقت مبكر من مدينة بورتسودان ( المناضل عثمان جقر) الذى كان احد قيادات ورموز قوات التحرير الشعبيه والتنظيم الموحد ، فان الفقيد  لا يكفى ان تحكم عليه من خلال حديثه فى العام فمن يتعرف عليه من قرب بعرف انه انسان اخر ، فكان المرحوم يمنى نفسه ان يدفع حياته ثمنا من اجل خلاص والده وكل المعتقلين والاسرى بسجون الطاغيه. و ما كان يدفعه للسخريه من المعارضة كثرة المؤتمرات دون تحقيق اى عمل او انجاز حقيقي على الارض لعشرون وما يزيد فهى لم تحرك ساكنا ...
فكنت اجد حديثه فى الخاص يختلف عن العام ودوما كان يبحث عن مفاتيح للعمل فى الساحه وكنا نسهر ونتواصل فى سبيل ذلك ...
وبعد ان تواصلنا لفترة ليست بالقصيرة ، فانا شخصيا انقطعت عن البالتوك لظروف واسباب تتعلق بادارة غرفة البالتوك ، وتوقفت تماما من التعاطى عبر البالتوك لفترة  ستة اشهر وما يزيد ...
ففى منتصف العام 2011 م اذ بالمرحوم يبحث عنى ويتصل  ويطلب منى ان اعود الى البالتوك ولكن بشكل اخر  وطلب منى ان نفتح  غرفة بالتوك بعد ان نتفق حول الفكرة  ونؤسس الغرفة لتدشين منتدى او منبر  اعلامى متكامل نحقق عبره تطلعات الشباب ودفع المقاومة من اجل التغيير وان تكون خطواتنا جادة نفتح عبرها مسارات وحوارات مع جميع القوة السياسيه الارتريه وقياداتها ، ونعكس مكنوننا الادبي والثقافى ونتيح الفرصه لجميع المبدعين الارتريين فى شتى المجالات بحيث نخلق راي عام عبر النخب والناشطين فى الساحه ... وقد سالته هل انت جاد؟ ام كعادتك تسخر  منى  ؟؟ فاذا كنت جادا يجب ان نضع ميثاق عمل نتفق حوله ونحدد رؤيتنا من خلاله ونلتقى مع الاخريين حول هذه الرؤية ومن ثم ننطلق من اجل ان نعمل بشكل جاد ونقدم تجربة متميزة ... وقد ابدئ استعداده وتحمس للفكرة  واكد لى مجددا انه جاد ويهمه الامر بشكل خاص وان مستعد لدفع اى تكاليف بخصوص تدشين المنتدى وان نسعى لكى نفتح اكثر من نافذة اعلاميه وان تكون رسالتنا مقرؤه ومسموعه وبعد تجويد هاتين الوسيلتين سننتقل الى تدشين  محطة فضائيه   ، وقد اتفقنا على كل الادوات والاليات ، فكنا فى حاجه لاقناع بعض الشباب الجاد والطموح حتى نستطيع ان نحقق ما نسعى اليه ..
وبدءنا باعداد لائحة عمل وضعنا فيها رؤية واضحة من اجل ان نمضى فى الهدف الذى رسماناه معا وحقا بدأنا بداية جاده واستقطبنا عدد من الشباب وصابرنا ورابطنا  حتى استطعنا ان نخترق الطوق الذى ضرب علينا ..
وجلبنا الادباء والمبدعين والكتاب وكانت هناك امسيات متميزة لم تقدم قط فى تاريخ البالتوك الى هذه اللحظة .. وقد ابتكرنا فكرة التوثيق حتى نحفظ حقوقنا وحقوق ضيوفنا ووجدنا اخ ارترى كريم مجهوول اذ به يتطوع ويقوم بتسجيل الامسيات ويرسلها لنا فى رابط على اليوتوب الامسية التى قمنا بتقديمها مع بعض الادباء الارتريين ، وكان هذا العمل بمثابة حافز وتشجيع لنا .. ومن ثم تعرفنا عليه وقد كان مهتما بالادب الارتري وقد انشيء اكثر من صفحة تهتم باالادب الارترى ومازال يساهم ويقدم فى هذا المسار اسمه على الفيس بوك ،،،، حقوكى كدن ،،،،، ..
وبعد ان استمرينا فى هذا المنوال سنين عددا وكان المنبر الارترى للحوار الحر محل اشادة من الجميع ومن ثم جلبنا قامات ادبيه وثقافيه وسياسيه ارتريه من مختلف الاتجاهات وكان بصحبتنا كثير من الاخوة والاخوات الذين بذلوا قصارى جهدهم من اجل ان يظل المنبر منبر حرا ومنبر للجميع وكانت لهم لمسات واضحه فى المنبر  عبر العطاء المتواصل ، الا اننا توقفنا من العمل سويا بعد عطاء متواصل وجهود مضاعفه لاسباب خارجه عن ارادتنا ،،، ، كثيرا ما كنا نتفق ونختلف ولكننا نعود ونتقيد باللوائح والنظم التى اسسنا عليها المنبر ....
نعم ربما كان بعض الاخوة يعتبرون المنبر خصما عليهم فكانوا يحاولون ايقاف المشروع الذى بدأ يتمدد ويتسع شيئا فشيئ  وصار المنبر ينافس بعطاءه وما يقدمه من سبقهوا فى هذا المضمار  وكانت حسابات خاطئه للاسف فى تلك اللحظة من قبل الاخريين فكانت هناك اكثر من محاولة لودا المنبر الوليد  وهذه كانت احد العوامل التى ادت الى توقف المنبر والحد من عطاءه .....

انا اسف على هذا الاسترسال لقد ضغطت على ذاكرتى على عجاله بينما يعترنى الحزن والالم من فراق الاخ عبد الرحمن عثمان ( عبودى ) فقد فضلت مدادى يدمع ويبحر فى الذاكرة ويتوقف على المحطات التى جمعتنى بالفقيد ،،، بالرغم انها كانت سنين ولكنها مرة كلمح البصر وهاهو اليوم ينتقل الى جوار ربه واسمع نباء وفاته عبر شبكة التواصل الاجتماعيه . لم التقه على ارض الواقع ولكننا كنا نتواصل كثير ا عبر الخاص والعام وكاننا نعرف بعضنا البعض منذ الطفولة ....
لم يتحقق هدف عبودى باطلاق سراح والده ولم يتوقف عن البحث عنه .. ورحل عبودى دون ان يودعنا ....... ومازال والده معتقلا بسجون العصابة فى اسمرا .......
نسال الله ان يتغمدهم بواسع رحمته وان يتقبلهم مع الشهداء والصالحين وان يسكنهم جميعا الجنه .. وان يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة وان يغسلهم بالماء والبرد والثلج وان يلهم زيهم الصبر والسلوان ..........
............................ انا لله وانا اليه راجعون .......................
.................والبقاء لله وحده ................

ليست هناك تعليقات: