سمعتُ بمقولة مصر اٌم ألدنيا وأنا صغير ، ولما كبرتٌ بدأتُ
أفحصُ هذه ألمقولة لمعرفةِ شيئا من أسرارها ، كانت ألنتيجه كسراب بقيعةٍ يحسبهُ
الظمأن ماء ، فقلتُ في نفسي عجبا !! ،كيف إنتشرت هذه ألمقولة بين ألناس ،ولماذا كٌتب
لها ألقبول وألتداول عبر ألزمان ،لكن بالمقابل كيف إستطاع ألنظام ألفاسد أن يمحو هذه ألمقولة
ألخالدة من ألوجود .
عشنا وألحمدلله في
الايام الفائتة ثورةٌ مباركة في ميدان التحرير والقاهرة والسويس واسيوط
والاسكندرية واسوان رافعة شعار فاليسقط النظام ،قادها ألعلماء وألمفكرين والشباب ، أثبتوا
للعالم فعلا أن مصر هي اُم ألدنيا في ألتنظيم وألإدارة والترتيب وألحضارة كيف لا، وهم أحيوا ثورة الكرامة وألحرية
وإنتزاع ألحقوق، بطريقة جديدة أدهشت العالم. وأحسنوا فيها إستخدام أدوات ووسائل ألإتصالات ألحديثة من ألفيس بوك
وألتويتر.حتى ظن البعض أن ألذي أسقط
ألنظام هو ألفيس بوك،وهنا راجت قصص كثيرة. على كلٍ لاينكر أحد ألدورُ
ألكبير لهذه ألوسائل، لكن ألذي اسقط ألنظام هي ألإرادة وألعزيمة وألشموخ وألكبرياء
وألأنفة لهذا ألشعب ألكبير،بعد ان صبر على
القهر سنوات عديدة .
من كان يظن أن ألطاغية
وبطانته الفاسدة والكتاب المأجورين ورجالات ألإعلام الكازب أن تكون
نهايتهم إلى مزبلة ألتاريخ في لمح
من البصر .
ثورة مصر أثبتت للدنيا اذ الشعب
يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ،فلا بد للطاغية أن ينكسر ،ولابد للظالم
أن ينهزم .
إنهزم ألطاغية بكل
ما لديه من عُدة وعتاد وجمال وبغال ورجال أمن وبلطجية وعناصرفاسدة
ألتي اطلقها توهما منه انها ستغلب إرادة
وعزيمة الشعب ، يكفي هذه الثورة اي ثورة 25 يناير ، انها اذلت هذا
الطاغية وجعلته يظهر في التلفاز
منكسرا مقدما التنازل تلو التنازل
،ومتعهدا باجراء إصلاحات سياسية ودستورية، والكذب والغش لايفارقه حتى في الزمن
الضائع ،متوهماً ان استقرار مصر وأمنها مربوط بشخصه،وهذا ما يسميه المحللون
ألنفسيون بشخصنة الدولة، كأنه هو الذي
أنجب الدولة ،وليس ألعكس، وكان هذا ظاهرُ في خطابه ألأخير، ألمهم هكذا أراد ألله أن تكون نهايته .
ثمانية عشر يوماً من ألإعتصام وألإحتجاج قدم فيها ألشعب ثلاثمائة شهيد من أنبل وأطهر أبنائه
،ليضع ويكتب نهاية نظام إستمر ثلاثون عاما في
ألفساد وألإختلاس وألنهب وألمحسوبية وألرشوة وألظلم وألقتل وألجوروألتدليس وألتزوير وألسحت
وألخيانة وإشاعة الفاحشة وألإجرام وألبلطجة وألعمالة وألإرتهان .
تابعت وألحمدلله خطاب ألتنحي
الذي تلاه المجرم عمرسليمان ،بعد ان دخل الطاغية في حالة غيبوبة كما ذكرت
الروايات،فكبرتُ وحمدتُ الله ،وبدات اٌقلب في الفضائيات فوجدتٌ أن الفرحة قد عمت
الدنيا وخرجت جماهير مصر في أكبر حالات من الفرح والبهجة والسرور وألإنتصار،وشاركهم في ألفرح ألاردنيون وأليمنيون وألبحرينيون وألجزائريون
وألسودانيون وألفلسطينيون وألتونسيون وأصحاب ألضمائر ألحية وألإعلام ألحر
،وألمنظمات ألحقوقية وألإنسانية .وألشجر وألحجر وألدواب ،إنتهت مرحلة سقوط ألنظام ،
وألآن مرحلة ألبناء ألحقيقي ، وهنا اسئلة
مشروعة تدورفي الذهن منها ...
كيف تستعيد مصر دورها ألحضاري
وألقيادي وألعلمي وألمركزي في المنطقة بعد
أن تلاشى هذا الامر في ظل ألنظام السابق ؟ ثانيا كيف يمكن التخلص من بقايا هذا
النظام في المؤسسات الفوقية والتحتية ؟،كيف التأسيس لنظام سياسي مستقر ؟ هذه
الاسئلة وغيرها هي التي تشغل المخلصين من ابناء الامة ، ولما لمصر من مكانة عظيمة
ودور سياسي مشهود غير منكور ، جعلها
كالقلب إذا صلحت صلح سائر ألنظام
العربي ، وإذا فسدت فسد النظام العربي
بمجموعه.ولما صلحت مصر كان الازهرألشريف قبلة العالم الاسلامي ومنارة في العلم وألفكر ،ولما
فسدت صار الازهري ألشريف مكتب علاقات يتبع للرئيس المخلوع ،ولما صلحت مصر أنجبت
العلماء والادباء والمجددين في جميع فنون العلم، فإنطلقت منها حركة التجديد والوعي لتتجه شرقا وغربا .ولما صلحت مصر كانت قائدة العالم ألإسلامي في
حربها ضد إسرائيل ، ولما فسدت مصر كانت أول دولة تقوم بالتطبيع معها ،فتبعها
العالم العربي والاسلامي، فتأثير مصر على ألغير ظاهر في حالتي ألصلاح وألفساد .
ولاستعادة مصر دورها ألحضاري
وضع رجل مناسب في ألمكان ألمناسب لمراجعة ألقوانين وألتشريعات وألدستور ،وهو عالمٌ
من علماء مصر ألكبار ،المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وهو المستشار طارق البشري ، ومن حسن حظي أتذكرأنني حضرت له محاضرةٌ قيمة بعنوان
التجديد في التشريع ألإسلامي كانت
في قاعة الزبير للمؤتمرات الدولية ،وكان معه ألدكتور محمد سليم العوا.
اما كيفية التخلص من
بقايا النظام في المؤسسات فهذه فيما يبدو لي هي من واجبات المؤسسة العسكرية التي آلت اليها مقاليد الحكم ، لكن وألله أعلم
ان بعض أفراد ألجيش متعاطفون مع عناصر ألنظام ألسابق ،فهم كما قال الفرزدق للحسين
بن علي رضي الله عنه ( ألقلوب معك وألسيوف مع بني امية ) ،وإلا كيف يُسمح لعمر
سليمان وهو يداول نشاطه في القصر كأنه منتخب من قبل الثورة ، نقول بصوتٍ عال هذا إجهاض
لمكتسبات ألاُمة وتفريط في إنجاز ألشعب ومحاولة ماكرة وخبيثة للالتفات علي ثورة 25
يناير.وهذا التحليل الذي نميلُ إليه ،هو الذي يتخوف منه الاستاذ فهمي هويدي .
فالفساد الذي عم مصر خلال ثلاثون عاماً ،لم يقم به ألرئيس ألمخلوع إنفرادا
،وإنما إشتراكا مع عناصر وبطانة فاسدة ،فالواجب محاسبة هذه الفئة ،لا تركها تمرحُ
في ألقصور كأن شيئا لم يحصل ؟
ومن ألمعلوم بالضرورة
ان الثورة او الانتفاضة لم تقم عبثا او
تضييعا للوقت ،وانما قامت لاسترداد حقوق
وقيم ومصالح انتهكت ؟ ومن اجل ذلك قدمت ما قدمت من أموال وأنفس ...
نتناول في ألحلقة
القادمة إن شاء ألله ، تداعيات وإنعكاسات ثورة مصر علي دول ألمنطقة،وقراءة للمشهد
ألسياسي ألأرتري على ضؤ هذه ألمستجدات..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق