26‏/05‏/2010

تحررت ارتريا وتبقى تحرير الانسان الارتري


محمد امان ابراهيم انجابا
كل الشعوب تسعي لتكرم صناع تاريخها وتحتفل بذكري الحدث الذي تحقق بسواعد أبطالها ورجالها الخُلص الذين مضوا في سبيلها وفي سبيل كرمتها وعزتها.
أما في ارتريا خلافاً لذلك ، نجد الأباء والأجداد الذين سطروا التاريخ بدمائهم واشلائهم ، اليوم هم في المنفي وخارج الديار يصارعون المرض والعجز بعد التضحيات الجسام ، ومنهم من ذهب عن دنيانا ولم يجد قبراً يسعهُ في أرضه حتي يدفن بداخله ، ومنهم من لقي حتفه في المعتقلات والسجون والبعض الاخر ينتظر ماذا يخبئ له القدر، وهو يتنقل من لجؤ الي لجؤ .
وبين هذا وذاك هناك من يسعي ليلاً عن طرف النهار ليسرق جهدهم وإنجازاتهم ، ويبدل المسميات والمصطلحات ويتنظر زوالهم حتي يحول مسار التاريخ مع غفلة وجهل الأحفاد والأبناء.
قلة وشرزمه تتسلط في العباد والبلاد وتنشر الفساد في الوطن ، ليس في قاموسهم كبير ولا صغير الكل تحت المداس وبلا كرامه ، {فاقد الشيء لايعطيه } فكيف نطالبهم بالخلق ، وهم لقطاء وأبناء شوارع لايعرفون الاحترام والتقدير ولايعرفون معني الشرف .
ففي هذا الايام تمرعلينا ذكري غاليه في نفوسنا والكل منا فقد أحد من أسرته وأقاربه من أجل إستقلال ارتريا ، ونحن بدورنا نتذكر صمودهم وتضحياتهم ونقف إجلال وتعظيماً لهم ، ونروي بطولاتهم للأجيال القادمه حتي لايضع جهدهم مع تنكر الأخريين والجحود لتلك المواقف والتضحيات الجسام .
وتحمل هذه الايام في طياتها ذكري الإستقلال المجيد الذي يتوافق مع تاريخ 24 /مايو وإرتريا تحت قبضت الدكتاتور الذي مازال أشد قسوةً من العدو الاثيوبي مرورا بكل حقبه التاريخيه ، إشارات بسيطه أود عبرها عكس جزء قليل من معانة شعبنا من جراء هذا النظام ومقارنته بالعدو الخارجي :ــ
لقد فقدنا من الشعب الارتري في عهد العصابه الحاليه أكثر من ما فقدناه في عهد أثيوبيا ، وأُغلقت معاهد وخلاوي لم تغلق من قبل في عهد الاستعمار ، وسجون ومعتقلات لاتعد ولاتحصي وبداخلها الاف الشباب وأساتذه ومشايخ ومناضلين ليس لهم أي ذنب إقترفوه ولاجريمه في حق أي أحد ، ولجؤ ونزوح داخل الوطن وخارجه هجرات عكسيه ، وهناك إغتيالات بدم بارد ، وتفريغ السكان وهدم منازلهم عنوة دون أي تعويض أو تسويه تارة بحجة دعم المقاومه وتجفيف مصادر الدعم وتارةً بتمليك الأرض للأخريين ، تحت عنوان الأرض ملك للسلطات ، تعطي لمن تشاء وتنزع كما تشاء ، وليس هناك قانون للملكية ، وزج الشباب في معارك خاسره دون أي هدف منها حتي يتثني لهم التحكم والسيطره .
فالوضع الحالي يدمي القلب من إضطهاد وظلم وذل في إرتري للمسلمين ، تنتهك أعراضهم ،وتغلق دور العبادات من مساجد وخلاوي ومعاهد ، ويمنع الشباب من تأدية العبادة في الخدمه الوطنيه ويعاملون كالقطيع والعبيد وليس مواطنين لهم الحقوق كما عليهم الواجبات في الوطن مثل الأخريين .
وهناك تجهيل وتغيب متعمد حتي تتمكن قوميه بعينها من ترجيح الكفة عندما يأتي التغيير لكي تكون السلطه حكراً لها ، وذلك عبر إستقلال موارد الدولة ،وإنتهاز وجودهم في السلطه وعلي هذا المنوال نظل نحن الأيدي العامله أي نتكفل بالبناء والتشييد ويترك لهم التنظير والتحكم في القرارات المصيريه.
أما في الخارج المعارضه يرثى لها وتدمع العين لما أصابها من عجز وضعف ولو لا ضعفها لما ظل النظام الغاشم الي هذا الوقت ، أما الشعب المقلوب علي أمره فتتقاذفه رياح الفقر والجهل والمرض فهذا الثالوث لم يترك في رمقه شيء وقد سرق فلذات أكباده وهو يعاني في داخل ارتريا وخارجها .
من ما جعل أكثر الشباب يكون فريسةًً للمافيات وقطاع الطرق في شتي البلدان العربيه والاوربيه .
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه كيف نحتفل بالإستقلال والحريه ونحن نعاني هذه المرارات ؟ وضحينا من أجل أن تكون ارتريا حره مستقله ليس حكراً أو ملكاً لاحد .
هل الإستقلال هو تحرير الارض أم تحرير الإنسان من العبوديه والإضطهاد ؟ أم هو حكم وطني بكل ماتعني كلمة الظلم والإستعباد؟، مقابل حكم خارجي ، فما الفرق إذا كان الحكم في الحالتين بالقوه والعنوه وتهجير أهل البلد وتفريقهم من مناطقهم دون سبب بمسميات متغيره ؟
هؤلاء القلة الذين يتحكمون في الوطن أصحاب قلوب عمياء وليس لهم منطق سوي التسلط ونكران تضحيات الأخريين الذين يقرون لهم بالحقوق والشراكه في الوطن ولكن أصابهم البشع والطمع ...
قد نلتمس العزر للذين لايعترفون بإستقلال إرتريا وهي في قبضة العصابه التي تتحكم في الوطن ، وتفرض ثقافتها وتتسلط وتنتزع الممتلكات دون أدني حق ...
قد يعتبرون هذا إستعمار بلون أخر ورائحته نتنه ، فنذهب معهم الي أبعد من ذلك في وصف الجرائم ووصف النظام ونؤكد لهم ما يرونه صحيح ولالبس فيه ، وليس هناك مغالطات في هذا الشأن.
ونقول لهم إن النظام زائل وارتريا لاصحبها وليس هناك شيئ صعب ،حتي نستسلم لهؤلاء القلة والحفنه ، فارتريا ليست بمعزل عن العالم الثالث بعد تحرير الارض تتجه نحو تحرير الإنسان من التسلط وحكم الفرد . فكل واحد منا يحتفل بطريقته ومنا من يطلق العنان لدمعات عينيه علي كل الشهداء والأبرياء الذين راحوا في السجون والمعتقلات وغرقاً في البحار هربا من ظلم الطاغيه ، ومنا من يقف إجلالاً للأبطال الذين أتوا بالحريه والإستقلال حتي مضوا الي ربهم شهداء ، ومنا من يسلك طريق النضال ويطلق رصاصته حتي زوال هذا النظام فلا تزحزح ولارجوع حتي نستعيد كرامتنا وحريتنا .
       من كان يخضبُ خدهُ بدموعه *** فنحُورنا بِدمائنا تتخضبُ.
فنحن في أمس الحوجه لعواتي ورفاقه الذين شقوا الطريق في العتمه وكانوا شعلةً في الظلام يهتدي بها الأجيال ، فليس هناك مكاناً بديلاً لارتريا وليس لدينا كلمة تسمى المستحيل .
نعم هناك من تعب مع طول الوقت ومشقة الطريق ويريد أن يستريح من النضال ، فنعتبرها إستراحة محارب ، وهناك من فقد الأمل مع طول عمر الدكتاتور الذي لامثيل له في الحقد والكراهية العمياء ، الذي يريد أن يمحوا كل التضحيات من سجل التاريخ ، فنسأل الدكتاتور وزمرته فكيف لكم أن تمحوا ملاحم ومواقف مشرفه لإجدادنا التي سجلوها في صفحات ذكرياتنا وتوارثناها عنهم أكابر عن أكابر؟ .
فنقول للذين فقدوا الأمل ، هذا حق وملك لكل الشهداء وإرث باقي وليس حكراً أو ملكاً لافورقي أوغيره، الكل يحتفل علي طريقته ويختار كيف يحي هذه الذكري حتي لايضيع جهد الأباء ويحقق الطاغيه رغبته في منع تواصل المسيره عبر هذه الذكرى مع الشهداء الذين سطروها بإحرف من نور ، وقد أدو واجبهم بإكمل وجه، وتبقىّ الشق المتعلق بنا وهو تحرير الإنسان الارتري من الإضطهاد والعبوديه حتي تكتمل الفرحه وننعم بالحريه والإستقلال الحقيقي في ربوع إريتريا الحبيبه ولكى من قلبي مليون سلام .
ولدي بعض الإشارات التي أود الوقوف عليها :ـــ
*إشاره خضراء لملتقي الحوار الوطني وهذا الملتقي ليس هو الغايه بقدر ماهو لقاء حتي نضع الخطوط العريضه التي ترشدنا الي مسار التغيير لكي لا يكون هناك لبس في الحقوق ، ونضع من خلاله النقاط علي الحروف.
وفي تقدير البسيط لايمكن حلحلة كل القضايا والملفات في مؤتمر واحد وفي فتره زمنيه وجيزه فنحن في حوجه لعدة لقاءت بناءه ، هذه هي نقطة البداية وليس ، النهايه وبداية الغيث قطره ....
*إشارة حمراء لدعاة مؤتمر السلام المزمع في لندن وغيره في هذا الشأن ، لاتهمنا الشخصيات ومراكزها ومشاركتهم أو عدمها ، بقدر ماهو طرح ومبادرة في توقيت خاطئ ، فنقول لهم يكفينا مجاملات ، نحن نعاني من ظلم وأضح لالبس فيه ولاغبار من طرف واحد، فالأحرى والأجدي أن يكون السلام فيما بيننا كإرتريين في بداية المقام ونبحث في ترتيب البيت الداخلي دون الهروب والقفز الي الأمام وترك القضايا الرئيسيه وتشتيت الجهود في قضايا ثانويه ، فاذا كنتم صادقين في نواياكم حقاً فالاولى بالسلام الارتريين ، أتركوا أقنعتكم وأظهروا بوجوهكم الحقيقيه ولاداعي ان تخلطوا الامور وتشوشوا علي الأخريين طريقهم ، فقد ولي عهد الخداع والغش نحن تعلمنا من الأخطاء السابقه وتحررنا من قيود الغفله وحسن النيه ، فنحن أبناء المعانة والظلم والقهر وندرك الحقائق ونسمي الأشياء بمسمياتها .

هناك تعليق واحد:

anjabba يقول...

اسمح لي اولا ان ابدي اعجابي الشديد بمدونتك الرائعة وبما تكتب.
ابشر يا اخى فالظلم سيزول كما زال ظلم الجبابرة على مر العصور فالنصر ات ات انشاالله لا محاله
و إن غداً لناظره قريب وسيأتي الفرج ويومئذ يفرح المؤمنون
(انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا)

اخوك محمد سعيد شيخ سراج, Ottawa,Canada