08‏/05‏/2016

المعارضة الارترية والخيار الصعب ( الاخير )

بقلم محمد امان ابراهيم انجبا
ما قدمته من قراءات فى الحلقات السابقة تحت العنوان الحالى لم يكن كافيا فى تشخيص الازمة فهى اجتهادات ووجهة نظر ومتابعات شخصية قد يكون فيها بعض الملاحظات ، واشكر كل الاخوة الذين تفاعلوا مع ما كتبت من كان منتقدا ومصوبا ومن اشاد بها واثنى عليها . فان غياب بعض المعلومات يرجع الى الطريقة التقليدية التى تتعامل بها المعارضة الارترية مع الوسائل المتاحة وعدم تمليكها للمهتمين، والبعد الجغرافى وضعف الاتصال يساهم فى عدم التواصل مع اهل الشأن وهذا يجعلنا نجتهد ونبحر فى التحليل استنادا على بعض المعلومات فقد نصيب وقد نخطئ ..
فى الحلقات السابقة كنت قد وقفت على مكونات المعارضة السياسية الارترية وروافدها من اجل تحريك الساحة من الجمود الذى اصابها فى سبيل تشخيص الازمة بحثا عن الحلول .
لقد استمرت المعارضة الارترية بمختلف الوانها السياسية لقرابة الثلاثين عام وهى تعارض النظام من اجل اسقاطه وتغييره دون جدوى وللاسف مازلنا فى محطة البداية والانتظار، وللاسف عدنا الى محطة ما قبل محطة اواسا!!! ولا ندرى هل تستطيع المعارضة ان تسقط النظام ام تحافظ على مظلاتها هل النظام سيسقط المعارضة بالمراهنة على عامل الوقت؟ هل اذا مات اسياس سيسقط النظام ام يظل باقى؟ فما هو رد فعل المعارضة التى تنتظر موت اسياس ان قامت بقية العصابة استلام زمام السلطة فى اسمرا بعد غياب اسياس والالتفاف على ارادة الشعب الارترى ؟؟؟..
التمسك بالمجلس صار غاية وقيام المؤتمر آليه لتحقيق تلك الغاية ، لاندرى بعد قيام المؤتمر واستمرار المجلس الى اين سنتجه ؟.معارضتنا السياسية دخلت فى ازمة سياسية مزمنة باديس ابابا، ووصلت الى قناعة تامة بان لاخيار لديها سوى اثيوبيا واستسلمت لهذا القدر. واثيوبيا تدرك ان الكيانات التى تقيم على اراضيها لا تستطيع الانفكاك منها وهى تقوم بنخرها وهدمها ولا تحرك ساكنا .
ومن انسلخ من النظام والتحق بالمعارضة خارج الوطن لم يكن افضل من غيرهم ان لم يكون الاسوء بل اضافوا الي عبئ المعارضة عبئا اخر ، والشخصيات التى تقود ساحة المعارضة هى ذات الوجوه المثقلة بصرعات الماضى.
ثم ماذا بعد؟ هل عجزنا عن الاتيان بالبديل السياسي الذى يلبي رغباتنا وتطلعاتنا؟ هل عجزنا عن العمل والعطاء معا من اجل ازالت العصابة؟ هل عجزنا عن الاتيان بفكر سياسي يساهم فى تأطير الجماهير ودفع عجلة التغيير؟ هل عجزنا عن تجاوز العقبات والتحديات التى تواجهنا فى سبيل التغيير؟ فما هو مصير الوطن بعد زوال هذه العصابة؟.
اين الاقلام الارترية الحرة واين المهتمين بالانتاج الفكرى واين اصحاب المبادرات والطرح السياسي الجاذب لجميع ابناء الوطن؟ واين الشباب الذى يعول عليهم لترجمة تلك الافكار وتحويلها لواقع ملموس؟. اين المثقفين والمستنيرين الذين يحملون شعلة التغيير؟!.
حقا نحتاج الى ثورة جماعية ويجب ان نتمرد على انفسنا وعلى واقعنا المتردئ !!
الخيار الصعب :
فان دعوتى للخيار الصعب من خلال العنوان الذى طرحته يتمثل فى العمل الجاد عبر جميع الوسائل والوسائط ويجب ان يكون العمل مبنى على ارضية الثوابت الوطنية وان يسبقه تنظير سياسي ممزوج بفلسفة فكرية ورؤية عملية وواقعية .
ان تشمل الفكرة مقدمة ترسم عبرها السياسية العامة والفسلفة الفكرية وثم تتناول كيفية العمل والآليات التى تحتاج اليها الساحة من خلال تقييم ودراسة معمقة للمعطيات فى الساحة والاخذ فى الاعتبار تجارب الاخريين والاستفادة منها وامكانية الاضافة اليها حتى لا يتم إعادة تجارب الاخريين .
ان الخيار يجب ان يكون مبني على ارضية سياسية صلبة من( لوائح واضحة ونظام ادارى ورقابي يتسم بالدقة وإيطار سياسي وتنظيمي مرن وصياغة خطاب سياسي متماسك ويراعى المتغيرات فى المنطقة ويستوعب متطلبات المرحلة)، ويجب ان تكون الفكرة ترتكز على العمل من الداخل بعيدا عن التاثيرات الخارجيه وان تكون البداية بدعم ذاتى لابأس ان يتم التاسيس بالاعتماد على بعض الشخصيات الموثوق بها وان يتم تضييق الدائرة حتى يتم الافراغ من عملية البناء والتكوين .
ان الخيار الصعب الذى ندعوا له يجب ان يكون عمليا ومتينا وبداياته قوية ويصاحبه اعلام متميز يعكس ذلك النشاط حتى يحقق اصداء ونتائج فعلية على ارض الواقع ، ومن يقتنع بهذا الخيار عليه ان يتحمل نتائجه فان المهمة صعبة وستواجه اصحاب هذا الخيار تحديات ومسؤوليات كبيرة والفكرة تحتاج الى من لديهم استعداد للتضحية ، احيانا الانسان عندما تستدعي الظروف يعمل من داخل الارض من اجل ان يحقق اهدافه التى يؤمن بها وقناعاته التى ترسخت لديه.
ففى سبيل تنفيذ الفكرة بعد التنظير يجب تشكيل نواة العمل من غرفتين : غرفة خارجية تتشكل من بعض الشخصيات التى تقف خلف الفكرة وتقوم بعملية التنظير والتاسيس ، وغرفة اخرى داخلية تقوم بتشكيل النواة الميدانية التى تقوم بالتنفيذ .
الخلية الداخلية تسعى للعمل من الداخل وايجاد خلايا حيوية وفعالة فى امكان متفرقة تقوم بايجاع وايلام النظام الارترى ، وهذا لن يتأتى الا عبر توفير الدعم المالى ويجب ان يكون ذاتيا حتى لا يتم توظيف العمل لصالح الاخريين وهذا الشق يقع على عاتق الغرفة الخارجية.
فى بناء الغرفة الداخلية يجب الاعتماد على بعض الشخصيات التى لها تجارب ميدانية وعسكرية لا اقصد الاعتماد على المؤسسة العسكرية وانما على الافراد الذين لديهم رغبة فى عملية التغيير ولديهم مصلحة فى اسقاط ا الطاغية واعوانه من اجل ان تقوم هذه الخلية بتنفيذ المهام بشكل دقيق وتختار من يعمل معها على حسب المواصفات التى تحددها لاحقا ويجب ان تاخذ شكلا فدائيا وتقوم ببعض العمليات النوعية التى لايألفها النظام من قبل ولا بأس ان يتنوع عملها بين التهديد والوعيد والتنفيذ. وان يكون بينها وبين الخلية الخارجية ارتباط قوى ولصيق عبر وسائل اتصال حديثة ومتطورة من اجل تبادل المعلومات وتلقى التوجيهات والتعليمات بين الغرفتين بشكل جيد ..
ان هذا الخيار حتما لن يكون خصما على المعارضة السياسية الارترية القائمة اذا كانت هذه المعارضة حقا تسعى من اجل اسقاط النظام وتحقيق التغيير المنشود. وان الجارة اثيوبيا لن تتضرر من قيام اى عمل ثورى ارترى بعيدا عن تاثيرها ، فعليها ان تفكر بايجابية فى مستقبلها مع الجار ارتريا بعد سقوط العصابة وان وضع المعارضة الحالى والاقامة فى اراضيها لن يعدوا سوى مجرد ظرف طارئ ، ولا يمكن ان تبنى علاقتها مع الشعب الارترى عبر هذا الواقع المؤقت .
وان دور واداء المعارضة الباهت بالشكل الحالى فى اديس ابابا حتما سيساهم فى خلق بديل وسيؤدى الى سلك خيار صعب من اجل تحقيق التغيير المنشود وفعلا سيتم تجاوزها.
فان لم يجد مقترحى طريقه للنور فى اطار التنفيذ فى الوقت الراهن لعوامل كثيرة ، فان غدا سياتى من يطرحه مجددا بشكل افضل وسيجد من يتفاعل معه ويجعله واقعا معاشا ، لايمكن ان نراهن عملية التغيير على موت اسياس وبقاءه ولا يمكن ان ننتظر اكثر من هذا حتى تتماثل المعارضة للشفاء وتخرج من هذه الغيبوبة الدائمة ونجمد كل الخيارات عشان خاطر عيونها وعيون راعيها ..
ان النظام الارترى لن يلتفت الى معارضة هزيلة وضعيفة ولن يعترف بوجودها ان اقامة مجلسا او تحالفا او سمينارا او مؤتمرا طالما ليس لها تاثير مباشر فى الداخل ، وان القوة السياسية الحالية لا يتجاوز مدى تاثيرها اديس ابابا ، وان النظام يستمد بقاءه من ضعف المعارضة وان اى حراك سياسي ، مدنى خارجى هو مجرد مساعد ومحفز للداخل.
يجب ان نخوض قمار التغيير بالاعتماد على الذات ونسخر امكانياتنا بالشكل الصحيح لخدمة ذات الهدف من اجل كسب معركة التغيير ضد العصابة فى اسمرا .
ان النظام الارتري لا يسمع لصوت العقل والمنطق وليس لديه اى استعداد للحوار مع اى طرف سياسي ولن يغيير من سلوكه ونهجه وقد خبرناه لربع قرن من الزمان .
فان حسم المعركة السياسية مع النظام تكمن فى المواجهة العسكرية والعمل الفدائي الانتقائي وهذا هو الخيار الصعب الذى يجب ان نسلكه وليس هناك اى خيار يصلح لاسقاط النظام وتغييره فى ارتريا .....
تنويه :
هناك مبادرة طرحها الاستاذ احمد على احمد وتحمل فى ثناياها كثيرمن المقترحات الجميلة والهادفة والمفيدية فهى فى حاجه للتطوير والتحسين والتنقيح بحيث تكون ارضية صلبة لعمل وطنى عريض ..
ونامل من بقية الاخوة المهتمين والناشطين والمتحرريين من القيود الحزبية والتنظيمية ان يساهموا بمقترحاتهم واراءهم فى دفع الساحة وفى البحث عن بديل وخيار افضل وانجع ..
فى الختام لايسعنى الا ان اشكر جميع الاخوة على سعة صبرهم وتحملهم لما نشرته من قبل ، واعتذر لمن اساءة له ومن تناولته فى غير موضعه ان كان عن عمد او غير ذلك.
..........كان الله من وراء القصد ......
..... ما ضاع حق وراءه مطالب .....

ليست هناك تعليقات: