05‏/01‏/2011

متى نرتقى بمفهومنا الوطنى ؟

بقلم / رمضان محمد
إن العنصر المهم فى حياة المجتمعات والأفراد هو المفهوم الذى يتم التعامل به مجتمعاً كان أو فرداً ولعل تمييز الشعوب بين متحضر وأخر متخلف ينتج عن  إمتلاك مجتمع ٍ محدد لمفهوم متقدم وذلك يظهر فى رقى تعامل المجتمع ، وسعة أفقه، وقدرة تحمله ، وعلى الرغم من كونها معايير غير محسوسة  لكنها معتبرة فى التقييم  والتمييز بين الشعوب  وفى مجملها تكون نتاج عصارة علم ٍ وخبراتٍ وتجارب !!!!
ونحن كمجتمع إرترى نمتلك مفاهيم نتميز بها عن غيرنا فى الحياة ،لكن ما يتضح جلياً ومن خلال قراءة عدة قيادات إرترية ذات خبرة، تُرجع ضعف المفهوم الوطنى ذات البُعد الشامل للشخصية الإرترية لغياب وضعف مفهوم الدولة والحقوق المواطنة لدى المواطن الإرترى،و قد يكون لهذا  أسباب ومبررات لأننا شعوب لم ترى قيام دولة إرترية إلا فى 1993م وهو عمر قصير فى حياة الشعوب إذا ما قورنت بشعوب أخرى فى قارتنا السمراء، ويوم تحقق حُلم الدولة الإرترية الذى كانت فواتيره باهظة من الشهداء والمعاقين جاء نظام أفورقى وللأسف رغم سلبه لكل الحقوق الوطنية للمواطن الإرترى لكن عدم إلمام هذا النظام بكيفية إدارته للدولة خلق حالة من التخلف فى المفهوم الوطنى وسيؤثر هذا فى بنية الدولة الإرترية فى مستقبلها إن لم يكن عائقاً لنهوضها وتقدمها سنين عددا !
ولربما هذا التخلف كان سيتعمق أكثر لولا الخلاف الحدودى  مع الجارة إثيوبيا التى أظهرت وبكل وضوح هشاشة بنية الدولة الإرترية وخروج قيادات رفضت طريقة إدارة الدولة مجموعة شريفوا ( مجموعة 15) . هذا الحدث بتوابعه وملحقاته لفت المواطنين لحقوقهم ومكتسباتهم وواجباتهم أو على الأقل أيقظ من كانوا فى سُبات نومٍ عميق!!!
وعلى صعيد جبهة المعارضة وعلى الرغم من المجهودات المقدرة التى تُبذل من بعض الوطنيين لتأسيس مفهوم وطنى يتسم بالعقلاينة والوسطية وينهج خط التعايش سُلماً يقارب به حلحلة الإشكالات  الوطنية ، هنالك على الجانب الأخر من يسعى لتبديد تلك الجهود ويبعثر تلك النتائج بشتى الوسائل والسبل أفراداً كانوا أو كيانات !
عليه فالمطلوب اليوم هو إعمال فكراٍ وطنى مجرد ينظر إلى قضايا الوطن برؤية وأفق أوسع يتجاوز الصراعات والإشكالات التى حدثت فى الساحة الإرترية وما ظالت تتابعنا لعناتها حتى يومنا الحاضر!!!
مما يتوجب منا جميعاً الوقفة والتأمل والدراسة بعمق لوضع موجهات عامة لمفاهيم وطنية  لنتعامل بها بطريقة  تتوافق  مع المتطلبات الوطنية الملحة فى هذه المرحلة حتى نستطيع عبر تلك المفاهيم الوصول إلى رؤية تخلص شعبنا من حالة التردى السحيق  والتشرذم  الخطير!!!
ونعمل جاهدين لكبح مشروع وأد الوحدة الوطنية الذى  يمضى على قدمٍ وساق فى إرتريا  من تثبيت ركائز دولة  ذات ثقافة  واحدة وتهميش كيانات إرترية ذات السبق النضالى ، وكل ماسبق ذكره ولد حالة من الإحتقان ولتخفيف حدة الإحتقان يجب توجيه مسار المجتمع لتدعيم  مساحات التعايش وتضييق هوة الخلاف ويجب أن يكون ذلك هدفاً نسعى له بقوة !
وعدم الإهتمام بذلك اليوم ستقود البلاد  حتماً  للإقتتال الأهلى  خاصة إذا وضعنا فى الإعتبار التدخلات الخارجية لأن الصراعات اليوم ليست كالماضى ففيها من التداخل والتشابك مايصعب فك طلاسمه فالدول اليوم تنسج مصالحها على التناقضات  والصراعات ....
وأن دولة هشة  كإرتريا، وشعبٍ كشعبها لم يذق للمواطنة طعماً ولا للحرية درباً ما سيزيد كل ذلك لهيب الصراع والخلاف الداخلى ، عليه فإن بناء الدولة الإرترية يقع على عاتق أبنائه  الذين يحملون همه، ويدركون حجم المسؤولية الوطنية، خاصة لأن خياراتنا تمضى إلى  ضيق!  ولو لم  نتدارك  ذلك الخطرفكل مكتسباتنا الوطنية  ستكون سراباً لا نستطيع لها  لماً ولا طلبا ولا إستعادة!!
كل تلك المرافعات الوطنية كانت منذ فترة من إهتمام القيادات الوطنية فى جبهة المعارضة كلها وأن تلك الهواجس والمشاغل كانت المحرك والدافع الرئيس لإقامة ملتقى حوار وطنى عام وشامل وبفضل مجهودات جمة عقد ملتقى الحوار الوطنى بأديس أباب فى 31من أغسطس من العام الماضى، وقد كان ذلك بمثابة نقلة نوعية لجبهة المعارضة ووضع لبنة يمكن أن نسترشد به لبناء نظام دولة مدنية بكل ما تعنيه الكلمة من مدلول وتفسير !
لكن مما يؤسف له أن ملتقى الحوار الوطنى يتعرض لتأويلات وتفسيرات عدة من  بعض الأطراف التى شاركت بنظرة غير وطنية لكل من لم يشارك !
وأطراف لم تشارك كان لديها ملاحظات فى كيفية الإعداد والتحضير  ونظرتهم بأن الملتقى فيه شائبة أو شىء من حتى ...!!!
وإختلاف النظر هذا يقود اليوم  إلى إصطفاف جبهة المعارضة بين مؤيد للملتقى ومعارض  له ولهذا الإصطفاف بٌعداً فى مدرسة الصراع الإرتري  ولهذا فخطورته موغلة !وجرحه!وشرخه! سيكون أعمق إن لم نتداركه ونوقفه ، خاصة وأن الكثيرين اليوم يعزفون بقوة على وتر الخلاف هذا، المندسون ،منهم والغافلون،  يبثون السموم دون هوادة ودون أن يعلموا ما ستجلبه تلك الخلافات من ويلات ودمار  للنسيج الإجتماعى ...
عليه هنا أقدم بعضأً من رؤى لتكون  خطوطاً لمفاهيم  وطنية تقتضيها المرحلة الحساسة  وأتمنى أن تضاف عليها بعضاً من المفاهيم الوطنية حتى يكون التقارب بين كياناتنا أرضية ينتج عبره تمتين الوحدة الوطنية بين التكوينات الإرترية .
@ إن ملتقى الحوار الوطنى يجب أن تكون نظرتنا له  بأنه لبنة وأنه نقلة لجبهة العمل الوطنى المعارض لمرحلة متقدمة يمكن بهذا النقل النوعى أن نضمن صيانة حقوق المواطنين جميعهم بلا إسثناء ، بل هو حراك يمكن أن يبنى على فكرته الكل المؤيد والذى بجعبته ملاحظات فإنما هو مكسب وطنى للجميع !
وان نرفض فكرة التخوين للطرفين لأن هذا أنفع وأجدى للعمل الوطنى،وأن نقر بوجود سلبيات  فيه كشأن أى عمل بشرى ونعترف بذلك. وأن يقر الأخرون كذلك بأنه تجربة كشأن كل التجارب الوطنية فيها ما هو مفيد وماهو مرفوض ، كل ذلك نرجعه لواقعنا السياسى الذى لا يحتاج إلى كثير شرحٍ وتفصيل .
وأن بناء حياة الشعوب لايتم إلا بالتوافق فيما يمكن الإتفاق حوله ، وإن ملتقى الحوار يجب أن لايكون محطة  فاصلة للخلاف بل يجب أن تتجاوز الكيانات هذا الخلاف  لكى لايعيق تقدمها، إن كنا فعلاً نسعى لتحقيق مصلحة الشعب الإرترى....  
@ الهجوم على الأحزاب السياسية بطريقة منظمة عبر الكتابة تارةً والتشويه تارةً هو عمل غير مسؤول وهو هدم لجدار الوحدة فى الأمة الإرترية وهو هدم  يعتقد الفاعلون أنهم يضعفون الكيان الذى يختلفون معه فى التوجه  لكن ما يجهلونه أنهم بفعهلم هذا يقسمون المجتمع الإرتري وبذلك يبعدون أمل التوحد والتعايش بل فإن هذا باعث لعدم الإستقرار السياسى والإجتماعى وليس كما يتوهمون بناء الأمجاد على حساب الكيانات الأخرى !!!!
@ الهجوم على الشخصيات الوطنية التى تحاول لتسهم بقدر ما تستطيع وتعمل جاهدة لتمليك خبرة نضالاتها للأجيال وأن يتم رصد تحركاته وكأنهم يتابعون قيادات النظام القمعى وليتهم فعلوا ذلك وسخروا مقدراتهم ومتابعاتهم لقادة النظام وأعوانه ، بدلاً من تضييع جهودهم فى رصد حركات من هم  فى صف المعارضة وأقول ذلك ليس من باب الدفاع لأحد لكن أليس
الأجدى أن نلتفت إلى قضايا شعبنا وهمومه بدلاً من هدر الزمن والجهد فى مالا ينفع ، وتسخير الإمكانيات الإعلامية لتضييق الخناق على النظام وليس على من هم فى صفنا  مع تقديرنا لكل من له ملاحظات على هذا أوذاك فليس هناك من معصوم، بل يجب أن ننظر إلى إيجابيات الأفراد وليس التركيز على السلبيات فقط ...
@  محاولة تقسيم إرتريا بنشر مفهوم أن إرتريا بحدودها ليست صنماً مقدساً وذلك عبر الدعوة لأفكار قد تقود إلى تقسيم إرتريا إلى مكونات جغرافية ومن ثم تفتيت هذا البلد!!
وللأسف فهناك كيانات وقيادات تدعوا بوضوح لترسيخ ولتثبيت مثل هذه الدعاوى والشعارات الخاوية  فى عقول الإرتريين وهو عمل خطير يجب التصدى له والوقوف ضد هذا المخطط الذى يتهدد إرتريا دولةً وكيان وأن نعمل جاهدين لغرس قيم العدالة والمساواة بين الجميع دون أن يكون هنالك مدعاة لتفتيت البلاد والعباد على أسسٍ جغرافية وإثنية كما يفعل النظام وهو جرم فى حق الشهداء الذين سكبوا دماءهم من أجل وطنٍ واحد وشعبٍ واحد إسمه إرتريا!
@ المسارعة فى بناء كيانات قومية وعشائرية وتشجيعها  فى خطوة تعتبر تفتيت لوحدة المجتمعات الإرترية التى يجب أن تجتمع فى مائدة واحدة وتراعى مصالح بعضها البعض وفى تقديرى أن ظاهرة التنظيمات القومية والتكوينات العشائرية تجرجر هذا الشعب المغلوب على أمره فى دوامة صراعات لا تنتهى فعلى المواطنين أن يبتعدوا عنها وأن يعملوا على توحيد جهودهم فى قوالب وطنية نصحح فيها الأخطاء ونعالج فيها قضايانا الوطنية بروحٍ شفافة بعيداً عن التعصب العرقى والجغرافى .
@ إتهام القيادات الإرترية المعارضة  فى هذا الظرف العصيب بالإغتيالات، يعتبر عملاً غير مسؤول  فبدلاً من  تعرية من هم مع النظام من الرجال الذين يُشبعوا شعبنا قتلاً!وسجناً! وتشريداً
 نكتب عن التصفيات الجسدية لقيادات إرترية وياليت الكتابة تكون على شاكلة توثيق للقيادات الإرترية  التى سقطت بدمٍ بارد  فهذا واجب وطنى يتوجب ذكراههم والتوثيق لهم ، لكن صيغ المحاكمات  وصخبها التى ملاءت صدور المواقع الإرترية  دليل على غياب النضج السياسى  والوعى الوطنى ...
وبالمناسبة أننى لست ضد أن يكون هنالك قصاص ومحاكمات لكن بناء دولة القانون يسبق كل ذلك ، وأن نشر مثل هذه المحاكمات  فى هذا الظرف العصيب  يعنى إشعال شرارة  الفتنة  بين الإرتريين ويعتبر ذلك وضع عراقيل أمام بناء دولة المؤسسات فى إرتريا .
وأن مثل هذه الدعاوى تقطع طريق العدالة  لهذا فالنعمل  جميعاً كلً بجهده ومقدرته وإسهامه لبناء دولة القانون والدستور  لأنها صمام الأمان لرد الحقوق وحفظ الدماء ومعاقبة الذين أرتكبو بحق المناضلين الشرفاء عملاً موسوم بالجبن والعار...
كل عام والجميع بخير

ليست هناك تعليقات: