بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
عندما نتأمل الواقع السياسي الارترى يستوقفنا كثيرا فان النتائج قليله والاحداث تتسارع
ومعارضتنا ثابته فى مواقعها وتتدحرج الى الخلف بدلا عن إحداث اى اختراق سياسي
.. بينما كنا نترقب نتائج اجتماع المكتب التنفيذى
للمجلس ومخرجاته فخرجت لنا ثقوب المجلس الوطنى
بتسريبات لم نكاد نتوقعها وألقت بظلالها على الساحه السياسيه الارتريه .. فهذه الاحداث
جعلتنا نفكر ملياً فى التحول الديمقراطى ودور قوى المعارضة الارتريه التى عقدنا عليها
الامال .. فحقا نعانى من ازمات سياسيه خانقة داخل الوطن وخارجه وبرغم من ذلك مازالنا ننتظر كل
يوم
تشرق فيه الشمس بامال عريضة لا تنتهى .
فقبل الخوض فى تناول
عزل الدكتور يوسف برهانو اود ان اتوقف قليلا حول الظروف الموضوعيه المحيطة بالمجلس الوطنى للتغيير
الديمقراطى من اجل تفهم المشاكل المركبة التى تحيط به وايضا الصرعات السياسيه داخله .. ساحاول
جاهد تلخيص ذلك كمدخل حتى نصل عبر النقاش البناء
الى العوامل والاسباب التى ادت الى انفجار
الصراع الاخير ..
فنجد ان مكونات المجلس
الوطنى تتشكل من منظمات مجتمع مدنى وتنظيمات
سياسيه وفئات جماهيريه برغم من اختلاف طبيعة العمل الا انهم ينضون تحت مظلة المجلس الوطنى ، نعم الفكرة جيدة
فى حد زاتها الا انها تواجه صعوبات فى التطبيق والممارسة العمليه ...
الخلط بين جميع هذه الاطراف فى اطار مظلة جامعه يحتاج الى قدر كبير
من التعاطى والتفاعل بشكل ايجابي بين جميع
الاطراف لتخطى العقبات والصعاب التى تواجه
هذه المظلة اى بعيدا عن الحسابات الضيقة والانانيه
الفرديه والتنظيمية . وايضا من ابرز المشكلات التى تواجه المجلس فقده للمد الجماهيرى ولم يسعى طيلة الفترة السابقة من اجل خلق قناة تواصل حقيقيه
مع القاعدة الجماهيرية العريضة فهناك مشكلة
تأطير ولم تتم الاستفادة من تجربة المفوضيه التى خلقت لجان فرعيه وكان لها رصيد جماهيرى كبير وانتشار واسع فى المهجر ..
ان خلاصة القول لم
تكون توليفة المجلس الوطنى منسجمة ومتناسقه
بالشكل المطلوب وهذا يرجع الى طبيعة المكونات التى تمثله .. فيحمل المجلس تحت مظلته
تجارب سياسيه نشأت فى بئات مختلفه ومدارس فكرية
متنوعه وتوجهات ايدلوجيه مختلفة وبين هذا وذاك
هناك تكتلات مناطقيه وقوميه ومسارات ثقافيه
ودينيه فهذه المشكلات ادت الى ظهور صراعات داخله وعقدت من مسيرته السياسيه وعطلته من تحقيق اى انجاز يذكر فى الفترة السابقة
. وايضا كان لحداثة التجربة دورا كبيرا فى الإخفاق والقصور ، ولم يسلم الجسم الوليد من إهتزاز عامل
الثقة بين مكوناته ، وهناك سببا اخر يرجع لاستعجال النتائج من قبل
الجماهير التى عقدت عليه الامال ..
وايضا يعانى من شح
التمويل وعدم وجود بدائل جغرافيه يتحرك من
خلالها .. اى لا يمتلك خيار اخر سوى اثيوبيا ويفتقد للبعد الاقليمي والعالمي .
وفى وجهة نظرى عندما
نود ان نتناول تجربة المجلس الوطنى يجب علينا ان لا نقفل هذه الظروف الموضوعيه المحيطة
به بعيدا عن التفكير العاطفى وبعيدا عن تحميل
المسؤلية لشخص بعينه .
فان الازمة التى يمر بها المجلس
الوطنى لم تكون وليدة اللحظة انما كانت منذ ولادته وكانت تحد من اداء المجلس حتى يقوم
بدوره المنوط ..
وللاسف الكل يريد ان يحمل القصور والإخفاق للاخر فيندرج عزل الدكتور يوسف برهانو فى هذا المضمار ولم يكون لسوء ادارته للمكتب التنفيذى .. فان عزل الدكتور يوسف برهانو
مؤشر حقيقي لازمة دستوريه وسياسيه خانقة
تمر بها المعارضة الارتريه وعلى وجه الخصوص المجلس الوطنى للتغيير الديمقراطى فهذه المشكلة نتاج طبيعى لما ذكرته انفاً كمدخل لهذا المقال . وهذا يوحى على اننا مقبلون
على ازمة ومشكلة حقيقيه . الصراع داخل المجلس الوطنى بات واضحا بين اطراف داخله وبين رئاسته وتنفيذيته ..
لقد طالعتنا المواقع الارتريه بانتهاء اجتماع المكتب التنفيذي للمجلس الوطنى قبل ايام معددوة بشكل ايجابي
... الا اننا تفاجأنا بالخبر الذى تم تسريبه من قبل ثقوب المجلس الوطنى وثم تم تأكيده ببيان
صدر من المكتب التنفيذى ويلخص فيه
مخرجات الاجتماع الاخير الذى كان يترأسه الدكتور يوسف برهانو وللاسف يتضمن ايضا
عزله من قبل رئاسة المجلس الوطنى!!!!!! لا دارى كيف يتضمن البيان عزل الرئيس بينما
الرئيس اشرف على فعالية كل الاجتماعات ووصل
بها الى الختام . يبدوا ان الامر غير واضح وهناك مشكلة حقيقيه فى طريقة ادارة المجلس
الوطنى فخبر العزل اتى بعد انفضاض المكتب التنفيذى من اجتماعاته ..
وفى وجهة نظرى لم تكون رئاسة المجلس موفقه فى هذا القرار وان كان
معها الحق فى قرار العزل فان الوقت غير مناسب لعزل رئيس
المكتب التنفيذى ، بينما الاعداد جارى للمؤتمر القادم والحديث عن المصالحات وتقديم مبادرات من اجل ضمان
مشاركة الجميع ياتى عزله ؟!! ..
لا ادرى على اى اساس
استندت الرئاسة على عزل الدكتور يوسف برهانو
وباي حق دستورى تقدم على هكذا اجراءات ؟؟ فاذا افترضنا ان هناك تفسيرات قانونيه لهذا الاجراء!!! أليس من الحكمة ان يتم إمتصاص وإحتواء اى خلاف فى الوقت الراهن من اجل مصلحة المقاومة
الارتريه والحشد للمؤتمر القادم بدلا من اختلاق المشكلات وتعميق الخلافات ؟؟ !! ولا سيما لقد اقتربنا من الموعد المحدد للمؤتمر وتم الاتفاق على عدد اللجنة
التحضيريه وايضا تسمية رئيسها ومازالت المشاروات جارية بين القوة السياسيه من اجل ترشيح اعضاء اللجنة التحضيريه المتبقيه حتى تؤدى
مهامها بشكل جيد ودون اى عراقيل ...
فان هذه المشكلة توضح
الازمة الحقيقيه التى تعانى منها المعارضة
السياسيه الارتريه وتتمثل فى الازمة الدستوريه والتشريعيه وتعانى من ازمة سياسيه
خانقة .. فاحيان عدم القرءة الصحيحه لمثل هكذا قرارات تكون نتائجها مضرة بمشروع المعارضة ككل وتنعكس على القاعدة
الجماهيريه التى اصلا تعانى من حالة
اليأس والإحباط وتزيد من فقدان المصداقيه للمعارضة.
فان جذور هذه المشكلة تعود لتراكم المشكلات بين رئاسة المجلس ورئيس المكتب التنفيذى وللاسف
القرار كان مزاجيا اكثر من انه دستوريا وقانونيا فان كل اللوائح والنظم التى تفصل وتحكم
بين الرئاسة التشريعيه والتنفيذيه لا يوجد فيها نصا محددا يعطى الصلاحيه المطلقة للرئاسة التشريعيه حق عزل رئيس التنفيذيه
بدواعى الإخفاق والقصور مهما بلغ الامر فهذا
يعد قرارا تعسفيا وجائراً وربما المحيطون بالرئاسه كان لهم التاثير على هذا القرار
المعوج .
فان اقدم المجلس الوطنى على هذه الخطوة وأقر بها فانه يغوض العملية الديمقراطيه برمتها ويفتح جدلا
واسعا على نفسه . فكيف يتم التحول الديمقراطى فى ارتري عبر المجلس الوطنى وهو فاقدا
لها اصلا ؟ وبهذه الخطوة وضع المجلس الوطنى
الإرادة السلطويه فوق الإرادة الجماعيه واسقط عن
نفسه الديمقراطيه التى يتمسح بها .
ليس هناك عزل ونزع للصلاحيات وفقا لمزاجية الرئاسة وانما هناك سحب الثقة من التنفيذيه عبر الخطوات القانونيه ووفقا للوائح والنظم التى
تضبط عمل المجالس التشريعيه والتنفيذيه . اى
تتم تلك الخطوة بالطريقه التى تم التكليف بها المكتب التنفيذى اى عبر موافقة
ثلثى اعضاء المجلس الوطنى يتم سحب الثقة
وثم تكليف مكتب تنفيذى اخر ...
كما لا يحق لرئاسة
المجلس الوطنى تسلم استقالة رئيس المكتب التنفيذى مهما كانت الدواعى والظروف وايضا لا يخول له عزل رئيس المكتب التنفيذي مهما
كانت الظروف والدواعى .. بالدارجى الرئاسة
لم تكلفه بهذا المهام حتى تعزله!!! كان من
الافضل والاصح ان تقوم رئاسة المجلس بدعوة طارئة لجميع اعضاء المجلس الوطنى من اجل البت فى الامر ..
فاذا اخفق الدكتور
يوسف برهانو كان يجب الاستفادة من هذه الاخطاء وتفاديها فى المرحلة القادمة ومعالجة
المشكلة بالطرق القانونيه ووفقا للنظام الاساسي
للمجلس الوطنى ولوائحه الداخليه ..
فالطريقة التى تمت
بها اقالة الدكتور يوسف برهانو لا تخدم المعارضة
ولا تخدم عملية التحول الديمقراطي الذى ننشده .
مثل هذه الإجراءات تدعم حالة السخط الجماهيرى وتساهم فى الانفضاض من حولها
المعارضة .
يجب على القائمين
فى امر المعارضة ان يتم تدارك المشكلة والسعى لاحتواءها ومعالجتها بالطرق السليمه والصحيحه بحيث لا تتسبب
فى شرخ وسط صفوف المعارضة السياسيه الارتريه ..
فان لم تكون المعالجة
حكيمة ومتأنيه وتاخذ الصفة القانونيه والدستوريه ستطل بظلالها على عمل اللجنة
التحضيريه وسوف يكون لها اثار سالبه على المؤتمر وايضا ستحدث تصدعا وشرخا حقيقيا فى صفوف المعارضة .
فان بعد تشكيل اللجنة
التحضيريه يجب علينا ان نتفهم جميعا ان دور التنفيذيه بما فيها رئيسها ينحصر فى تكملة
مهمتهم الى حين انعقاد المؤتمر .. فاذا كان هناك اى خلاف بين رئيس المكتب التنفيذي
ورئاسة المجلس فالحكم والفصل اللوائح والقوانيين
التى تنظم عمل المجلس وليس المزاجيه والاستقواء مهما بلغ الامر من حدة واختلاف ..
ونخشى ان لا تتسبب هذه المشكلة فى انتكاسه حقيقيه لمعسكر المعارضة
وثم نعود الى الخلف خطوات وخطوات ..
فنسال الله ان يتولى
امرنا وان يحررنا من الاستبداد والقهر والاستعباد
وان يبدل خوفنا امنا وان يعيدنا الى وطننا سالمين
وان يتقبل صيامنا وقيامنا .
..
كل عام والجيمع بالف
خير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق