16‏/04‏/2011

الوحدة الوطنية مفاهيم وآليات

بقلم / جمال الدين أبو عامر

الوحدة الوطنية كمكون جوهري وأساسي للمجتمعات والدول تحتل مساحة واسعة في فكر وأدبيات التنظيمات على اختلاف مواردها الفكرية ومشاربها السياسية جنبا إلى جنب مع قضايا تعزيز الاستقلال وتوطيد السيادة الوطنية , وتتعاظم الوحدة الوطنية مكانة وأدوارا ووظيفة  في المجتمعات التي تتصف بالتعدد الديني ,  واللغوي , والإثني بإعتبارها صمام امان لتعزيز النسيج الوطني وحفظ  التلاحم الأهلي .
علاقة طردية موجبة تصل بين صمود المجتمعات والدول في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية, وبين قوة وصلابة الوحدة الوطنية , فحين تسرب الضعف والخور لجبهتنا الداخلية في خمسينات القرن الماضي أصيب الوطن في الصميم ,  فقوى الاستعمار آنذاك بقيادة أمريكا كانت تعي جيدا أن تمرير مؤامرة في حجم مصادرة حق الإستقلال يستوجب إحداث شرخ في جدار اللحمة الداخلية وإختراقها  فأفلحوا , والنتيجة وأد مشروع الاستقلال , بالمقابل حين تعززت الثقة والوحدة الوطنية ضرب الشعب الإرتري أروع الامثلة في التلاحم والثبات والعزيمة وصدق الانتماء , فاحتضن بكل فخر وإعزاز ثورته الظافرة والمعبره عن آلامه وآماله وطموحاته, ورفدها دون قيد أو شرط أو منّ بكل غالي ونفيس , فاختلطت دماء الجميع  بالتراب الوطني  في مسير واحد ومصير واحد وهدف واحد , فحقق أعظم منجز ومكتسب في تاريخه المعاصر- الاستقلال – كأحد أهم العلامات والمنارات الذي يستمد منه الكيان الإرتري  نظامه السياسي , ويكتسب منه الشعب هويته الوطنية  .
بعض المفاهيم والاليات التي تشكل عوامل مهمة ومؤثرة في مسألة الوحدة الوطنية أقف عندها من خلال هذا المقال وبشكل من الاجمال من خلال العناوين التالية :
الوحدة الوطنية مشروع يجب إنجازه برضى الجميع وتوافق الجميع : 
حقائق السياسة والاجتماع تؤكد دوما أن الوحدة الوطنية وفي كل تجارب الشعوب والدول ليست معطى جاهز وحقيقة ناجزة ، بل هي مشروع يجب إيجاده وتأسيسه بمفاهيم ومضامين فكرية وسياسية إجتماعية واقتصادية وثقافية .
ولن أغالي إذا قلت أنه لا الخطابات الأخلاقية الوحدوية ولا الأغاني والاناشيد الوطنية و لا المجال الجغرافي المشترك , ولا الأمجاد المشتركة الباذخة , ولا حتى المشتركات الثقافية والإجتنماعية , – كافية مع أهميتها وحيويتها – لبناء وحدة وطنية متينة وصلبة, مالم يتم إسناد تلك العناصر الهامة بمشروع يتم إنجازه برضى الجميع وتوافق الجميع , والذي يؤسس لشراكة حقيقية وفعلية , على أسس المواطنة الكاملة , وصيانة حقوق الإنسان وكرامته , وتكافؤ الفرص الوظيفية والإدارية والسياسية  .
والمقدمات الضرورية على طريق بناء ذلك المشروع هي إستيعاب حقائق التعدديات والتنوعات وكافة الموضوعات الجوهرية التي تتشارك فيها تعبيرات المجتمع الإرتري المختلفة , من مبادئ وقيم وأفكار وممارسات وأشياء, و الانطلاق منها لصياغة مشروع يضع في إعتباره مفاهيم المواطنة المتساوية والوحدة الوطنية ودولة المواطنة  فوق كل إعتبار.
نظام هقدف بالطبع له مشروعه حول الوحدة الوطنية ( حدا لبي حدا هزبي )  وهو مشروع من حيث الشعار لا غبار عليه , فنحن شعب واحد بحكم الجغرافيا والتاريخ والآلام والأفراح , ولكن مضمون المشروع المبني على الرؤية الآحادية والنهج الإقصائي يجعل الشعار( ملتبس ومشوه ) , فالمشروع صمم بنظرة شوفونية ماكرة قصد منه إنتاج حقائق سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وجغرافية لاعلاقة لها بالواقع والتاريخ والجغرافيا , مشروع قائم على حسابات صفرية في مجالاته كافة , يربح فيها من يربح وبالعلامة الكاملة , ويخسر من يخسر بصفر كبير , أبعد من ذلك لا شيئ في محتوى المشروع سوى مجرد فلكلور لزوم التمويه والتسويق السياسي الرخيص , فضلا على فزاعة ترفع عند الحاجة كسيف مسلط على رقاب البلاد والعباد لتغطية العيوب الداخلية , والهروب من  الواجبات الوطنية وإستحقاقاتها تحت ذريعة الاستهداف الخارجي وأولوية حماية السيادة الوطنية وكرامتها .
وأخطر ما في تداعيات مشروع نظام هقدف انه يحاول إزاحة أزماته أفقيا بخلق بؤر الكراهية والفتن وزرع بذر التجاذب والإحتكاك بين المكونات الاجتماعية كما في سياساته حول ملكية الارض, مما يخشى معه الإنزلاق  إلى متاهات العنف والتصادم الأهلي والتي لم يألفها شعبنا من قبل ,  فتاريخيا كان الكيان الإرتري على المستوى المجتمعي نموذج في التساكن والتعايش , ومثال في التعاطي الواعي مع موجبات الامن الأجتماعي  , فلم يسجل أية انقسامات على أساس غير سياسي , فجل خلافاته كانت في هذا الاطاروفي حدوده , وبرغم أنها في بعض الأحيان كانت تتغذى بظروف اجتماعية وثقافية ، كما في مرحلة تقرير المصير , حين وظف امبرطور إثيوبيا هيلى سلاسي العامل الثقافي لتمرير مشروع الإلحاق الظالم , وكذلك الصراع الذي شهدته منطقة المرتفعات في ستينات القرن الماضي خصوصا إقليمي سراي وأكولوقوزاي والذي لعب فيه العامل الثقافي دور غير منكور .
الوحدة الوطنية أثر للمواطنة الكاملة :
لاشيء يأتي من لا شيء كما في مقولة شكسبير , فالوحدة الوطنية والشعور بالانتماء للوطن تأتي دوما كنتيجة وأثر لشروط وإلتزامات غاية في الاهمية والضرورة ( المواطنة الكاملة المتساوية في الحقوق والواجبات) ,  ولا شيئ يصون الوحدة الوطنية ويحمي مكاسبها كتكريس مفهوم المواطنة الكاملة .
في ظروف معينة يمكن فرض الطاعة بالقوة والقهر , لكن في كل الاحوال فإن الانتماء التام والولاء الكامل للمجتمع والدولة لا يمكن تحقيقه في غياب العدالة والمساواة , ولا معنى للوحدة الوطنية التي تفرض بالقوة أو التي تقوم على الاستبداد  بالحديد والنار , والتجارب أثبتت وبشكل جلي أن الشعور بالولاء لا يرتبط كما إرتباطه بمكانة الفرد ووزنه وقيمته وكرامته في المجتمع , كما أن من يبحث عن معاني الوحدة الوطنية بعيدا عن مفهوم المواطنة المتساوية لن يصل إلا إلى وحدة شكلية فارغة المحتوى والمضمون , وتجربة هقدف خير مثال , إذ ان سياسات نظام هقدف وتصرفاته الاجرامية مازالت تلقي بظلالها سلبا على قضية الوحدة الوطنية والولاء للوطن , ففشل النظام في الوقوف على مسافة متساوية بين كافة المكونات الدينية واللغوية والإثنية أفرز واقع سياسي شديد القتامة والسوأ ,  مليئ بكل أشكال الحيف والظلم الذي طال الجميع , فالمشكلة لم تعد كما في السابق تنحصر في ظلم بعض الأجزاء المكونة للوطن  , بل تعدتها لتصل إلى مجمل مكوناته, بالتأكيد مع وجود فروقات واستثناءات في حجمها وبشاعتها, لكنها في تقديري تظل فروقات في الدرجة لا في النوع , فالنظام قد تفنن في توزيع الظلم على الجميع إنطلاقا من حقيقة ( أن النار تأكل بعضها بعضا إن لم تجد ما تأكله ) فلم يسلم منه حتى رفقاء دربه والذي رمى ببعضهم في غياهب السجون, بعد أن رمى قبلهم بسنين عددا بمئات من الاحرار من الدعاة والمعلمين وأصحاب الرأي والمواقف المشرفة , والذين لاجرم لهم سوى إيمانهم العميق بالحرية والكرامة والعدالة .
التعدد والتنوع لا يمنع الوحدة الوطنية :
الاختلاف والتنوع بمختلف انواعه ودرجاته آية من آيات الله وسنة كونية  , ويندر أن تجد مجتمعا او دولة بلا تنوع أو تعدد ديني أو لغوي او إثني– الخ , ولا تسليم بالإفتراضات التي تذهب ان التعدد ينتج بالضرورة ولاءات متعددة وان التنوع يفضي حتما إلى الإنقسام  . عكسا من ذلك ومن خلال مشاهد محسوسة وملموسة فأن التعدد الديني والثقافي والعرقي واللغوي لا يمنع الولاء الموحد ولا يحول دون بناء هوية مشتركة , بل أن الانتماء للثوابت العامة والتمسك بالمشتركات الجامعة يتجذر ويتعمق إذا وضع التنوع والتعدد في إطاره السليم , فالتنوع ليس انقطاعا عن الوحدة، كما أن الوحدة ليست توقفا عن التنوع كما في عبارة أحد المفكرين .
ومن هنا فإن الوحدة الوطنية كمفهوم وممارسة لا تعني إلغاء التعدد أوالتنوع ولاتعني الذوبان أوالادماج  , وإنما تعني وببساطة شديدة إنجاز الوحدة من خلال التنوع , وتحقيق التعددية ضمن إطار الوحدة , وهومقدور عليه و معمول به في كثير من الدول التي تجعل من التعدد والتنوع عامل إيجابي وعنصرمحفز في تعزيز التوافق الداخلي والتعايش الأهلي .
بالرجوع لوضع بلادنا نجد انها تحتضن تعدديات وتنوعات تعتبرمقارنة بالدول التي من حولنا عادية  (  تسعة لغات في الوقت التي تتجاوز فيها اللغات السودانية حاجز الخمسمائة , وتقترب اللغات الإثيوبية من سقف الثلاثمائة ) ,  ولا إشكال – في تقديري – لا نظري ولا عملي في إختيار لغتيين من بين تسع لتكون لغة رسمية للدولة, ولا معضلة في إنتخاب قواسم ومشتركات ثقافية وإجتماعية تتأسس عليها هوية وطنية جامعة  , من أصل تسع مجموعات لغوية هي نفسها تذخر بمشتركات كثيرة في المبادئ والقيم والمظاهروالعادات والتقاليد  ، و الاشكال كله والمعضلة كلها في فرض لغة واحدة وثقافة واحدة وهوية واحدة وفق أسس وخلفيات ثقافية وسياسية مختلف عليها وإلزام كافة المكونات المختلفة بها قسرا أوتضليلا , فالتعدد والتنوع في بلادنا معطيات تاريخية وجغرافية يجب أن تحترم وتستوعب  , وهي حقائق ووقائع موضوعية لا يمكن أن تلغى أو تتجاوز إلا بالتعسف والقهر المفضي للهلاك كما فعل ويفعل نظام هقدف بإستمرار , والذي فضل – لدواعي شفونية ممجوجة  – أن يتعامل مع تلك المعطيات بمنطق التنكر والتجاهل لحقائقها ومقتضياتها , فكانت المحصلة تراجع مشروع الكيان الوطني الجامع لصالح الإنتماءات الجزئية , وبروز المطالب الخاصة على حساب المطالب العامة  .
وبما أن الوقائع الخاطئة هذه هي نتاج سياسات نظام هقدف وممارساته اللامسؤولة , فإن رفضها وعدم التماهي معها يظل واجبا وطنيا بالغ الاهمية والسمو  من أجل الوطن ومستقبله , فالظروف والاوضاع المريضة الاستثنائية التي نعيشها ينبغي ان لاتدفع – خاصة النخب – نحو الإحتماء بالهويات الخاصة ، أوالاصطفافات الجزئية , ، فالنخب تكتسب دوما مكانتها وأهميتها كونها همزة وصل بين المجتمع والدولة , وهو وضع يحتم عليها أن تكون فوق الإنتماءات الضيقة , وفوق الولاءات الجزئية , فرسالة النخب الأساسية هي حمل الهموم العامة والمشاريع الجامعة , والإسهام في إحلال الوعي الوطني الجامع محل الوعي المحلي , ومعالجة المشكلات المجتمعية ودرء الإنقسام والتشرزم عنها لا الإنخراط فيها , إنطلاقا من موقف مبدئي راسخ مفاده أن مشكلاتنا السياسية لن تحل إلا بمشروعات وطنية شاملة , والتي هي بالطبع لاتلغي الخصوصيات والجزئيات ، أو تضخمها إلى حدود التنافر.
تلك كانت بعض المفاهيم الاساسية في مسألة الوحدة الوطنية, والتي هي بالطبع في حاجة لأليات وحواضن لتغذية وتعزيز ديمومتها وتمتينها وتصليبها ( من كيانات سياسية ومدنية , وقيادات مجتمعية وأهلية , ومؤسسات اعلامية , ومناهج تربوية وتثقيفية خاصة منهج التاريخ والتربية الوطنية — الخ ) ,  وسأكتفي هنا بالحديث عن حاملين أساسين لهما أدوار حاسمة سلبا وإيجابا في مشروع الوحدة الوطنية وهما ضلعا المثلث المكون للدولة  ( جغرافية واحدة  , وشعب واحد , ونظام سياسي واحد )
شكل ومضمون  النظام السياسي :
النظام السياسي تقع عليه وبدرجة أساسية مسؤلية تحقيق التعايش السلمي والوحدة الوطنية , فطبيعة النظام السياسي وخياراته وسياساته تلعب أدوارا أساسية إيجابا وسلبا , في توفير المناخ الوفاقي والتعايش السلمي , أو تفكيكه وتمزيقه , فالنظام السياسي الذي يمثل قيم ومصالح وهوية الجميع ، ويلبي حاجاتهم ويشبع رغباتهم , ويحقق أعلى درجات العدالة والمساواة فيما بينهم  , سيكون قد خطى خطوات متقدمة في طريق تعميق مشاعر الولاء والانتماء للوطن .
والنظام السياسي الذي ينطلق في سياساته وخياراته من مفهوم الدولة للجميع وبالجميع , ويؤسس وظائفها وأدوارها المختلفة تبعا لذلك المفهوم  , ويفتح مشروعاتها ومؤسساتها وهياكلها ومناصبها ومسؤولياتها لكافة مكونات المجتمع دون تحيز لهذه الفئة أو تهميش لتلك , سيكون قد قطع شوطا بعيدا في خلق شعور الإنصاف والعدالة بين مواطنيه .
والنظام السياسي الذي يبسط مبدأ الشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحقة بين المركز والأطراف ويعمل على ترسيخ النظام اللامركزي تحقيقا للتوازن والتوافق في توزيع الحقوق والواجبات والمهام الوطنية , ويعطي الأطراف والأجزاء هامشا أوسع في تملك وتسيير المناشط الادارية والوظائف الحياتية (المعرفة والسلطة والثروة  )  سيكون أكثر إقناعا بإمكانية تحصيل وحدة وطنية حقيقية وإيجابية .
بالمقابل فإن تجارب الأنظمة الديكتاتورية دون استثناء  برهنت بصعوبة – إن لم يكن إستحالة – بناء وحدة وطنية حقيقية ومعتبرة , بل أن شواهد التاريخ البعيدة والقريبة لتؤكد بجلاء بأن الأنظمة الديكتاتورية تمثل أقصر طرق إلى إنقسام وتفكك المجتمعات والدول بل وتناحرها وتقاتلها , وما أحداث ليبيا عنا ببعيد .


الشعب بمكوناته وشرائحه المختلفة :
النظام السياسي وحده لا يمكن أن يخلق كل شروط ومتطلبات الوحدة الوطنية  ,  وإنما هو بحاجة إلى جهد الشعب بكافة مكوناته بإعتباره المكون الأساسي للدولة , فالشعب برموزه الدينية والشعبية , وفعالياته السياسية والفئوية , يمثل ركن أساسي وعمود فقري في تعزيز التماسك الداخلي و تعميق خيار التوافق الأهلي , وفق عدد من الإلتزمات  :
أن تتهيئ مكونات الشعب المختلفة لقبول بعضها البعض نفسيا وعقليا وسلوكيا , فالقبول يعني بالضرورة  الاعتراف بالآخر وجودا وفكرا ومشاركة , وإحترام ما يحمله من توجه وما يتخذه من مواقف في أي مجال كان , ومن ثم تأتي خطوة هامة تتمثل في تفعيل وتنشيط صيغ التفاعل والتضامن اجتماعيا وسياسيا وثقافيا ووطنيا , إذ لا تعايش بدون انفتاح وتواصل وتفاعل .
 وهنا تبرز أهمية  تأسيس نمط العلاقات بين مكونات الشعب المختلفة على قاعدة التعايش والتساكن والتسامح والتعددية وصيانة حقوق الإنسان و الشراكة الوطنية القائمة على قاعدة الوفاق والتفاهم والثقة والمسؤولية المتبادلة الموصلة إلى مفهوم ( النحن ) ، فحقائق الوحدة الوطنية وتجلياتها لن تبرز إلا برسوخ تلك القيم وتجذرها إجتماعيا بإعتبارها بوابة توفير الظروف الذاتية والموضوعية لإيجاد مناخ ثقافي ونفسي , وبيئة اجتماعية ووطنية تسمو دوما فوق إكراهات الماضي  , وتتجاوز استقطابات اللحظة والحدث العابر , وتطوي محطات التوتر والهواجس والشكوك القديمة منها والحديثة , وتتصدي بشكل مباشر أو غير مباشر لدواعي الإنقسام والتشرذم , وللنزعات المخلة بالنسيج الوطني ولكل سلوك ينخر جدار الوحدة الوطنية تحت أي مبرر أو ظرف كان .
وهنا لا مجال لتجاوز الحوار كمقوم أساسي من مقومات الوحدة الوطنية كونه يسبغ شرعية علي الأطراف المتحاورة , فالحوار مع طرف يعني سياسيا الاعتراف به وبوجوده ، والرغبة في التواصل معه , والحوار كمبدأ وإسلوب ووسيلة لا غنى عنه  حاضرا أو مستقبلا في معالجة المشكلات البينية وتضميد الجروح وتفعيل الحراك السياسي والإجتماعي , فضلا على أن الحوار إسلوب مهم للتعرف على القواسم المشتركة وقيم التعايش الأساسية وبالتالي تحديد المساحات المشتركة التي يجب تنميتها وحمايتها على الدوام , غير أنه آلية هامة في حفظ المجتمع عن شبح العنف والإحتكاك ، فالعنف كما يقولون يبدأ عندما ينعدم الحوار أو تتعطل ايجابياته.
في الختام : ستظل الوحدة الوطنية نواة مركزية  و مركز ثقل في مواجهة التحديات داخلية كانت أو خارجية , خاصة في ظل الانظمة الديكتاتورية القائمة على شرعية العنف والاكراه , والمحكومة بعقلية الاستحواذ وشطب الآخر. – كما في حال نظام هقدف – والتي لا يصدرمنها سوى ما يكدر صفو العيش المشترك ويرفع وتيرة الاحتقان , ويضعف اللحمة الداخلية , والحال كذلك فإن المطلوب على الصعيد الوطني وبالذات في هذه اللحظة الحرجة التي تمر بها المنطقة , والتطورات الخطيرة والمتسارعة التي تمر بها بلادنا, هو مزيد من الاعتصام بالوحدة الوطنية ومزيد من التمسك بالثوابت الوطنية, , فبمقدار تمسكنا  بحبل الائتلاف والإعتصام ووقوفنا صفا واحدا في مواجهة كل أشكال الإنقسام والتمزيق  ، نستطيع إزاحة الكابوس الذي يجثم على صدر شعبنا الكريم  , و صنع مستقبل أفضل لبلادنا التي  تقلنا أرضها وتظللنا سماؤها .

ليست هناك تعليقات: