بقلم / عبدالواحد شفا
ترددتُ كثيراً حول
الكتابة في الشأن العام وما يتعلق به ، وأن أُبدي رأياً فماهو متاح ومنشور من قضايا سياسية وإجتماعية وثقافية
مطروحة هنا وهناك ، وهذا التردد
مبعثه ...
أولاًـ أنني لم أصل مرحلة الإنتاج والعطاء والمساهمة .
ثانياًـ أن الساحة مليئة بالكتاب على تفاوت إمكانياتهم ومقدراتهم ، ومؤهلاتهم العلمية والفكرية .
ثالثاًـ أن هذه الكتابة هي توقيع عن رب العالمين بمعني هي أمانة. رغم قوة قناعتي
هذه الا أن إلحاح وحجج الأخ المفضال / محمد
امان وإصراره عليّ كانت أقوى منها ، قال تعالى ( وتلك
حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه ). والشاهدُ أن هنالك من يوفقه
الله بعلم الحجة وهنالك من يوفقه
الله بعلم السياسه ، وهكذا ، وكانت
حجته أن الكتابة في الشأن العام بيان للحق
، والقاعدة الفقهية تقول عدم تاخير البيان عند الحاجة.
على كل هذا إختلاف طبيعي بيني وبينه ،في تقدير
الأمور وقياس المسافات ، وأن
الإختلاف سنة كونية تجري بين البشر نسبة لتفاوت الإفهام
والمدارك ،وزوايا النظر.
الملاحظة: هنا إنني تعجبت من إلحاح الأخ محمد امان ومصدر عجبي
هو أننا لسنا من مدرسة فكرية واحدة ، لكن
الراجحُ عندي هو توقعات أخي الكريم أنني سأكتب
ما ينفع الناس ويمكث في الارض .الاخ محمد امان منذ وقت مبكر يتمتع بروح
الحوار والتفاعل الإيجابي ،وكثيراً مايتصل بي من مهجره البعيد فاتحاً معي قضايا شتى ، بعضها ذو طابع خاص ،والكثير منها
يتعلق بهموم الوطن وأوضاعه المختلفة
،والحقيقة أن للأخ محمد امان طاقة غير
محدودة ،فهو يعمل على مدار الساعة ،وهذا هو سر
نجاح مدونته الحديثة وإحتلالها موقعا متقدما ومتميزاً على المواقع الأخرى .
المهم أن
المساهمة في الشأن العام مسئولية تقعُ علينا جميعا ، كل الذي نريده بلورة القضايا المعاصره، وما يتصل بها من فهمٍ
وتفسيرٍ وتنزيل ، ومن ثم تفكيكها ،ومعرفة
الصالح والطالح منها، وأخذ ما يلائم بئتنا
وما يتناسب مع مجتمعنا ، وإدارة الحوار
وإقامة علاقات بيننا تقوم على الفضل ، وبيننا وبين غيرنا تقوم على العدل ،وهذا هو الخط العام الذي
نقصده في السير ، وأن نقدم ما نراه
منسجما مع قناعاتنا ومع ما نحمله من فكر
وراي ، دون مجاملة أو محاباه لقريبٍ أو بعيد ، ونحن نقف
على هذه الثغرة مع اخوة كرام هم أكثر
وعياً وإدراكا منا.
هذه المقدمة كانت لابد منها ، لنلج ونسلط الضوء على أهم قضية في نظري ،ومايزال شعبنا يعاني منها ويدفع الثمن حتى
الآن ، وهي ما يمكن أن نسميه قيادات المعارضة وإدمان الفشل، أُعلم جيداً بإن
دمغ هذه القيادات بالفشل سيجلبُ لي متاعب
ومصاعب علي الصعيد الخاص ، لكن من أجل هذا الوطن تهون الأمور، ولينزف الجرح الخاص من أجل إيقاف نزيف الوطن ، سبب إختياري
لهذا الموضوع هو أنني قرأت مقالاً في بعض مواقع الأنترنت يدعوا فيه الكاتب قادة
المعارضة لكتابة المذكرات الشخصية ، تأملت هذا الأمر ملياً ، وقلت في نفسي ربما ضل
هذا الكاتب الطريق ، وإنه يقصد أناس أخرون .
أولاً : إن المذكرات لاتكتُبها القيادات
الفاشلة ،هذه القيادات شبت وشابت علي الفشل
،حتى أصبح الفشل ماركة سياسية حصرياً عليها .أقول إن هذه المذكرات لن
يقرأها أحد ، إذا تجاوبت هذه القيادات مع الدعوة وشرعت في كتابتها ، ماكنت أظن أن يصبح الفشل صناعة تتقن ومهنة تمتهن ، بل هنالك من أدمنه
وإعتاد عليه ،وتأقلم معه ، ما لفت نظري هو إنني وجدت ذات يوم على قارعة الطريق كتاباً يحمل عنواناً تعلم الفشل في 5 أيام ، على
غرار الكتب الصغيرة ، تعلم اللغة الإنجليزية في 5 أيام . فقلت في نفسي عجباً ،
الفشل أصبحت له مدارس ورواد ومؤلفون ،لكن السؤال هل توجد علاقة بين هذه المدرسة
وقيادات العمل المعارض عندنا ؟
أكد الأطباء أن
الصداع ليس مرضا منفصلاً ،وإنما هو أثر جانبي أو مضاعفات لأشياء أخرى، منها على سبيل المثال الإمساك ،وكذلك الفشل بالمثل ،فالذى يعمل بلا إمكانيات ولا مؤهلات لايمكن أن ينجح ،إلا عن طريق الصدفة.
حقيقة لم تكن
هنالك قضية تؤرقنى وتقضُ من مضاجعي في
الفترة الأخيرة مثل قضية هذه المعارضة، ومبعث القلق والأرق هو أن الناس يتوهمون
وجودها ، مع أنهم لا يعلمون مكانها ، لكن ينتظرون منها فتحاً مبياً ،وفرجاً قريبا ، فالنكن موضوعيين ، ونفترض جدلاً أنها موجوده، فالنسأل أنفسنا ماهو هدفها؟ وماهو برنامجها ؟ وماهو الإتجاه
الذي تسير فيه ؟ وما هو رصيدها الإجتماعي ؟ ومالذى أنجزته طيلة العشرون عاما ،وماذا قدمت لهذا الشعب؟.
المعارضة تنسى أو لا تعلم إن القضية في أصلها هي مايمكن أن نسميه علي طريقة شركات الاتصالات ( الدفع المقدم ) ،فلا يمكن أن
نتصور شعبا ما ،
يسلمك زمام أمره وهو لايعرفك ،أو
لم تقدم له شيئا .
لايختلف إثنان
حول ديكتاتورية النظام الحاكم اليوم ، وفشله فى إدارة الدولة ،وبطشه بالشعب ليل
نهار ... وهذا لايحتاج الى دليل ،،،،
لايصح في
الأذهان شىٌ **** إذا إحتاج النهار الى دليـــــــــــــــل
لكن أن لهذا
النظام مثيل فهو لم يكن بدعاً في العالم العربي والأفريقي ، فمثله كثر قديماً
وحديثاً ،فالذي لامثيل له هم السادة زعماء المعارضة ..
الناظرُ والمتابعُ لاحوال المعارضة في الدول المجاورة
بعضها إتخذ العمل العسكري وسيلة لإسقاط النظام ،
والبعض الآخر إتخذ من العمل
السياسى والإعلامى أيضاً وسيلة ، الشاهد أن أعمال هذه المعارضة
ملاٌ السمع والبصر ، القنوات الفضائية
تستضيفهم ، والصحف العالمية تحاورهم ،والأنظمة الغربية تحذر منهم . والنظام
الذى خرجوا عليه يعترف بهم ، أيضاً هنالك مثال بعيد من حيث جغرافية المكان ، أين نحن منه ؟ هل أتاكم حديث بناظير بوتو
،هذه المرأة الحديدية ، شهيدة القارة
الأسوية ، صاحبت المبدأ، المؤمنة بقضية شعبها ، ساقت نفسها الى الموت سعياً ، كانت كل القراءات والتحليلات تشير بل تؤكد بأن
دخولها باكستان سيعرضها للخطر ، حتى الكاهنة عندما قرأت لها في الفنجان ، قالت لها أن شيئاً مظلما ينتظرك؟.ضربت بناظير بكل هذه التحليلات
والتكهنات أرض الحائط ،فكان ما كان ،
رافعة شعار ..
. إما حياةٌ تسر الصديق **** وإما مماةٌ تغيظ النظام
الخلاصة أن
للصراع نظريات وقوانين وسنن ،عرفها من عرفها وجهلها من جهلها ، فمن عرف أدوات
الصراع كان أقرب الناس الى إحراز النتيجة ، ومن لم يعرف كان كحال إخواننا الكرام
متعهم الله بالحكم ولو في المنام .
وإذا سأل سائل ماهو الحل ؟ أقول الحل في مضمون هذه القصة:
يقول الإستاذ نوئيل تيشي أُستاذا الأعمال بجامعة متيشيجان ، أنه قد جاء يستشيره ذات يوم من عام 1991
مدير لإحدى شركات الهواتف ،وعليه علامات الهم ،ذكر أن الشركة التي كان يديرها لمدة عشرة أعوام،قد أصبحت مهددة بالإفلاس.
وذلك بسسبب التطورات التقنية التي تحدث
في صناعة الإتصالات، وهو يعتقد أن الشركة
ستبقى على قيد الحياة بشرط إحداث تغييرات كبيرة ،كأن تغير المنتجات، ويوسع نطاق إنتشارها ، ويغير نظام التشغيل
البيروقراطى... في داخلها، وتدخلها ثقافة
مهنية جديدة، تقوم على المنافسة، بدلاً عن
نظام الضبط والربط الذى كان تسير عليه ...
إستمع الاستاذا المستشار جيداً لما كان يقوله السيد المدير ،وهو يقدم تشخيصاً للأحوال المتردية في
شركته ثم قال المستشار بل إن
عمرك الأن قد بلغ 62
سنة . إن التحديث الحقيقى هو إيجاد خليفة لك..
بالطبع فان النصيحة الغالية لم
تعجب المدير، ولم يكن يتوقعها لأنه كان ينظر من داخل الصندوق ، ويبحث عن بدائل من داخل الصندوق كأن المشكلة
تكمن في الآخرين الذين ينافسونه ، أو
في الهزات التقنية التي تحدث في البيئة التي حوله . كأن التغييرات بالنسبة له لا تعني إعادة بناء الغرفة وانما يعني تحديث الأثاث،
وطلاء الجدران ، وتقليص العمالة ، وإطلاق
حملة من الدعاية، والإعلانات
التجارية ..والذي يحدث في الخارج ليس هزات وإنما زلزال مدمر للغرفة وإن المشكلة لاتكمن في الأثاثات،
ولا في الموظفين الكسالى ، وإنما تعود اليه شخصياً وأن حلها يمكن في مغادرته للموقع ، فهذا أمرٌ
مدهش، وثقيل على النفس....
ومغادرة الموقع أو المنصب أو الإستتقالة من القرارات الصعبة
،سواء في الموُسسات التجارية أو
السياسية ، لا يقدر عليه إلا أولو العزم من
القيادات والتي يستحيل وجودها في وضعنا الراهن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق