*البروفسير
جلال الدين محمد صالح شخصية أكاديمية معروفة تميزت بقوة الطرح
وكثرة
النشاط* ، تعرفت عليه في العام 1996 تقريبا والمكان دار الرابطة
الإسلامية لطلاب وشباب ارتريا ، والمناسبة دورة إدارية شرعية نظمتها
الرابطة لطلاب الثانويات ، وكان الدكتور جلال محاضرا ، ما اتذكره جيدا
خلاصة قوله وبالقول الواحد قال *أن حركة الجهاد الإسلامي الارتري لن
تنجح !!* وذكر سببا ( غريبا ) من نوعه داعما حجته ، قال هذا والحركة
كانت في أوج نشاطها وتحركاتها لاسيما والفترة فترة انشقاق ! ، وبمجرد
انتهاء الدكتور من كلامه انهالت عليه سهام من كل جانب كادت أن تطرحه
قتيلا ، هذا غير المداخلات التي *استنكرت واستكثرت عليه الدرجة العملية
التي يتمتع بها ، حتى مدير المنصة وهو رئيس الرابطة ارتفع حاجب الدهشة
عنده* ، وحاول أن يمتص الموقف بابتسامات ساخرة ماكرة . *شاءت الأقدار أن
نلتقي هنا مرة أخرى أيضا تحت جدل الأسماء قديما الرابطة الإسلامية واليوم
رابطة علماء ارتريا* . والحقيقة سعدت بحواره ورده الراقي وفي هذا أيضا
إشارة أخرى *أن ما يكتبه الصغار يقرأه الكبار .* كما يقول المفكر
التيجاني عبدالقادر .
اصاب
الدكتور فيما ذهب إليه أن مقالتي النقدية مدخلها الرئيسي تحفظات سياسية
، باعتبار أن المرحلة مرحلة مقاومة عامة ، ينبغي أن ينخرط فيها المجتمع
بجميع مكوناته ، من سياسيين ودعاة ومثقفين رجالا ونساء وفنانين وجميع
الشرائح ، فالاولى تسخير الطاقات تجاه المعركة التغييرية بدلا من تبديدها ،
المدخل الثاني للتحفظات هو مكاني ، لا يمكن النخبة الأسلامية أن تتخيل أن
واقع ارتريا هو السودان ، *فتستريح من رهق التفكير لتصحوا في ضحى
النهار بالمحاكاة رابطة علماء السودان بالمقابل رابطة علماء ارتريا ،
فالبيئة غير البيئة والمجتمع غير المجتمع* ، ولا ينسى اننا شركاء مع طرف
قابض شديد العناد ، وعليه الأولى رفع مظلات وتقديم اجتهادات تناسب مع
مرحلة وضع المسلمين المتسامح مع غيره في البلاد ، *هذا أنفع من صناعة
استقطابات عقائدية والمسلمون خارج الحدود .*
الأمر
الثاني لست ممن يرى أن قضية الدعوة قضية أنصرافية ، بل العكس قضية تحتل
موقع الصدارة في الفكر الإسلامي ، لكن تحفظي على الرابطة ليس من هذا
الباب كما حاول الدكتور تصويره ، *وإنما من باب الاستغلال السياسي لقضية
الدعوة وأنها تساق وفق رؤية يضعها السياسيون كمشروع ملحق* ، وجعلها مادة
جذب بين الأطراف ومدخل لكسب الأعضاء والمنتسبين للتنظيم لا للإسلام . وإلا
لو كان الأمر بالصورة الوردية النبوية التي أوردها الدكتور لما شاهدنا
صور التجييش والاصطفاف بل التواصي على إسقاط رموز دعوية من حملة الشهادات
العليا ، كل ذلك حصل في مشهد تراجيدي حزين ، يسقط في تصويت رابطة علماء
ارتريا دعاة متخصصون عاملون بالدعوة ، *ويفوز بالتصويت أناس لم يعرف لهم
علم ولا كسب ولا درس ولا محاضرة ، بل تحولوا إلى مجالات آخرى ابعد مسافة
عن روح الدعوة* . إذن والحال في الرابطة على هذا من حق المراقبين أن
يتسألوا ، والذي يجرى في دهاليز رابطة علماء ارتريا لا يمكن *تمريره على
بأنه مشروع دعوي بحت ، وبالتالي واجب المسلمون السمع والطاعة ، لا
استاذنا ما هكذا تورد الإبل !!*
النقطة
الثالثة تسائل الدكتور من قال ان التيار السلفي هو المتحكم ومن هو
السلفي ..؟ ومن غير السفلي وكلنا سلفيون ! الجامية وغيرها ، في اعتقادي
هذه ردود انصرافية أراد بها الدكتور عدم الإجابة المباشرة ،
والحقيقة ما كنت أتوقع أن تكون هذه نقطة خلاف الدكتور جلال يعلم قبل غيره
، بتفريعات المدرسة السلفية وبالجهة المتحكمة ، الجهة المسيطرة هي التي
اختارت آلية التصويت وفازت بأغلبية المقاعد ، في الوقت الذي سقط فيه
المستحقون .
أثار الدكتور
قضية مهمة جدا وهي مسألة التفويض وختم بقوله لا شيئا يسمى تفويض وإنما
هنالك تفويض ضميري ، وقولنا بالتفويض لم نكن نعني إجراء استفتاء شعبي ، ذاك
أمر بعيد ، وإنما المسألة حصول إلى قبول اجتماعي معقول أو نسبة مقبولة ،
وطالما وراء الرابطة والمتحكم فيها دعما وتموليا وتأسيسا ومشاركة هو
الجناح ( السفلي) *، فإن أصابع الاتهام والتصنيف الاجتماعي يطال الرابطة
كما طارد من قبل الحركة نفسها ، وقد أثار الدكتور حسن سلمان في مراجعاته
الاخيره بأن هاجس التصنيف الاجتماعي لاحق الحركة في كل مراحلها ، حتى
لاحظ ذلك التكوين الدكتور حسن الترابي وسأل عن أين الجبل ؟* وقطعا
التفويض لا يمنحه الجبل ولكن عدم وجوده مدعاة للتصنيف .
_
تتجدد أزمة الإسلاميين في اختيار العنوان العريض ، دون الاكتفاء
بالعنوان الذي يخدم الغرض ، فمثلا ماذا يخسر القوم لو سموا *جمعية السلام
الدعوية هذه أخف وقعا وامتدادا من الاسم المستفز رابطة علماء ارتريا ،
مستفز للآخر ومؤلم للذي لم ينال عضوية الدخول فيها بأي سبب من الأسباب
.*
قال الدكتور أن الغربة
التي نعيشها تشبه غربة الإسلام الأولى ، وفي هذا تخويف وتصوير غير دقيق ،
*وفي الحقيقة هذه أفكار قطبية انتهت إلى مأزق التصنيف الثنائي اسلام
وجاهلية* . والإسلام قديما وحديثا قائم على التدافع ، وبالحسابات
العادية يظهر الإسلام في حالة وقوة لا يستهان بها ، حتى قال أحد
المفكرين الغربيين بعد سقوط الاتحاد السوفيتي تبقى لنا الإسلام .
والإسلام الذي كانوا يرونه بعيدا أصبح يجتاح أروبا من أطرافها . وعليه
لا مجال للقول غربة بالتفسير الصحابي الأول .
والحقيقة
في اختيار الدكتور جلال لمفردة غربة جال وصال في خاطري مسألة في غاية
الأهمية وهي ربما أراد الدكتور بهذه المفردة تمهيد الطريق الى فكرة
الخلافة الإسلامية دون النظر إلى ظروف نشأتها والعوامل الذاتية والموضوعية
التي أدت إلى قيامها وانهيارها ، ليقوم مرة أخرى إلى محاولة إعادة
الفكرة وجر السنين إلى الوراء ، فكرة الخلافة ورطة أو مأزق آخر يقع
فيه بعض الإسلاميين ، *والمتأمل يجد استنفاد مضمون الإمبراطوريات في
الغرب والخلافة في الشرق في مرحلة واحدة كل باسبابه ولكن النتيجة واحدة* .
واصحبت الدولة القطرية هي الأنسب مع التحولات والمتغيرات الكبرى .
*وعليه أن كان يريد الدكتور استعادة الماضي العريق بالدعوة إلى
الخلافة الإسلامية لا شك انه صادق يعيش غربة . ليس بالضرورة أن تكون
غربة الإسلام وإنما وارد جدا أن تكون الغربة في الأفكار التي يحملها .*
واخيرا يحمد *للدكتور جلال أنه لا يتجاهل الأفكار ، وفيه أريحية نقاشية يجدها المرء في ثنايا النقاشات .*
*اجدد له شكري وتقديري*
بقلم / عبدالواسع شفا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق