01‏/04‏/2014

رحيل أحمد محمد ناصر.... رحيل أُمة

بقلم / عبدالواحد شفا
بقلوب يعتصرها الألم والحزن والأسى تلقينا نبأ رحيل المناضل والرمز والمفكر الراحل أحمد محمد ناصر ، والذي برحيله فقدت الأمة الارترية علما من أعلامها، وخسر النضال الوطني الارتري قائدا ومناضلاً جسوراً سخر حياته لقضية شعبه بإيمان وصدق وتفان، ووقف مع نفسه موقف الشرف والإباء والتضحية في جميع قضايا الشعب ، فهو المناضل الصلب الرافض لجميع أشكال الإستسلام والخنوع
والظلم ، والمؤمن بحتمية انتصار المشروع التحرري أرضا وإنسانا . وهو إلى جانب تلك الصلابة المبدئية، كان وقورا متواضعا مع الجميع يجلس مع عامة  الشعب يستمع  أكثر  مما  يتكلم ، يستقبل الجميع بابتسامته التي تدخل القلب دون استئذان.
و لما كان الموت سنة كونية ماضية استجاب أحمد للنداء تاركاً حملاً ثقيلاً  ، وعليه  فإن الشعب مؤتمن  بالحفاظ على قيمة هذا الرمز ليبقى إرثا وأٌمثولة تاريخية للأجيال  تدفعهم نحو العمل و التضحية من أجل الحرية و العدالة والسلام...هذا الموروث القيمي وهذه التركة المفتوحة  قدرا للجميع   ينبغي أن نحسن التدبير والتقدير في توزيعها ..فأحمد لم  ولن يكن محسوبا على فئة دون أخرى ومنطقة دون أخرى  ..بل  كان رائداً وقائداً وزعيماً كتب له القبول من الجميع.

إن سيرة المناضل  أحمد ناصر ستبقى أبد الدهر منارة إنسانية ومثالٌ  يحتذى  بها  على طريق  الحرية والعدل والتقدم ، ولقد صاغ لنا أحمد
  منهجا إنسانيا عقلانيا يقوم على التسامح  والتفاضل و نبذ الحقد و تكريم الإنسان والاعتراف بالآخر من أجل بناء مجتمع حر يعيش في كنف الديمقراطية وفي قائمة المجتمعات التي يسود فيها العدل  والمساواة ،  ولذا يعتبر آخر المناضلين الصادقين  على   
 طريق القادة العظام من أمثال (كوامي نيكروما و جمال عبد الناصر )
      صدقاً أن الإحاطة بتاريخ رجل عظيم  إرتبط به تاريخنا السياسي  إنجازا وإخفاقا إزدهاراً وإنكساراً لم يكن لمثلي  أن يأتي به .
وطاقة مثلي غير خافية   %%%  والنمل يعذرٌ في القدر الذي حمل
  نحن نتناول إضاءات عامة  ومقتطفات   من سيرة الراحل  وهي   تتعلق  بمسيرته السياسية  ..لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، ما
الذي تميز  به  المناضل  أحمد عن غيره ؟  لا اعتقد أن الاجابه على هذا السؤال سهلة ولكن نحاول الاجتهاد مع آخرين حاولوا من قبل ..في ظني ما ميز هذا  الرمز هو
@  الصدق مع النفس والشعب  وبما إن اعتقاد الكثيرون إن الصدق لا ينفع  في عالم السياسة ، لكنه  جسّم  ونحت هذا الشعار في قاموس السياسة .
@ الأمر الثاني  التواضع  ومن تواضع لله رفعه ورزقه محبة في قلوب الخلق  ،وهو على عكس   المبتدئون في دنيا السياسة .يظنون أن التعالي والتكبر  والترفع    من لوازم  العمل  السياسي وهم  معذورون  في هذا  لأنه  مبلغهم من العلم  .
@  الأمر  الثالث  الذي ميز   الزعيم  احمد ناصر   هو  الشفافية
  والنزاهة المالية  ولم  تلحق به  شبهة  فساد  مالي  طوال  تاريخه  السياسي ،وهذا لعمري شرف  لا يضاهيه  شرف وفخر يحق أن   تكتحل به عيون جبهة التحريرالارترية أنها  قدمت  للشعب  مناضلا ورمزاً في مكانة  احمد  محمد ناصر  ، في وقت سقط   الكثيرون في مستنقع  الفساد  من   اتجاهات  شتى .
@ والأمر الأخير الذي ميز  الراحل  هو  رفعه  شعار  التعايش  مع   الآخر .وفهمه المبكر  لمعضلات المشكلة  الارترية  و قناعاته  الراسخة بأن الحل  هو  توافق الجميع  بلا استثناء  وبلا تهميش  حول برنامج  سياسي  وطني  يلبي احتياجات الجميع  بلا تميز  او تحيز  . هذه الرؤية  الجامعة  لا شك  هي الكفيلة  بان  تنقذ  الوطن من  سياسية  التقسيم والتفتيت  التي تنتهجها الفئة الحاكمة  . وتمارسها  المعارضة  للأسف الشديد . ويتوهم البعض بأن الحل  هو في الانفصال  وهو  أيضا  الطريق السهل للعاجزين  .
      حيرتي  تكمن  في كيف رحل احمد ناصر دون أن  يستأذن الشعب؟  وما كان للشعب أن يأذن له , لكن مقادير الله نافذة ولا معقب لحكمه .لكن بفقده فقدنا الرجل الوسط في المعادلة السياسية ،ولا شك هذا سيعمق من التيه السياسي الذي ضرب بنا  .
 الإخوة الكرام لايكفي  أن نتباكى لأيام معدودات  كلما فقدنا زعيما وقائدا في مكانة أحمد ناصر ، لكن الأمانة تقتضي أن نكون أوفياء لهم
في الدرب لان معركة العدالة والحرية لم تنتهي بعد  ، ومن كان يعمل لأحمد ناصر فأن احمد ناصر قد مات ومن كان يعمل لأجل هذا الوطن العملاق فأن الوطن باق لم يمت .
 أتمنى من الرفقاء والزملاء وكل من إحتك بهذا الراحل العظيم أن يساهم في إنشاء مشروع توثيقي شامل لجميع مراحل المناضل احمد ناصر وهذا من حقنا نحن ومن حق الأجيال القادمة  ، لان في ظني أن الكتابات حوله ضئيلة وذلك لطبيعة في شخصية الراحل ، كان زاهدا  لا يحب التفخيم آو التضخيم  وكان يعمل من غير ضوضاء ولا ضجيج
والكلام عن الفقيد صعب جداً و تتداخل فيه المشاعر و تعجز الكلمات أن تعبر عما يكنه الفؤاد من لوعة الأسى و ألم الفراق على رجل عز فراقه على جميع أهل ارتريا شرقاً وغرباً جنوباً وشمالاً، رجلاً اتفق عليه الجميع أن ارتريا  سينصلح أمرها إذا ولي الأمر لأمثال احمد ناصر، لأنه يعني العفة بكل ما تحمله هذه الكلمة  من معاني العفة في اليد واللسان.  الحقيقة عجزت المفردات اللغوية ان تسعفني في التعبير عما يتداخل ويختلط في نفسي  وجلست  لأكثر من يوم  ولم أستطع كتابة كلمات تليق بقامة الراحل فقيد الشعب .

لا ينتابني شك  في أن التاريخ والشعب سيحفظ لأحمد ناصر ناضله وجهده العظيم الذي بذله من أجل وطنه عبر تاريخه الناصع بالعطاء والذي تميز بوطنية صادقه وتجرد ونكران للذات .

وأخيراً اختم هذه الكلمات ببيت شعر شهير لابن زيدون كثيرا ما يكون حاضراً في ذهني عندما افتقد عزيز

أن الزمان الذي ما زال يضحكنا    %%%%  أنسا بقربهم قد عاد يبكينا

 اللهم أن احمد قد أفضى ليك وأنت عزيز حكيم 

ليست هناك تعليقات: