07‏/06‏/2010

فلنبداء ثورة التدوين والتوثيق

من اليمين إلى اليسار  محمد امان ابراهيم إنجابا
كل الأُمم تستخلص العبرمن التجارب التي خاضتها عبر التاريخ ، وتوثقها لكي لاتتلاشى وتندثر وتكون في طي النسيان مع عامل التغيير والزمن ، وتحتفظ بتلك الأحداث إما عبر الكتابة والتدوين ، وإماعبر التناقل من جيل الي جيل عبر القصص والروايات الشفوية
الي أخر جيل تتاح له إمكانية الكتابة والتدوين ، حتي تمُلك الحقائق والأحداث للأجيال القادمه .  نحن اليوم في أمس الحوجه الي من يوّثق ويؤلف لتجربة حركة تحرر وطني دامت ثلاثون عاماً، وثم الحقبة التي تلتها الي يومنا هذا ، أي ما تُقارب {خمسون عاماً من التضحيات والنضال}. بينما أصحاب التجارب يذهبون من بين أيدينا الواحد تلو الاخر، دون أن نسطر ذكرياتهم وبطولاتهم ومواقفهم ، وبذلك نكون فقدناهم وفقدنا أثرهم . 
وفي الطرف الآخر هناك من سرق جهد الأباء وإستبدل كل المسميات ، وإنفرد بالإنجاز وتنكر لهم ، بل ينتظر زوالهم لكي تنطوى تلك الصفحة معهم ، ويحول مسار التاريخ مع الوقت ، وينتهز عدم معرفة الأجيال لتاريخهم ويقطعون بذلك دابرهم ، ويبترون التاريخ. 
 فإذا نظرنا الي المكتبة الإرتريه العربيه تكاد تكون معدومه، وقد لاتغطى نصف قرن من النضال والتاريخ والكفاح ، وأيضاً الباحثون في التاريخ لايجدون مايستّقون منه الأحداث ، وأما من كتبوا في ذلك يُعدّ ويحصى ، وهم مشكوريين علي هذا الجهد الجبار ، وعلي رأسهم المناضل القائد الشهيد عثمان صالح سبي وأيضاً رفيق دربه المناضل محمد سعيد ناود اللذان لم ينقطعا من العطاء حتى رحلا من هذه الفانيه . أما في مجال الأدب والشعر حدث ولاحرج فيكاد ينعدم وينحصر في بعض الدواوين ولبعض الشعراء ماكان في عهد التحرير ، وجيل اليوم لايعرف عنهم شيء. نعم ندرك في الماضي كان الوقت للكفاح المسلح ومالازمهما ، وعدم وجود التقنيه وإمكانياتها. 
 أما اليوم يجب أن ندرك الوسائل والإمكانيات المتاحه لذلك قبل فوات الأوان ، وضياع صناع التاريخ من بين أيدينا، نعم دخول جبهة التحريرللأراضي السودانيه كان لهو الدور السلبي في تَلّف وفقدان أغلب الملفات والوثائق. بالتأكيد إنعدام بعض الملفات والوثائق يُصعّب من المهمه، وبذلك نكون فقدنا البراهين والشواهد التي تدعم الحقائق مما تترك مجالاً للشك والمغالطات. ولكن هناك رموز وقيادات ميدانيه عاصرت فترة الكفاح المسلح ، ومازالوا في المنفي وجزء منهم علي رأس المعارضه ، وقد عاصروا العهدين ، ويحملون أمانات رفاقهم الشهداء في دروب النضال والتحرير ، وتقع علي عاتقهم مسؤلية الأجيال القادمه ، وندعوهم أن يوصِلوا الأمانات لأصحابها الذين لايعلمون عن إرتريا شيئ ، سوي الإسم والوجه القبيح للدكتاتور الذي حرمهم منها، والأسوء من ذلك جعل إرتريا جزء من التقرنجيه وثقافتها، ومن لم يجِيّدها فهو مشكوك في إنتمائه ووطنيته وبهذا لاتوجد ثقافة أخري سوي التقرنجيه وكل المراجع والكتب بهذه اللغة  {فهذا زمانكُ يامهازل فأمرحي }. 
فندائ للرعيل الأول ان يوثقوا نضالاتهم وزكرياتهم حتي لاتدُفن معهم ، حتى يستمر تاريخهم لمئات السنين ، ويجعلوا الأجيال تذكُرَهم وتذكُرَ مواقف رفاقهم الشهداء. فعلينا أن ندرك الشخصيه الارتريه في طريقها للذوبان والتلاشي،وظهرنا مكشوف أمام العواصف العاتيه التي تهبُ علينا لتختلع وتنتزع هويتنا وإنتمائنا ، فذاكرتكم هي الأمل والحصن المانع وهي جسر التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل . 
فهنا أحاول أوجز بعض العوامل التي أدت لذوبانها:
 *لجؤ مايقارب نصف قرن من الزمان ليس بالأمر السهل ، لابد من ضريبة يدفعها اللاجئ وهو إنقطاعه من موطنه وموقع الحدث وعدم تفاعله مع تاريخه وجغرافيته، وكذلك الضغوط الإجتماعيه والإقتصاديه في المعسكرات والمخيمات وما يترتب عليها.  
*النظام في الداخل فرض ثقافة واحدة وقام بمحاربة الثقافات الأخرى، ونجح في قطع أواصر الثقافة العربيه وإستئصال جذورها وكل من يرمز لها. هذه العوامل وغيرها تستحيل علي المواطن العادي أن يقاومها ، مما يجد نفسه بين المطرقتين إما أن يذوب وينصهر في المجتمعات الأخرى التي قدم اليها ، وإما أن يستسلم للقراصنة  الذين هيمنوا على مكتسبات الوطن وطوعوا الثقافه واللغة لتخدم مصالحهم
 وعبر هذه السطور المتواضعه ندعوا ونناشد كل القيادات التاريخيه وعلي رأسهم المناضل القائد أحمد محمد ناصر والشيخ المجاهد حامد صالح تركي والمناضل إبراهيم محمدعلي والمناضل عبدالله جابر والمناضل محمد عمر يحي والمناضل احمد سويرا والمناضل عبد الله حسن والمناضل حسين خليفة وبقية المناضلين الأحرار، ندعوا الله أن يمنحهم الصحة والعافية ويمد في أعمارهم ، ثم بعد ذلك نناشدهم بأن يكتبوا ويدونوا كل الحقائق التاريخيه بعيدًا عن التجاذبات التاريخيه وعلي طريقتهم وأسلوبهم ، وأن يمارسوا واجبهم الوطني بالتجرد من العواطف والميول ، وبكل حياديه وإنصاف ، وأن يكشفوا عن أسباب التردئ والضعف في الثورة الإرتريه حتي نعالج أخطاءنا ونبحث عن الخلل والقصور ونتحمل المسؤليات جميعا ونذهب الي المستقبل  ونحن أكثر صلابة ، وفي النهاية هي تجربه بشريه تحتمل الخطاء والصوّاب، وهؤلاء الأخوة قيادات وأصحاب تجارب ،. لا يحتاجون الي نصيحه أو موعظه ، بل من باب {فذكر إن الذكري تنفع المؤمنين } نعم ربما همومهم ومشاغلهم التنظيميه سرقتهم ولم يجدوا الوقت. (التاريخ ملك للجميع وعبرالتدوين تحفظ جميع الحقوق ونتمكن من إنقاذ اجيال )
 ولن ينقطع الأمل طالما تواصلون المسيرة ويكفينا شرفاً تكونوا بيننا، ونناشد كذلك الكتاب وأصحاب الإختصاص أن تتضافر الجهود في هذا الشأن حتي نكمل المهمه ، وهناك بارقة أمل في نشأة نقابة الكُتاب الارتريين التي نالت عضوية نقابات الكتاب العرب حديثاً ، نتمنى من هذا المولود أن يلعب دوره المنشود ويعكس القضايا ذات الصله للأشقاء حتي تُفتح لنا المؤسسات العربيه أبوابها لتحقيق ذات الأهدف، حتي نحافظ علي هويتنا وتاريخنا. ونناشد أيضاً كل الكيانات السياسيه الإهتمام بالجانب التاريخي والتوثيق له ، وهو جزء من عملية النضال وتواصل المسيره وهذا لايقل شأناً عن العمل المسلح ، وأن تفرد له ميزانيات وتُفرّغ وتخُصص شخصيات لهذا الأمر، وأقل شيئ يمكن القيام به هو نشركتيب أو رسالة للرعيل الأول تحمل سيرتهم وصورهم وبعض الأحداث الهامه وتحفظ حقوقهم وينشطوا عبرها الذاكرة الإريتريه. 
 وفي الختام تقبلوا إعتزارى أيها الأباء إذا كان هناك خطاء أوقصور في الأسلوب أو عدم ذكر البعض فالمقامات محفوظه ، ولكم العتبى حتي ترضوا .

ليست هناك تعليقات: