بقلم / محمد رمضان
كاتب ارترى
إن الثورات التحررية للشعوب تكون بها نقائص وسلبيات
! وتواجه تعقيدات وعقبات تظل أحياناً شاخصة بتأثيراتها على الشعوب فى نُهوضها ونهضتها ! ضُعفها و قوتها ! وثورتنا
الأرترية مُمُثلةً فى جبهة التحرير ، أكتنفت مسيرتها قرارات هدمت ما تم رسمه
بالدماء!
والأشلاء! والدُموع! وياليته إستقر تأثيره لحقبةٍ محددة لكنه هدم ُإستمر حتى اللحظة ! والخُلاصة المُرة إن قيادة الجبهة قتلت حُلم وأمال شعبنا
فى طريقة إدارتها بالجُملة، وفى قراراتها المفصلية بالتحديد، وعلى رأسها بالطبع تصفية
رُموزها وبُناتها فى دنكاليا!
وبالرجوع لعنوان المقال فشهداء دنكاليا أوشهداء التصحيح الذين تم إغتيالهم غدراً وغيلة فى دنكاليا
بتاريخ 22/5/1978م كانت قيادات لها سيرة مشرفة
فى العطاء والبذل والتضحية والتفانى! فضلاً عن الخبرة القتالية والفنية التى تميزوا
بها وتقلدوا عن إستحقاقٍ وجدارة مواقع ليست متقدمة فحسب بل كانت فى الصدارة! وحين تبين
لتلك المجموعة أن مسارالنضال صار يتغير، وأن القيادة قد حادت عن المبدأ، أرادوا تصحيح
المسار من الإعوجاج! كيف لا وهم بُناة التنظيم وسدنته! ووقوده ومؤسسيه! وهم من سطروا
مع غيرهم من الرفاق تاريخ ثورتنا الفتية !
وبالطبع من لمثل تلك المهمة إن لم يكن هُم! حركتهم دوافع وطنية خالصة فهدفوا من خلال
تحركهم معالجة الأمر بالحوار وليس بالقوة كما يتصور البعض.
لكن يد الغدر
طالتهم فى دنكاليا فقضت علي عشرة من قيادات تلك الخطوة رمياً بالرصاص وهم نيام! وقد كان بينهم مُندس تجرد من قيم الرجُولة والشهامة
لينفذ مخطط الغدر مُتدثراً بثوب تنفيذ تعليمات القيادة الخاوى! وبثمن رصاصة أنهت قيادة
الجبهة مسيرة حافلة باالعطاء وماظنت أنها أنهت بذلك مسيرة النضال برُمتها، وبعد إنتشار
الفاجعة لم يمضى وقتُ طويل حتى تجرع تنظيم الجبهة كأس الهزيمة ودخل السودان مهزوماً
مُنكسراً ! بعد أن كان ملىء السمع والبصر.
وبما أننى لست من الجيل الذى عاصر جبهة التحرير الأرترية
لكنها قطعاً كانت لا تمتلك قيادةً رشيدة وهنا لا أتحدث عن الجيل المؤسس عواتى ورفاقه
الميامين الذين حملوا الرسالة بإقتدار! وسلموها بأمانة! لكن القيادات التى كانت على
رأس هرم التنظيم فى الفترة 1970 حتى 1981م كانت قيادات لا تمتلك مرجعاً أخلاقياً فى
إدارتها ! ولا قواعد وطنية فى نظرتها، ولا بوصلة لتُحدد به هدفها ! ولا واقعية تُقدر
به مُحيطها وأمورها ! بل جعلت تنظيم الجبهة بزخمه ساحةً للتصفيات دون تقديراٍ لواقع
المجتمع، نسيجه، وتوازنه، فقررت ما تريد فظلت هائمة من جراء ما قررت وقدرت وما تظال
مالها من قرار! ومن حقنا أن نتسأل لماذا تم إصدار التعليمات بالقتل الفورى؟ ولماذا
لم يتم إعتقالهم ؟ وكان بالإمكان فعل ذلك ؟ وهل بخطوتهم تلك حققوا الحفاظ على كيان
الجبهة أم شيعوها لمثواها الأخير ؟ هذه تساؤلات تحتاج إلى إجابة والتاريخ لايرحم.
ثم كيف تُعيب ذات القيادة على أفورقى مسلكه فى إدارة
الحزب الدولة وقد أمتهنوا السفك والقتل على خيرة القيادات الوطنية وهذا لعمرى فى القياس
مُخيب!
كتابتى عن شهداء التصحيح أستوجبته حالة التوثيق والكتابة
للتاريخ! لرجالٍ أفذاذ وقادة أشاوس تقدموا الصفوف فضحوا! وقاتلوا العدو فأبدعوا نصراً!
ثم قادوا فتفردوا! ولا أكتب من باب البُكاء على اللبن المسكوب فالأم التى أنجبتهم لم
تعقر بعد! وأن الموت قدرُ محتوم وإن أختلفت الطريقة ! ولم يكن دافع القبيلة أوالإقليم
سبباً فى مقالى فلستً منمن تحركهم تلك الدوافع رغم إعتزازى بأهلى ومجتمعى! لكن السبب الرئيسى الذى
دفعنى هوحسرتى على ضياع التوازن فى أرتريا بسبب ممارسات الإقتتال الداخلى فى إطارالكيان
الواحد وماخلفه ذلك من ذهابٍ للشوكة! وزوالٍ للقوة !! وجُروحٍ عميقةُ غائرة ظلت تُلاحقنا أناتها وما
أنفكت تنجلى! وسنحتاج لعقود لإعادة التوازن! ولا أقول ذلك من باب التوجه الطائفى فلستُ
من دعاتها، لكن يظل التوازن بين المجتمعات هو المعادلة التى تحفظ العدل وتصون الحقوق
وتمنع الظلم والتغول خاصة إذا كانت هنالك فروقات ثقافية وإثنية ودينية فى إطار المجتمع
الواحد ! فهل أدركت قيادات الجبهة حينها اليوم ما جنته بحق النضال والوطن بقتلها بدمٍ
بارد لقيادة كانت خياراً من خيار!
تنبيه:
حتى لا يعتقد القراء إننى أتناول
تنظيماً محدداً فى مقالى فكيان جبهة التحرير قد صار تاريخاً من الماضى منذ دخوله قواته1981م
للأراضى السودانية وإنشطاره لأكثر من كيان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق