21‏/04‏/2011

قراءة لمقال (على هامش مؤتمر التحالف الديمقراطي )


بقلم / عبدالواحد شفا
   الاستاذ جمال الدين ابوعامر شخصية اكاديمية معروفة صاحب إنتاج متميز، وقلم رصين ومساهماته يغلبُ عليها الطابع البحثي ، تمتازُ بالهدوء العام لتأتي منسجمة مع شخصية كاتبها ،غير أن إنتاجاته تأتي متباعدة .
  الاستاذ ابوعامر اخر مساهماته المقالاتية قبل الاخير  هو  (على هامش مؤتمر التحالف )ووجد هذا المقال القبول والاعجاب من اطراف متتعدده ومتباينه في مواقفها وإتجاهاتها .
إذاً مقال الكاتب أتى في وقته من الناحية الظرفية وبلادنا تمر بمرحلة خطيرة من تاريخها، لذا كم حوجتنا لمثل هذا التشخيص والتحليل ، والحقيقة هنا برغم موضوعية المقال صاحبته بعض حالات (العطف واللِين والمجاملة ) خاصة علي مكونات التحالف ،وقديما قال البروفسير عبدالله الطيب (الكلام اللين بيودر الحق البين )والمجاملة أمر مطلوب بشرط الا يصلُ الامر حد الابتلاع ،ولذا يقول الفيلسوف ستيفنسون (طعم المجاملة لذيذ شرط الا تبتلعنا ) .
اولا  ينبغي الا نحمل التحالف مالا يحتمل، ومن هنا الحديث يجب أن ينصب تجاه مكونات التحالف التي هي في الاصل احزاب ضعيفة في هياكلها وبنيتها ومؤسساتها ،ومن هنا يأتي ضعف مفهوم التحالف في ادبياتها وفكرها وبرامجها  ، ثانيا وهو المؤلم أن الاختلافات بين مكونات التحالف كبيرة وعميقة فيها مافيها من  المرارت ، لان هذه  المكونات لم تكن في الاصل احزاب مستقلة من حيث النشأة ، وإنما تولدت من بعضها البعض عبر عمليات إنشطارية وإنقسامية كالأميبيا.وهذا هو المعوق الاساسي والاكبر امام مسيرة التحالف .
 الامر الثاني وهو مايعضدُ الفقره اعلاه أن بعض مكونات التحالف غير مقتنعة بالتحالف ،وأن وجودها في داخله فقط لمعرفة مايدورُ في داخل التحالف ،ومن هذه الزاوية دفعت بكوادر  من الصف الاخير وبعناصر  لاتجيد القراءة ولا الكتابة ، ومن المضحك حدثني من اثقُ فيه ، أنه كلما تأتي مسألة نقاشية تحتاج الى تصويت ،يُخرج البعض منهم (جواله ) ليتصل لمعرفة رأي قيادة التنظيم ، وهنا تظهر لنا مسألة ادارية مهمة  وهي (غياب التفويض) إذاً هذه عناصر ليست اساسية وليس لها تفويض ،واذا كان التعامل مع التحالف بهذا المستوى فحق له الا يرى النور.
  ترجو النجاة ولا تسلك مسالكها **** إن السفينة لاتجرى على اليبس
ومن هنا نقول التحالف فرع وليس أصل ، ولم تتجاوز الاحزاب المنضوية تحته مرحلة العلاقات العامة فيما بينها ،السؤال المطروح  هنا  من المسئول من حالة (الا فعل ) التي وصل اليها التحالف؟ اليست هي مكوناته ،وماذا يفعل التحالف ومكوناته لا تريد له ان يفعل، خاصة والبعض يراه امراً ثانويا يشارك فيه بإجنحة مقصوصة تكوت حاضرة اذا حضرت الغنائم . 
اخي الكريم مشكلة التحالف هي مشكلة هدف ووسيلة ،اهداف التحالف اهداف مطاطية وهلامية والهدف الهلامي لايستطيع الناس تفعيله او التضحية من اجله  ، اسقاط نظام هقدف لا يكون بالتمني ولا بالكيبورت ،مكونات التحالف لو كانت على قلب رجل واحد من اجل اسقاط هذا النظام الفاسد لفعلت ونجحت ، إن نظام هقدف لم يجد معارضة تهز عرشه وتزلزل اطرافه وتهدد اركانه ، وهذا هو المحك والمختبرالحقيقي  للمعارضة اولاً ولنا جميعا من افراد وكتاب ومثقفين وفنانين وشخصيات مستقلة ومنظمات مجتمع مدني  ، من ناحية اخرى خيار اسقاط  النظام ينبغي ان يكون محسوم (العمل العسكري) لاغير، لا عمل دبلوماسي ولا اعلامي ولا يحزنون ،هذه ملحقات تأتي بنفسها  تباعا لنجاع العمل العسكري ،ثانيا ان التحالف جرب هذه الثنائية ماذا جلبت له ؟ثالثا طبيعة النظام هو الذي يحدد هذه الخيارات،نظام اسياس رفض الحوار ولم يتبقى إلا خيار واحد ؟؟ايضا كان ينبغي الا نضيع زمنا في شكل الدولة وفلسفة نظام الحكم ،لان التصور السياسي  على اهميته لا يمكن ان يوضع بعيدا عن الواقع والبيئة ،اللهم الا اذا اراد البعض منا ان يعمل على طريقة (النسخ واللصق )، كثير من التنظيمات تطرح برنامجها السياسي من باب رد الاتهام انها لا تمتلك تصورا سياسيا، لكن تجهل المأزق الذي تقع فيه وهو(تجاوز تفويض الشعب) ،إذاً إسياس هو سيوبر دكتاتور لا يؤمن الا بالسلاح ولذا لما علم بضعف المعارضة من هذه الزاوية ظل ينكرُ حتى وجودها؟
 والعجيبُ في الامر  البعض منا ينتظر امراً غيبيا ، كموت اسياس مثلا وكم سمعنا انه مريض بسبب إصابات في القلب واحيانا شلل في الدماغ ،
وانه يعيش ايامه الاخيره ،وهذا الكلام سمعته قبل سنين ،
 أما القيم المعنوية والادارية التي اشار اليها الكاتب  (قيم التوافق و إحترام المؤسسية وقبول الرأي الآخر )هي اظنها احلام واشياء في عالم المستحيلات ، كثير من هذه التنظيمات لا تمارس هذه القيم في داخلها وهي في الحقيقة لم تربى عليها ،وإذا كان الامر كذلك !! فكيف لها ان تمارسها مع  الغير؟ او في داخل التحالف ، وكم من الاشخاص الناشطين في داخل هذه الاحزاب عندما ابدو رأياً مغايرا في مسائل تحتمل الإختلاف اتهموا بأنهم عملاء للجبهة الشعبية وأنهم طابور خامس، فكان نصيبهم التهميش والتغييب ،إذا مؤسساتنا السياسية تقف على ارضية (فطيرة )من هذه الناحية  وان هذه الافكار المتقدمة  لم تختمر عندها بعد ،
اما (غياب الثقة ) التي ذكرها الكاتب  وهي في ظني عامل رئيسي في عدم نجاح التحالف ،وكيف له ان ينجح إذا كان كلام الليل يمحوه النهار هي القاعدة المعمول بها ،ومايتم الاتفاق عليه ينقض ( البعض) غزله قبل الخزوج من القاعة ،اذا والحال على هذا لا يمكن ان نحقق نتائج مشهودة وسندور في حلقة مفرغة ومن هذه الزاوية أجدُ قرار إنسحاب حزب الشعب قرار صائب ،ولايمكن إصلاح حال التحالف إلا بإعمال نظرية (فك وإعادة التركيب) أو (فك وإعادة التسجيل) على غرار الاندية الرياضية ، ليكون التحالف أكثر إنسجاما واسرع افعالا، لاسيما أن الاستاذ ابوعامر كتب لنا (أن اطراف التحالف غير موحده في الاسباب والدوافع والمحفزات تجاه التحالف ،فمنها من لا تتجاوز عندها الدوافع عدم تسجيل الغياب وتجنب العزلة، ومنها من يرى فيه مكانا لتعزيز وضعه الداخلي ،ومنها من يرى فيه مجالا حيويا لتحريك مصالحها واجندتها الخاصة )
الملاحظة الاخيرة وهي أن الكاتب من الشخصيات التي ساهمت في صياغة رؤى  التحالف  الوطني ، كم كنت اتمنى أن يُفعِل لنا نظرية الاستاذ المرموق فرانسيس دينق( أن المسكوت عنه هو الذي يُفرقنا) وبغض النظر للانتقادات التي وجهت لهذه النظرية خاصة فيما يتعلق بضوابطها ،الا انها صحيحة الى حد بعيد ؟ اذا الاستاذ ابو عامر لم يذكر المسكوت وهو يعلم أكثر من غيره في هذا الباب ،
  صفوة القول  اتفق مع  الكاتب  أن حوجة الناس الى التحالف تبدو اكثر ضرورية من ذي قبل ، لاسيما والشعب تزداد معاناته على مدار الساعة على يدِ من نُزعت الرحمة من قلبه ،لكن هذه الحاجة الملحه للتحالف مربوطة بفلسفة جديدة ورؤى جديدة وخطط جديدة ووجوه جديدة .
  الاستاذ ابوعامر هذه بعض ملاحظات ،وهي بالطبع لا تنتقص من مقالك الرائع إن لم تنتقص من قدر من كتب الملاحظات ، ومنا هنا أنت مدين بالكتابة المتواصلة من باب القاعدة الأصولية (عدم تأخير البيان عند الحاجة) وليبقى مابيننا على طريقة السيدة رباح ،،،

ليست هناك تعليقات: