بقلم / صالح ابراهيم انجابا
أحداث
ليبيا كشفت عمق المأساة التى يعيشها شعبنا من جراء حكم الدكتاتوروظهر
جلياً عندما نتابع أفواج الهاربين من كل الجنسيات الذين تزاحموا على حدود
تونس ومصرولم نسمع عن فرار إرتريين متوجهيين الى وطنهم وسط هذه الجموع . كل
الدول أرسلت سفن وطائرات لنقل رعاياها ووفود لتفقد أحوال مو اطنيها ما عدا
حكومة الشر والظلم التى أرسلت بدلاً من ذلك كتيبة لمساعدت سفاح ليبيا على
حسب ما ذكره موقع النهضة.
ظللت
أتابع تدفق اللأجئين الذين يتطلعون العودة الى أوطانهم وللأسف الشديد
إخوتى البؤساء الذين تعصف بهم رياح الظلم من كل النواحى لم أرى واحداً منهم
فى الشا شة الفضية يقول إنه عائِد الى إرتريا.
الإرتريين المنبوذين من قبل الطاغية فضلوا
أن يصارعوا الموت ويواجهوا ظروف الحرب فى ليبيا لأنهم يعلموا أن فى
إنتظارهم دكتاتور لا يرحم ونظام يتفنن فى تعذيبهم ، ووطن له أسوار عالية
معدوم فيه أوكسجين الحياة ويرقص على أنقاضه شلة من الجنرالات الذين لا
يهمهم آدمية الإنسان الإرترى. سألت نفسى مغالباً الدموع متى ننزع أغلال هذه
الغُمة التى خيمت على بلادنا؟ الى متى العيش كقطيع من البقر فى بلدٍ دفعنا
من أجله أكثر من خمسين عاماً من التضحيات والكفاح؟ إنها مأساة تحلق فوق
روؤس الأحرار وتغرز أنيابها القبيحة على سعادتنا التى انتظرناها طويلاً
والتى شنقها وكتم على أنفاسها نظام إسياس ، الذى إن شاء الله سوف يلحق بركب
زين العابدين ومبارك مهما طال الزمن. سألت نفسى ووضعتها فى
مكان إخوتى الذين قد يكون بعضهم قتلوا فى خضم أتُون المعارك التى ما زالت
مستمرة فى ليبيا وبعضهم لا يعرفون الى أين المفر؟ وبعضهم يعانى ويلات الجوع
والهلع والإختباء فى بيوتهم لكى لا يقتلوا لأنهم أصحاب بشرة سوداء؟. الحزن
إعترانى وهز كيانى رغم أننى أعيش فى بلد الديمقراطية والعدالة وكيف لا
أحزن و
أتحسر عندما أسمع أن هنالك رجال كبار وأسر وشباب إختاروا الموت وفضلوا البقاء فى الغربة لأنهم يعلمون كيف كان مصير إخوتهم من الخريجيين والأسر التى عادت الى إرتريا
بعد الإستقلال.كيف لا أحزن وأنا أسمع أنين الجياع والآم الأمهات والآباء
الذى يغزوا ليلى عابراً الفيافى والمحيطات ليذكرنى أنهم أهلى وأنا جزءا
منهم .
ليبيا
أعطت الكثير للإرتريين فى شتى المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية
والتعليمية فى زمن النضال ضد الإستعمار وفى نفس الوقت ذاقوا فيها جرعات
الذل والهوان بعد الإستقلال نتيجة للعلاقة الحميمة التى تربط الطاغيتين إذ
مارس الأمن الليبى التعذيب وإنتهاك حقوق الإنسان ضد الذين هربوا من بطش
العصابة الحاكمة فى اسمرا. النظام الليبى لم يتورع فى إعادة لاجئين ارتريين
الى اسمرا كذا مرات رغم مناشدات منظمات حقوق الإنسان .إنها
الدراما الإنسانية المُرَّة تمثل فى مسرح الواقع فى القرن الواحد والعشرين
وأبطالها حفنة من وحوش بشرية يمسكون بزمام الأُمور فى داخل الوطن المسلوب
وأنها لوحة ترسم بلون السواد والدم الذى ما زال ينزف داخل ارتريا .
نداء
أوجه
نداء كإرترى يعتصره الألم ويعذبه الضمير الإنسانى الى قيادات تنظيمات
المعارضة والى رئيس التحالف الإرترى أن يناشدوا المنظمات الإنسانية و هيئة
الأمم المتحدة وكل المنظمات التطوعية لكى يتفهموا النكبات التى تواجه
الإرتريين فى ليبيا ويكرسوا جهدهم لمساعدت العالقين بين الحدود والذين لا
يستطيعون أن يعودوا الى براثن النظام الذى يمارس كل أنواع البطش والتنكيل ونشكر
التحالف الإرترى الذى أصدر بيان صحفى بشأن هذا الأمر ولكن نرجوا أن يذهب
الى أبعد من ذلك ويبدأ بإتصالات سريعة بالمنظمات التى تعمل فى المجال
التطوعى والسلطات التونسية والمصرية لتتعاون مع اللأجئين الإرتريين .
الرجاء أن نتوحد ولو للحظة واحدة لتخفيف المعاناة عن إخواننا الذين يمرون بظروف سيئة بتوجيه
نداءات الى السلطات المصرية والتونسية فى الحدود لتتفهم المأزق الذى يمر
به إخواننا العالقين وأن يوضحوا لهم أن بلدهم يمر بنفس عذابات الدكتاتوريات
التى مروا بها ، أى أنهم يشربون من نفس الكأس الذى شربت منه تلك الشعوب.
الرجاء
من إخوتنا فى ليبيا أن يتفقدوا بعضهم البعض كأفراد وجماعات حتى يأتى الفرج
وينتهى الدكتاتور وأعوانه ونعود الى أرض الأجداد الذى سوف يسود فى ربوعه
السلام والعدل والرخاء قريباً إن شاء الله.
ندعوا الله أن ينصر الشعب الليبى لينتفض من ركام الإذلال والهوان لينعم بالحرية ويقيم دولة تحترم فيها حقوق الأفراد والجماعات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق