01‏/06‏/2014

فضفضات وهمسات فيس بوكية ...

بقلم/ محمد امان ابراهيم انجابا 

لقد صار الفيس بوك قبلة الكثيرين ولم تتوقف هذه الظاهرة عندنا كارتريين بل عمت الجميع ، نعم الفيس بوك له وقع خاص علينا من عامة الناس لاننا نفتقد للوطن وهذا العالم الإفتراضى يوفر لنا عوامل كثيرة افتقدناها ، النضال الذى نخوضه على هامش الهجرة والتشرد اللتان لم تتيحان لنا الممارسة الحقيقية للعمل السياسي فلم يحققان لنا طموحنا ولم يرويان ظمأنا السياسي ولم يكونا عوضا لنا عن الوطن الأصلى الذى نتباكى عليه ونتغنى له ليلا ونهار، فهذه من اقوى الاسباب التى تدفعنا للهروب الى العالم الافتراضى والمواقع الاسفيريه ، بالاضافة للبحث عن المعلومة والاخبار ومصادرها جعلنا نلجأ اليه .

فاحيانا بمجرد الانتهاء من الجولة واغلاق هذه النافذة انا شخصيا اتوقف مع نفسى كثيرا فى عملية جرد حساب عن الفائدة التى اجنيتها وعن مدى المعرفة التى اكتسبتها وعن الوقت الذى أضعته ، وعن القضايا التى طرحتها هل كانت وفقا لقناعاتى ام كانت على حساب مبادئ ؟...
واحيانا يصل الامر الى درجة القسوة على النفس واتهامها بالادمان وكرد فعل احاول التقليل من التواجد على الفيس، بالرغم انا شخصيا اذا رغبت فى الإمتناع عن شيء والعزوف عنه استطيع فعل ذلك ولن يكلفنى شيئ ، وللاسف اجد نفسي مجبرا للعودة مرة اخرى الى العالم الإفتراضى ..
فالسؤال الذى يطرح نفسه فاذا كانت لدي إرادة ورغبة كهذه ما الذى يجبرنى على ذلك؟ ساحاول الإجابة على هذا السؤال وعن إستفهامات اخرى..هل إستبدلنا الواقع بالفيس بوك واكتفينا به؟ فماهى الأسباب والدوافع التى تؤدى الى مضيعة الوقت فى هذه الوسيلة ؟ .
طبعا سادلوا بالإجابة على حسب وجهة نظرى وقناعتى الشخصية وربما الكثيرين يتفقون معى والكثيرين يختلفون .
فى البدء لا اعتقد تواجدى من زاويا الترف والترفيه وملئ الفراغ وانما هناك قضية دفعتنى للبحث عن وسائل ووسائط حتى اقوم بواجبى اتجاه الوطن والانسان اللذان انتمي لهما ولاسيما وجودى فى المهجر والشتات يجعلنى ابحث عن انجع الوسائل واكثرها فعاليةً وامارس حقوقى عبرها تحت إطار حرية الراي واقدم ما استطيع تقديمه للاخريين دون التعدى او سلب حرية الغير ، وايضا حتى استقى المعلومات المتعلقة بالوطن من خلال وجود اكبر قدر من الارتريين عليه ومن مختلف الاقطار .
فان الله سبحانه وتعالى سخر لنا هذه الوسيلة لتكون عامل ربط ووصل بين جميع ابناء البشر المتواجدين على ظهر هذه البسيطة الا القليل من الناس لظروف مادية وغيرها ، فان سهولة التعامل عبرها جعل الجميع على حد سواء الجاهل والمتعلم والاعلامى والناقد والمثقف والسياسي والجندي والقيادى فلا فرق بينهما الا من خلال الطرح والموضوعات التى يتم تناولها. نعم هناك من حرموا من هذه الوسائل لعدم توفر خدمات الانترنت وايضا لعدم تمكنهم من شراء الاجهزة المتطورة التى توفر لهم هذه الخدمات من حاسوب وجوال وغيرهما . وبالطبع الكثيرين من بنى جلدتنا يواجهون هذا الظروف داخل الوطن وخارجه فى معسكرات اللاجئين وبالفعل الظروف المادية حالت بيننا وبينهم .
فان السبب الاول: يرجع لعدم وجود وكالة اخبار ارترية كمرجع للمعلومة ومصدرا للاخبار ، ولم تكون المواقع الارترية كافية بالرغم من الجهود التى تبذل من خلالها ، الا ان هذه المواقع تحتاج الى امكانيات مادية كبيرة تفوق ما هو متوفر حتى تقوم بالتغطية الشاملة التى نحتاج اليها كارتريين فى المهجر ، لم تستطيع هذه المواقع تغطية احداث الداخل وتنقل لنا ما يدور فى رحاب الوطن ولم تستطيع ان تكون مصدرا للمعلومات بما يتعلق فى معسكر المعارضة ، وللاسف كل تنظيم صار لديه موقع خاص ينشر معلوماته حصريا عليها ، والمواقع صارت تكرر الخبر وتنشر المقالات والموضوعات والردود التى ترد عليها. ومعظمها صار مصنف ولم تكون هناك محاولة للخروج من النمط المألوف ، وعامل المصداقية صار ضعيف جدا ، وللاسف معظم المعلومات التى تنشر لم يتم ذكر المصدر الا من رحم ربي . فاحيانا نلجئ الى الفيس ونقوم بغربلة جميع المعلومات من مصادر مختلفة ونبحث عن ربط حقيقى بينهما وهذا يجعلنا نقف على الحقيقة ونلعب دور الباحث ونتأكد بانفسنا عن مدي صحة المعلومة.
ولعدم وجود مصادر اخبارية موثوقة بها فى الداخل فهذا جعل النظام يقوم بتسريب اكاذيب واباطيل ويضخها فى الساحة الارترية عبر جميع الوسائل وعبر المواقع الارتريه فصرنا نبتلع الطعم ونقوم بالترويج لتلك الشائعات وتكرر ذلك لاكثر من مرة .
السبب الثانى: وجودى فى المهجر وفى الملجئ بعيدا عن حضن الوطن وعن تزاحم الارتريين فى المهجر يجلعنى بعيد عن الواقع ويحرمنى من معرفة الحقيقة والاستماع للاخر وهذه من ابجديات الحقوق الانسانية ، واعتقد عندما نلجئ الى العالم الإفتراضى نكون اكثر واقعية وتتاح لنا فرصة التواصل والتنفيس ونستخدم هذه العالم وطنا بديلا عوضا عن الوطن الواقعى وهذه احد الكوارث التى ألمت بنا وتعد من سلبيات الفيس بوك ، نعم نجد فى هذا العالم من يشاطرنا الهم والألم والحزن ومن يقاسمنا الفرح والابتسامه ، واحيانا نجد من ينعش القلب ويزف لنا البشريات والاخبارالسارة ويصير بلسما شافيا لجرحنا الملتهب وهذه من ايجابياته .
السبب الثالث : فهذا العالم الافتراضى قرب المسافات وصار همرة وصل بيينا وبين الأقرباء والأصداقاء والزملاء وكثيرين من فرقتنا بهم سبل الحياة فجمعنا بهم العالم الأفتراضى ، فاحيانا نجد اعز الأصدقاء وزملاء الطفولة والدراسة فى المراحل الاولية يطرقون بوابة طلب الإضافة فنندهش من المفاجأت التى يعدها لنا هذا الفيس بوك ويجعلنا نعيد التفكير فيه مرة اخرى وما يقدمه لنا من خدمات ونحيد عن القرار الذى كنا نود ان نتخذه بشأنه من مقاطعته ومغادرته عبر بوابة تعطيل الحساب .
بالطبع ما يدفعنا الى هذا الإتجاه عندما نجد انفسنا نضيع فى الوقت ولم تكن هناك نتائج تحقق من خلال هذه الوسيلة وهذا يرجع لعدم استخدامنا لها بالشكل الامثل ، ولاسيما احيانا نجبر لكى نخوض فى قضايا انصرافيه بعيدة كل البعد عن الهدف الذى اقدمنا من اجله للفيس بوك ، فبعض الناس شغلهم الشاغل المهتارات وطرح قضايا إنصرافيه بالتلميح والتصريح والهمز واللمز والترصد للاخر .
فاحيانا نفتح هذه النافذة لنتابع النقاشات والحوارات التى تدور هنا وهناك من اجل ان نستفيد منها او نشارك فيها فنجد انفسنا امام مواقف لا نستطيع غض الطرف عنها ، بالطبع ان القضايا تتفاوت على حسب اهمية الطرح وما يرد فيها من أولويات والتناول من مختلف زايا النظر وايضا العامل الحاسم فيها الأطراف المتحاورون ودرجة وعيهم ، واحيانا بعض البوستات تجبرك للتوقف عليها بترك تعليق او الإكتفاء بالإعجاب. واحيانا تكتفى بالمشاهدة والمتابعة وهذا لا يعنى ليس لديك موقف او رأى حول ما طرح بل يتم التحفظ لعوامل كثيرة وتقديرات مختلفة منها شخصية ومنها موضوعيه ومنها لعدم الرغبة ، فان الناس ليس سواسيا فى التفكير والإدراك فهناك من يتقبل النقد وهناك من يحب الطبطبة والمجاملة وهذا يجعلنا احيانا نقع فى فخ النفاق والتضليل والتكذيب فنظهر عكس ما نبطن ولهذا يحبذ الابتعاد وعلى قول المصريين طنش او كبر دماغك يا عم . فليهمز من يهمز ويلمز من يلمز فليفعل ما يشاء فهناك رب السماء الذى لا تخفى عليه خافية .
وعنى شخصى لقد واجهت كثير من المتاعب فى ذلك فصرت اكتفى بالمتابعة والمشاهدة لان الحالة المزاجية العامة تغلب عليها العاطفة ويسبقها سوء الظن ومحاسبة النوايا والتقييم من خلال المعرفة ومعظم الناس لاتكتفى بقراءة ما ورد فى السطور وما كتب من حروف ، بل نجد الفرز والتصنيف سيد الموقف اما "مع واما ضد" بالرغم اننا نعبر بلغة بسيطة وسهلة نقول الفهم قسمه . للاسف البعض يترك العنان للتحليل المطلق من خلال الخيال الجامح والإطلاع على خفايا القلوب وثم يأتى الحكم المبيت مسبقا ..
عن شخصى لم يكون العالم الإفتراضى يوما ساحة عوضا عن الواقع الحقيقى ، فان العطاء والتضحيه لم تنحصر عبر هذه الوسيلة وغيرها وانما يتم اللجؤ اليها لبلورة الرؤاى وتلاقح الأفكار وايضا لنستقى المعلومات والاخبار من خلاله ولاسيما بيننا وبين الوطن اميال واميال ومعارضتنا تقيم فى كوكب اخر ولا نعرف ما يدور فى رحابها الا عبر هذا العالم ، فحقا نحن فى حاجه لهذا الفضاء وحتما لن يكون بديلا عن الواقع الحقيقي الذى نمارس عبره حقوقنا الطبيعية ولكنه يوفر لنا ثمة اشياء افتقدناها ..

فى الختام :
فليكن شعارنا "نلتقى لكى نرتقى" ، فالهم واحد والقضية مشتركة وكلنا نتطلع لغدا افضل ونسعى للخلاص من النظام الدكتاتورى فى ارتريا الذى صادر الوطن وجعل منه سجنا كبيرا وصار الانسان رهينة محتجز داخله ، فالنصوب اسلحتنا صوب النظام وليس الا . فان الفشل وعدم الإنتاج يؤديان بنا الى بحث عن اهداف ثانوية وننصرف فى قضايا انصرافيه لا صلة بها بالواقع ، وفى خضم هذه الظروف ليتنا تذكرنا ان الساحه فى حاجه للجميع وعلينا ان نكمل بعضنا البعض بدلا من تضييع الوقت فى تشتيت الجهود وخلق حالة ارباك فى الساحة ، نحن فى حاجة الى مراجعة شاملة لحركنا السياسي وما يتعلق به ان كان عبر الفضاء الافتراضى او كان عبر الواقع ، ان كان لنا واقع حقيقى .
فمهما كانت درجة الإحباط واليأس وسط صفوفنا الا اننا يجب ان نضبط الهدف ونحدد المسار حتى لا ننزلق الى الهاويه ونجد انفسنا فى مطبات يصعب الرجوع منها وتؤدى بنا الى نهاية لا يحمد عقباه ..
والعفو والعافية .....................
................لا ضاع حق وراءه مطالب ................

ليست هناك تعليقات: