بقلم / محمد امان ابراهيم انجابا
في بعض الأحيان هناك أحداث تجبر الإنسان علي الكتابة وتقوده ليسطر ذلك الموقف . لأن الأشخاص الذين يرسمون التاريخ ويضحون من أجل الأخريين قليلون .
في يوم : 2010/10/19 بينما أتحدث مع صديقي وأخي عبر الماسنجر دعاني لكي أتابع إمرأة تتحدث في إحدى (غرف البالتولك) علمت أن هناك حدث لابد من مُتابعته ، لأن عدد المشاركين في تلك الغرفة كان علي غير العادة ، وكانت بطلتها إمرأة إريتريه شجاعه تحمل قضية شعب ، وهموم اناس محرومين من أبسط الإحتياجات ( عجزه ، أرامل ، مرضى ، حوامل ، أطفال أباءهم إما في السجون وإما في الجيش يفتقدون للقمة العيش ناهيك عن الدراسة والمستقبل ، شباب غلبتهم الحيلة لاماؤي ولا عمل ، دور عبادة تفقتد الي أبسط المقومات الأساسيه سجادات ، مُصاحف ، إنارة ، مكبرات صوت).
فشدني حديثُها وهي تخرج العبارات وترسم معاناة إخوانها وتسرد الحقائق المره التي يعيشها الاف من الشعب الإريتري في تلك المعسكرات .
ورأيت الورود ترسل من هنا وهناك من قبل المشاركين في الغرفة تعبيرا وتقديرا لها لما تقوم به مع رفاقها من جهود جبارة من أجل خدمة أبناء شعبها في معسكرات اللجوء في اثيوبيا، وكان هناك من يبشرها من الشباب ويشد من أذرها عبر الميكرفون ، فمن تكون هذه المرأة ؟
إسمها صالحة
صالحة المرأة الإريتريه التي تصنع المعجزات بإرادتها وعزيمتها
صالحة المرأة التي تُجيد خدمة الأخريين
وتنطبق عليها الاية الكريمه: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) صدق الله العظيم
هي التي أجهشتني بالبكاء وجعلتني لا أنام تلك الليلة
صاحبت هم ومسؤليه جعلتني أكتب هذه المشاركة وأتمني أن أوفيها حقها وأعكس تلك المعاناة التي سردتها وروتها ، وأتمني أن أعكس لكم تلك الأجواء وحيثيات اللقاء ، ولكن شتان بيني وبينها لأنها صاحبة الألم ولأنها إمرأة قوية تعمل من أجل إسعاد الأخريين ، نقول الدنيا مازالت بخير.
من حضر الملتقي ربما يعرفها ، وقد عرفتُها عبر أحد المشاركين في الملتقي عندما أشار بوجود إمرأة حُبلي في شهرها التاسع من ضمن الحضور تكبدت كل المشاق لكى تحضر الملتقي ، وتعكس هموم شعبها ، فإندهشتُ وسألتُ نفسي لماذا هذه المرأة ضمن الحضور ووضعها لايسمح لها ؟ ، فعلمتُ انها إمرأة تحمل قضية ، لقد جسدت الدورالقيادي والريادي للمرأة الإريتريه التي مازالت تعطي ولاتتوقف من العطاء.
كنت أسمع حديثها وهي ترسم الحكايات والروايات والمعاناة في معسكرات اثيوبيا ، وكان يُقاطعُها الاخوان بطرح الأسئله وكانت تجيب بكل وضوح دون لبس .
مقتطفات من بعض المواقف والأحداث التي ذكرتها:
الحدث الأول : قالت :عندما قدمت الي المعسكر ، في الليلة الأولي لم أسمع صوت الأذان ، بل سمعته ضعيفاً من القرية المجاورة ، فسألت المؤذن اليوم الثاني( يا أبى لماذا الأذان لم يسمع في هذا المعسكر؟) (فأجاب المؤذن لاننا لا نملك مكبرات صوت وإمكانياتنا لاتسمح لنا بذلك ياإبنتي) . فإقترحت علي كل شخص يسكن المعسكرأن يخرج ( ملوه من الذرة ) من قوت يومه حتي يتم شراء الميكرفون ، فكانت لها ماأردات ، وبذلك تم شراء الميكرفون.
الحدث الثاني : المعلوم الأموات لهم حق علي الأحياء ، فعندما يموت أحد لايجدون كفناً له ناهيك عن إقامة المأتم والتشييع ، فيقومون بجمع المال من هناك وهناك ليتم شراء الكفن ، وكبار السن أيضاً لايمكلون ثمن العلاج .
فكانت صالحة سباقه للخير فخرجت لتعمل وتناشد أخوانها في المهجر وتروى لهم معاناة اخوانهم وتدعوهم للتبرع .
فكان صوتها قوى ، وكنت أسمعُ حديثها وينتابني شعور بالحزن من تلك الظروف الصعبه التي ألمت بأهلنا في اثيوبيا ، حتى إختنقت بالعبرة وعجزت عن التعبير.
إنها إمرأة تعمل وتجاهد لعمل الخير، فماذا نحن الرجال فاعلون نحو شعبنا وأمتنا ؟ كإريتريين يجب علينا أن ننظر الي من هم أحوج منا . ليبارك الله لنا في رزقنا ؟ .
فالعبارات والجمل التي أكتبها وأنسجها تكسوها الحياء والخجل لأنها لاتصور الحدث والمشهد الذي صورته وعكسته اختنا صالحة عبر غرفة البالتولك.
صالحة ومعها (16) شخص يعملون علي إدارة المعسكرات الأتيه :ـــــ
1/ معسكر ماي عينى وبه ( 2200 ) لاجئ
2/ معسكر عد حيش وبه ( 560 ) لاجئ
3/ معسكر شمبلي ( 60 ) لاجئ
إمرأة تترجل وتصنع المواقف وتعمل حتى تعيد البسمه للصغار وترفع الحرج عن الكبار وتصون أعراضنا من الضياع ، وفوق ذلك انها حامل لم تتوقف من العطاء وهي أم تواصل وتتواصل من أجل المحرومين ، لا تنام الليل فتسهر وتسأل ولاتخشي الحرج حتي توصل رسالتها وفي النهارينتظرها دوام وواجب وتتفقد كل من يحتاجون اليها ، تحرم ابناءها واسرتها من وقتها لأجل الأخريين.
فهي أكبر من هذه المشاركة المتواضعه ، كتبت هذه السطور من باب ( الدال علي الخير كفاعله ) .
فقلت عسي أجد من يشارك صالحة همها ، ويخفف معاناة الاف اللاجئين بمعسكرات اثيوبيا .
يقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام : ((من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) ..
والأحاديث في هذا الشأن كثيرة جدا .
وهذه أبيات من قصيدة الإمام الشافعي رضي الله عنه
ورزقك ليـــس ينقصه التأني *** وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يــدوم ولا ســرور *** ولا بؤس عليك ولا رخــــاء
إذا ما كنــــت ذا قـلب قنـوع *** فأنت ومالك الدنيا ســــــــواء
*لقد كتب مصطفى المنفلوطي في اهدائه لكتابه " العبرات"
يقول:
(( الأشقياء في الدنيا كثير، وليس في إستطاعة بائس مثلي أن يمحو شيئا من بؤسهم وشقائهم ، فلا أقل من أن أسكب بين ايديهم هذه العبرات ، علهم يجدون في بكائي عليهم تعزية وسلوى )).
وانا بدورى اناشد عبر هذه السطور كل الجاليات الإريتريه أن يساهموا بما يستطيعون في رفع معاناة اخواننا في اثيوبيا وثم إرسال تلك المبالغ التي يتم الحصول عليها عبر الاخت صالحة ورفاقها فإنهم أمناء ويمكن الوثوق بهم ، ونناشد كذلك كل الهيئات والمنظمات الخيريه والإنسانيه أن تستجيب لنداء صالحة ويتم التنسيق معهم ، حتي يتثنى لهم توصيل وتسليم تلك المبالغ للمستحقين والمحتاجين .
وهؤلاء النفر متطوعين وانتخبوا من قبل الاريتريين المقييمن في معسكرات اللاجئين باثيوبيا وهم يمثلون لجنة المعسكرات والمشرفين عليها ، ويقدمون الخدمات لكل الإريتريين دون تمييز .
نـنـــوه :ــــــ
كل من يريد أن يساهم في مساعدة هؤلاء المحتاجين يتم المراسله عبر الاميل ألاتي : Nedall55@yahoo.com حتي يتحصل علي رقم الهاتف أو بريد اكتروني لهذه المجموعة باثيوبيا .
وشكراً.
,,,,,,, وكان الله وراء القصد ،،،،،،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق