*الحجر الذي رفضه البناؤون ... صار حجر الزاوية !!*
شهدت
مسيرة النضال والمقاومة في ارتريا أطروحات وشعارات شتى ،
وبمجموعها
نجد النفس الجغرافي والتضاريسي رابطا بين جنباتها وجوانبها ، هذا الرصيد
لم يستفد منه المعاصرون ، بل أصبحنا نشهد مظلات ليست وليدة المعاناة
الذاتية ، وإنما نسخا للتجارب المحيطة دون إدراك عميق لطبيعة المشكل
السياسي الارتري ، قديما طرحنا برنامجا للعمل السياسي تحت عنوان حركة
الجهاد الإسلامي الارتري دون مراعاة ما يمكن أن يحدثه الاسم في صفوف العقل
الجمعي للمكون الآخر من *إستدعاء واستنفار واستعداء* ، ودون إستيعاب
لطبيعة الصراع وتاريخه وامتدادته ، والذي في جوهره كان سياسيا وإن
تمظهر في بعض مراحله بمظاهر أخرى ، أزمة المسلمون أو بالأحرى
المجموعات المتصدرة للمشهد السياسي انها تضيق واسعا من آفاق الفكر
ومجالات العمل ، وعليه نجد العجلة دائما ظاهرة في محاولة الاصباغ
الأيديولوجي للصراع ، هذا التبسبط السياسي هو الذي ندفع ثمنه يوما بعد
يوم .
*ذاك العنوان
المطروح وفيما بعد تصارع الجميع على الاسم ، ثم تسارع الجميع في التنازل
عن الاسم طواعية ، ولكن بعد ممانعة ومكابرة طال امدها ، فلم تلتزم به
جماعة من الجماعات التي بدأت متحمسة له ، وأسباب التنازل هي ذات
المنطقيات التي أبداها المشفقون على التجربة ، ولكن لأن العقل الاسلامي
عقل تجريبي وليس تراكمي فلم يقبل بالنصيحة إلا بعد تجربة .*
حكي
لي سابقا احد المتقدمين في صفوف العمل الإسلامي الحركي ، انه وفي بداية
تأسيس حركة الجهاد قابل عدد من قياداتها المفكر عبدالله النفيسي بغرض
التنوير والتبشير ، وبعد أن استمع إليهم ، ضرب كفا بكف من شدة العجب
واختصر نصيحته لهم بأن هذا الطرح ارتريا ليست محله ، وطالما أن أفكارهم
وسحناتهم تشبه السودان فالأفضل لهم إحداث التوازن في السودان بهذا الطرح
الآحادي ، '' اما ارتريا ارتريا أرض محسومة '' انتهى كلامه بهذه
العبارة الصادمة ، قطعا النفيسي لا يقصد سلب الهويات ، وإنما يدرك
العاقل ما وراء القصة ومحور كلامه ، والذي تراكم من واقع خبرته وقراءة
النافذة للثابت والمتحرك ، *هذا يعني أننا نتحرك في مساحة جغرافية شديدة
التعقيد ، لا تقبل المجازفات والمزاج السوداني ،* لست مؤمنا بمقولة
التاريخ يعيد نفسه !! لكن اليوم أيضا نشهد تجديد ميلاد وتحركات لكيان
باسم المسلمين وبلا تفويض أيضا تحت غطاء ( رابطة علماء إريتريا ) ، لا
أدري مدى حاجة العباد لها ، وماهو مجال عملها ؟ هل الإفتاء في النوازل
وحاجيات وتحديات المجتمع ؟ الحقيقة من هذا الناحية لم تكن الحاجة ضرورية
إلى رابطة ، *ثم أين المجتمع نفسه ؟* وين المكان القانوني والطبيعي لهذه
الهيئات ، ألم يكن المناط توفير الجهد والعمل من أجل وطن كاد أن يتلاشى
، بدلا من التقليد واستغلال الأسماء والشعارات ، *أعجبت بالسؤال المركزي
الذي طرحه الأستاذ محمد رمضان هل نحن محتاجون إلى قيادة دينية في هذا
التوقيت ..؟* ام إلى قيادة سياسية تنقذ المجتمع من حالة الانسداد التي
ضربت أطرافه وآماله ، هذا وقد كان ألاولى توليد أفق جديد للتجديد في
باب المظلات بدلا من إعادة المجرب ، ولماذا نحن *فالحون في اهداء الآخر
أو النظام بالتحديد مشاريع سهل نقدها بل وتجريمها ..؟* وفوق هذا وذاك
الرابطة نفسها لم تسلم من إشكالات الداخل ، قبل تحفظات الخارج ،
فهي من ناحية نتاج ومحاولة إعادة تركيب بين أطراف اتسعت الرقعة ىبينهم
!! وصنع الحداد ماصنع ، *والصراعات التي شهدها منصة التأسيس أعادت إلى
الأذهان محطات مؤلمة وهواجس قديمة لم يستطع العقل السياسي الإسلامي
تجاوزها أو نسيانها ،* هذا فضلا عن طبيعة الرابطة ومكوناتها المحدودة
وآفاقها المقبوضة والأسباب من وراء تأسيسها وعملية المحاصصة التي صاحبتها
، *ولا يخفي على متابع أن الشق السلفي هو صاحب الفكرة والتمويل والغلبة
الديناميكية التى تحسم وتسيطر على الأمور والتكوين ،* وعليه لا يستبعد أن
تطالها الصراعات كما طالت ميادين السياسة من قبل ، لأن المحرك الأول هنا
هو الفعل السياسي والتجربة القديمة لا الفعل الدعوى المستقبلي كما يراد
له .
صفوة القول في
الوقت الذي تقدمت فيه النخبة الإسلامية في المنطقة العربية بتقديم
اجتهادات قيمة ومعتبرة بعد طول حفريات وبحث مضني مقارنة ومقاربة ، توصلت
فيه إلى فصل الدعوي عن السياسي ، *نجد الاسلاميون الارتريون يشكلون
كالعادة غيابا في زمن الحضور ..!* غيابا عن تحريك الشارع وإحداث التغيير
إسوة باخوانهم ، وغيابا عن الواقع وصناعة الافكار .
هذه
أفكار عامة نقدا للفكرة والمضمون من ناحية الزمان والمكان ، آمل من
الجميع قبولها دون تصنيف أو وصف بالرقة في الدين والتدين ، وقناعتي
الثابتة هذه الأفكار التي *نقدمها هي ( الحجر الذي رفضه البناؤون ...
وصار حجر الزاوية) .*
*هذا وليبقى ما بيننا*
بقلم / عبد الواسع شفا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق