25‏/10‏/2012

الفضائية الارترية ... والصورة الزائفة .. ؟؟



بقلم / عبدالواحد شفا
هذا عصر الإعلام وذلك لما أصبح للإعلام من نفوذ وسطوة وطغيان لايمكن لأحد أن ينفك منه ،إذ انه بات  يدخل البيوت ويصنع العقول ويغير الإتجاهات ويُكون الرأي عام ، وبه يتصالح العالم أو يتناطح ،والدور السليم للفضائيات ينبغي أن يدور حول تزويد  المواطن بالإخبار الصحيحة والمعلومات والحقائق الموضوعية ،ومن ثم يتحقق التثقيف والتنوير وعليه يستطيع الفرد  قراءة الواقع الذي حوله قراءة سليمة ، وهذا هو الدور
المناط بالإعلام المحترم، وهو ما نجده في النظم المتعافية  ، إذ يعتبر  الإعلام عاملا من عوامل التنمية وعنصراً من عناصر التطوير والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لكن للإعلام في النظم الاستبدادية شأن آخر غير الذي نعرفه ، إعلام يرتكز علي التضليل والغش كقاعدة ينطلق منها ،ويسعى جاهدا لتفسير الإحداث بالطريقة التي تتفق مع الخط السياسي للنظام الحاكم أو نقل الفرد الحاكم .
سبب كتابة هذا المقال  هو أنني بعد انقطاع ليس بالقصير تابعتُ الفضائية الارترية ولمدة يوميين كاملين متنقلا بين فقراتها ،ومتأملا في محتواها ومضمونها ،فأصابتني الحيرة والدهشة والتي لم تنفك مني حتى الآن ،ومبعث دهشتي هو خبرين استوقفاني كثيراًّ!؟ لكن قبل الخوض في تفاصيلهما  هل القناة تعيش في هذا العصر؟ الذي أصبح فيه راعي الضان في خلائه يميز بين الإعلام  الصالح والإعلام الفاسد الذي لا دور له غير تمجيد الطاغوت .
 أما أول الخبرين  الذي تصدر النشرة الإخبارية هو افتتاح صيدلية في إقليم البحر الأحمر ، ولكم أن تتخيلوا افتتاح صيدلية ينشر ضمن قائمة الأخبار الرئيسية ،على ذمة  الخبر نفسه تعتبر الصيدلية الثالثة بالإقليم ،وتم استضافة مسئول الإعلام بالبحر الأحمر حتى يتحدث حول هذا ا(لانجاز العظيم )لحكومته؟ وكان السؤال هل بهذا تكون الولاية وصلت مرحلة الاكتفاء ؟أو بالأحرى هل الصيدلية تغطي احتياجات المرضى؟ كانت الإجابة وللأسف وبلا تفكير وبالسرعة وكأنه يسارع السؤال نعم نعم !.
وهنا وقفات  ! أولاً ما علاقة مسئول الإعلام بافتتاح الصيدلية ؟وهل الشئون الصحية وإدارة الصيدلة تتبع لمكتب الإعلام ؟ وهل الصيدلية وحدة علاجية خدمية أم  وحدة سياسية ؟  وكيف لثلاثة صيدلية أن تغطي احتياجات ولاية كاملة ؟ وهل تم حصر المرضى ومن ثم الأمراض المنتشرة ؟وعلى ضوء ذلك تم افتتاح الصيدلية؟ وكيف لنا أن نصدق هذا الكذب المكشوف ونحن نستقبل صباح مساء اتصالات من أهلنا وأقربائنا ومعارفنا ،وهم لا يجدون ابسط أنواع الأدوية دعك عن أدوية الضغط والسكري ومدررات البول والسرطان وأدوية الأعصاب والنفسيات لاسيما أن الشعب قد أصيب بها من جراء سياسات نظام (هقدف)
ولو اكتفت الفضائية بافتتاح الصيدلية لكان خيرا لها، لكن أن تدعي بأن الصيدلية كافية لمتطلبات الإقليم من الأدوية هذا نوع من أنواع الــ  propaganda، مع علمي مسبقا  بأن الصيدليات الحكومية في العالم الثالث تحصيل حاصل ، وان الأدوية المتوفرة فيها شكلية ، بمعنى أدوية الصداع والروماتيزم والدسنتاريا وما شابه ذلك ؟ وربما يكون جزء كبير من هذه الأدوية منتهية الصلاحية ؟ وذلك لان الصيدليات الحكومية لا تراجع بصورة دورية ،ولا تدخل تحت دائرة المراقبة من قبل ادراة الصيدلة ، وأنا اعلم أن نظام هقدف تعاقد ذات مرة مع مصنع( أيلي) في السودان  الذي تم بيعه فيما بعد ؟ وللعلم هذا المصنع السوداني تم إقافه أكثر من مرة بسبب الغش الذي مارسه في التركيبة الكيميائية لبعض الأدوية ،ومن اكبر الفضائح التي لازمت هذا المصنع هي كان يحتال بتاريخ التصنيع ! مثلا أدوية يتم تصنيعها الحقيقي في شهر يناير لسبب ما لم تخرج للمواطن إلا في شهر يونيو  فهنا لايكتب علي الصندوق التاريخ الحقيقي وهو شهر يناير؟ وهذا يتم حتى يتحايل المصنع على تاريخ الصلاحية ويمده إلى ابعد حد ممكن ؟؟
 المهم هذا نظام (هقدف) لايتورعُ في التعامل مع مصانع مشبوهة، ولايهمهُ أن  يتناول المواطن أدوية صالحة أم منتهية الصلاحية ، كما لايهمهُ أمر المواطن نفسه ابتداء؟ دعك عن علاجه ؟وفرص معافاته ؟
هذا الاسترسال في أمر الصيدلية يعني أن الفضائية الارترية تهرفُ بما لا تعرف ،وان هذه الصيدلية التي يطبل لها الإعلام لا تلبي شئي من  احتياجات المواطن الغلابان، وأنا اجزم ربما لايوجد فيها ( شاش رباط ) .
الخبر الثاني الذي استوقفني أيضا في أمر الفضائية العجيبة هو نشرها وليومين متتاليين خبرا حول جماعة بوكو حرام ، وان الجماعة قتلت كذا وكذا ،وهذا الخبر لم تنفرد به إلا فضائية هقدف وهو أمر فيه شيء من (الخبث) . تريد الفضائية أن تقول أن المسلمين هم الذين يقتلون أصحاب الديانات الأخرى ؟ تطرفاً وتعصباً منهم ،وهذا حتى يتم استعداء الطرف المسيحي في ارتريا على المسلمين ؟ أو على الأقل يتم تهيأتهم لاستقبال هذا المفهوم ،ومن هنا نقول بوضوح أن مسلك جماعة بوكو حرام هو مسلك خاطئ جملة وتفصيلا ،بالرغم من انه ناتج لرد فعل كما تقول النظرية الفيزيائية (لكل فعل رد فعل مساوي له في القوة مضاد له في الاتجاه ).
إلا أنه لايجدُ القبول ، بل عامة المسلمون يرفضون هذا الاتجاه  من التفجير وقتل الأبرياء  وإزهاق الأنفس  واخذ القصاص فرادى ،وهو أمرُ لايستقيم مع الفهم السليم للشريعة الإسلامية !
الذي يعنينا من هذا أن المواطن الارتري بشقيه الإسلامي والمسيحي على وعِ كامل بالذي يدور ، ولا يمكن أن تغير  مفاهيمه هذه (الفضائية الفقيرة) وان التركيز على خبر بوكو حرام المقصود منه إحداث وقيعة بين أبناء المجتمع الواحد ، وتحويل الصراع إلى صراع أيدلوجي ؟وهذا ما يريده إسياس ؟ ولا أميل إلى الرأي القائل بأن المقصود من هذا هو التخويف من الإسلاميين ؟ والسبب بسيط هو أن الإسلاميين لا يشكلون أي تحد للنظام ؟ حتى تصنع الفضائية منهم  ما يمكن تسميته بــــــــــــــــ      intimidation of islamists )) .
كنتُ أتوهم أن الجبهة الشعبية تمتلكُ  إعلاماً قويا كما كانت ولا تزال  تمتلك تنظيما امنياً قويا ،لكن الفارق كبير والصورة غير تلك الصورة ، وهذه المتابعة بينت لي أن خطابها الإعلامي هش وان الفضائية الارترية من أفقر القنوات شكلا ومضموناً .
وأعجب ما في الأمر ومن غير استحياء ترفع القناة شعار                   (serving the truth  ) وهذا الشعار ما هو إلا حلقة مكلمة لمشروع التزوير والتخدير والتغييب لتاريخ هذا الشعب من ناحية ،وللحقيقة نفسها من ناحية أُخرى ،والأعجب من ذلك النشيد الوطني (إرتريا إرتريا  تبوأت مكانها بين الأمم ) ، أظنهم يقصدون الأمم  التي تعيش خارج التاريخ ،ومن بين الأمم الأكثر نزوحاً في العالم ، ومن بين الشعوب الأكثر فقراً وجهلا وتشريدا ، هذه الفضائية لا تتعظ بغيرها ،فكم من فضائيات أكثر منها قوة أصبحت كالصريم ،فتنادوا طغاتها نادمين ؟؟؟
 أخيرا وحتى نلتقي في قضية اُخرى  ،لكم مني أفضل التحايا والتبريكات بحلول هذا العيد المبارك ،ونسأل الله أن يعيده علينا وشعبنا قد إنفك من هذا الجبروت ومن هذه الفضائية الزائفة ،كما لايفوتني أن اُهني مدونة انجابا العملاقة بهذه المناسبة وأن تكون في العام القادم أقوى عودا واميزاعرضا

ليست هناك تعليقات: